الجنرال جون نيكولسون

أشار موقع "نيويورك تايمز" في تقرير له إلى أن القائد العام للقوات المسلحة الأميركية، دونالد ترامب، والجنرال جون نيكولسون، اللذان يقاتلان في الحرب الشاقة في أفغانستان لم يلتقيا حتى الآن منذ تولي ترامب مهام منصبه في البيت الأبيض، وحتى بعد أشهر عندما عقد الرئيس اجتماعًا مع فريق الأمن الوطني لاستكمال إستراتيجيته في أفغانستان، حيث كان نيكولسون، غائبا عن ذلك الاجتماع، وتعكس هذه المسافة البادية بين الرئيس وقيادته في أفغانستان تحولا ملحوظا في أطول حرب أميركية حتى الآن.

وعندما سُئل الجنرال نيكولسون، وهو من كبار القادة القدامى البالغ من العمر 61 عامًا، والذي وصفه زملاؤه بأنه "محارب مفكر"، في مؤتمر صحافي عقده في كابول يوم الخميس، إذا كان قد التقي بالرئيس مباشرة من قبل، قال "إن سلسلة القيادة، تعمل بشكل جيد وأننا نحترمها، من نواح كثيرة"، فيما شكلت الحرب الحياة العامة للجنرال نيكولسون حيث انه تولى قيادته في أفغانستان خلال إدارة أوباما، وحصل الجنرال على معظم ما سعى إليه في الإستراتيجية التي أعلنها ترامب مثل زيادة المدربين العسكريين الأميركيين والدعم الجوي في استهداف طالبان، غير أن الرئيس أكد أنه كان قد اقنع على مضض بإدامة الحرب، التي وصفها بأنها كارثة كاملة، ولم يكن رفضه للحرب واستدامة الجنود الأميركيين في أفغانستان أمر يتعلق بالثقة بالجنرال نيكولسون، في حين قال ترامب: "كان حدسي يدفعني للانسحاب من أفغانستان".

ولم يحظ الجنرال باهتمام كبير من ترامب لعدة أشهر، وقبل بضعة أسابيع فقط، تسربت أخبار بأن ترامب تحدث عن إقالته، وعلى الرغم من أن الجنرال نيكولسون قد يكون مفوضا حديثا للولايات المتحدة في أفغانستان، فقد قوض أيضا في نظر شركائه الأفغان.
 
وقال عمرو الله صالح، وهو رئيس سابق للمخابرات الأفغانية، عن حديث ترامب بشان إقالته للجنرال: "لم أكن مندهشا فحسب، لقد صدمت، إذ تبين لي كيف فُصلت واشنطن عن واقع أفغانستان، وواقع الجيش الأميركي"، ووصف الجنرال نيكلسون بأنه "شخصية نادرة واستثنائية "، موضحًا أن "الجنرال نيكولسون ليس الآن الوجه الأميركي للحرب فحسب، بل أيضا هو واجهة الاستمرارية الأميركية في التعامل مع الحكومة الأفغانية"، بينما أشار الجنرال المتقاعد شير محمد كريمي وهو الرئيس السابق للجيش الأفغاني، الذي عرف الجنرال نيكولسون لمدة عشر سنوات بقوله "لقد رأيت العديد من القادة الأميركيين هنا، ولكن الجمع بين الصفات التي يحويها نيكولسون - كجنرال محترف، وكزعيم يفهم ويرحب بالثقافة أمر نادر جدا"،

وأضاف الجنرال كاريمي "لقد شاهدته عندما كان عقيدا، حتى أصبح جنرال" وهو يجتمع مع شيوخ في خوست وفي نانغارهار، لتناول طعام الغداء، وشرب الشاي، والمناقشة حول الأمور الافغانية"، حتى قبل 11 سبتمبر/أيلول"، حيث كان الجنرال نيكولسون جزء من ضباط الجيش الذين شكلوا قوة للقتال، جولاته الثلاث في أفغانستان قبل وصوله كقائد أعطته معرفة غير عادية للبلاد، عندما قام الرئيس باراك أوباما بتصعيد حاد في عدد القوات، عمل في كابول نائبا عاما للعمليات، حتى عندما كان يعمل خارج البلاد، كان عمله متصلا في أفغانستان، وفي الفترة من 2009 إلى 2010، كان مدير لجنة التنسيق الباكستانية والأفغانية في البنتاغون، مما سمح له بأن يرى كيف سيكون الانتصار في أفغانستان مستحيلا إذا كان المتمردون يتمتعون بمأوى عبر الحدود، والتقي بنورين ماكدونالد، وهي باحثة قامت بحملة لترخيص الأفيون في أفغانستان للشئون الطبية،  وتزوجها، وبحلول الوقت الذي تم فيه اختيار الجنرال نيكولسون في آذار / مارس 2016 لقيادة الجيش الأميركي في أفغانستان، بعد فترة من عمله كقائد حلفاء الناتو في تركيا، استنزفت الموارد على أرض الواقع،

 وتحولت أولويات الولايات المتحدة إلى الكفاح ضد تنظيم "داعش"، وقد خفض عدد موظفي القيادة في كابول تخفيضا جذريا، مما اضطره للعمل بهدوء وراء الكواليس، في البداية، أمضى أشهر في محاولة إقناع الرئيس أوباما بوقف تخفيض القوات الأميركية وتوسيع سلطات القيادة من خلال السماح لهم بالذهاب إلى طالبان، وبعد ذلك، تماما حينما بدأ القتال هذا العام في أفغانستان، بدأت إدارة ترامب مراجعة سياسة أخرى، وعين الجنرال موظفيه لدراسة النزاعات الأخرى، بما فيها حرب العصابات الكولومبية والتمرد الماوي في الهند، للحصول على أدلة يمكن أن تساعد في الحرب، وقد لعب الجنرال نيكولسون أيضا دور الدبلوماسي، ليس فقط لأن السفارة لم تعين سفير منذ الشتاء، لكن أيضا لان السياسة الأفغانية الممزقة كانت بحاجة إلى الاحتفاظ بيد أميركية للحفاظ على المعارك السياسية من تقويض قوات الأمن في البلاد، وبينما ركز أسلافه إلى حد كبير على محاولة إدارة علاقة مع الرئيس السابق حامد كرزاي، الذي يتحدى بشكل متزايد الوجود العسكري الأميركي، فإن الجنرال نيكولسون لديه شراكة مريحة مع الرئيس أشرف غني وشريكه في الائتلاف، عبد الله عبد الله،

ولكن هؤلاء الشركاء يفتقرون إلى الدعم السياسي القوي في مواجهة المعارضة المتزايدة، وهكذا تدخل الجنرال الأميركي وقام برحلة هليكوبتر إلى فيلا عبد رب رسول سياف، وهو أمير حرب سابق في ضواحي كابول، واجتمع مع شخصيات أخرى حشدت ضد حكومة السيد غني، وقال أحد مساعدي السيد سياف إن رئيسه كثيرا ما وصف الجنرال بأنه "مستمع جيد"، وقال صالح، رئيس المخابرات الأفغانية السابق: "إن الجنرال يدرك أنه يعمل في مجتمع مجزأ، وأن التماسك داخل الدولة هش، وأضاف "أن حقيقة انه يتواصل مع مختلف الأشخاص الذين يهمون بالمشهد السياسي يظهر بعد نظره، ووصف المسؤولون الأفغان والغربيون الجنرال نيكولسون بأنه مهذب وودود في الاجتماعات، وقد حجب رواتب عشرات الآلاف الذين يشتبه في أنهم "جنود شبح" خياليين إلى أن يثبت خلاف ذلك، وعلق عقود الوقود بمئات الملايين من الدولارات بسبب الخوف من الفساد،

ومع استعراض ترامب للحرب الجارية بشكل جيد، زار الجنرال نيكولسون مقاطعة قندهار، وهي مركز التمرد السابق لطالبان، وأكد للمسؤولين المحليين أن الولايات المتحدة ملتزمة في أفغانستان وأن إستراتيجية الرئيس الأميركي التي لم تعلن بعد أظهرت ذلك، ولكن في الأشهر التالية، ووردت تقارير أن السيد ترامب يفكر في الانسحاب الكامل، وأثار أيضا فكرة اقالة الجنرال نيكولسون، وقال سيد جان خاكريزوال رئيس مجلس محافظة قندهار "لقد وعدنا بان الوضع لن يزداد سوءا وان الولايات المتحدة سوف تستمر في البقاء"، "بعد بضعة أيام سمعنا في وسائل الإعلام أن ترامب سوف يقيل نيكولسون.