الرياض ـ سعيد الغامدي
عبَّر "إعلان الرياض" الصادر عن القمة العربية الإسلامية الأميركية، التي انعقدت في العاصمة الرياض أمس الأحد، عن الارتياح لأجواء الحوار الصريح والمثمر التي سادت القمة التي استضافتها المملكة العربية السعودية، بحضور قادة وممثلي أكثر من 55 دولة عربية وإسلامية مع الولايات المتحدة، وما تم التوصل إليه من توافق في وجهات النظر والرؤى والتحرك إلى الأمام حيال عدد من القضايا الدولية والإقليمية الراهنة، مؤكدين أن "هذه القمة تمثل منعطفاً تاريخياً في علاقة العالمين العربي والإسلامي مع الولايات المتحدة، وأنها ستفتح آفاقاً أرحب لمستقبل العلاقات بينهم". وقال الإعلان إن "بعض الدول المشاركة مستعدة لتوفير قوة احتياط قدرها ٣٤ ألف جندي لمواجهة الإرهاب في سورية والعراق".
وجاء في "إعلان الرياض" ما يلي:
بناء على دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية، عقد قادة وممثلون لـ55 دولة عربية وإسلامية مع الولايات المتحدة الأميركية في الرياض، وثمن القادة بكل شكر وتقدير مبادرة خادم الحرمين الشريفين بالدعوة لهذه القمة التاريخية، كما ثمن القادة بكل شكر وتقدير هذه الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس ترامب، ومشاركته بهم هذه القمة وجهوده للإسهام في ما فيه خير المنطقة ومصالح شعوبها. وأبدى القادة ارتياحهم لأجواء الحوار الصريح والمثمر التي سادت القمة وما تم التوصل إليه من توافق في وجهات النظر والرؤى والتحرك إلى الأمام حيال عدد من القضايا الدولية والإقليمية الراهنة، مؤكدين أن هذه القمة تمثل منعطفاً تاريخياً في علاقة العالمين العربي والإسلامي مع الولايات المتحدة وأنها ستفتح آفاقاً أرحب لمستقبل العلاقات بينهم.
وأعلنت القمة بناء شراكة وثيقة بين قادة الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة لمواجهة التطرف والإرهاب وتحقيق السلام والاستقرار والتنمية إقليمياً ودولياً، واتفق القادة على سبل تعزيز التعاون والتدابير التي يمكن اتخاذها لتوطيد العلاقات والعمل المشترك، وتعهدوا بمواصلة التنسيق الوثيق بين الدول العربية والإسلامية مع الولايات المتحدة في القضايا ذات الاهتمام المشترك لتعزيز الشراكة بينهم، وتبادل الخبرات في المجالات التنموية، كما رحبت الولايات المتحدة برغبة الدول العربية والإسلامية في تعزيز سبل التعاون لتوحيد الرؤى والمواقف حيال المسائل المختلفة وعلى رأسها مضاعفة الجهود المشتركة لمكافحة التطرف والإرهاب.
1 - أكد القادة التزام دولهم الراسخ بمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله، والتصدي لجذوره الفكرية، وتجفيف مصادر تمويله، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع ومكافحة الجرائم الإرهابية بالتعاون الوثيق في ما بين دولهم.
2- ثمن القادة الخطوة الرائدة بإعلان النوايا بتأسيس (تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي في مدينة الرياض)، والذي ستشارك فيه العديد من الدول للإسهام في تحقيق السلم والأمن في المنطقة والعالم، وسيتم استكمال التأسيس وإعلان انضمام الدول المشاركة خلال عام 2018.
3- رحب القادة بتأسيس مركز عالمي لمواجهة الفكر المتطرف ومقره الرياض، مشيدين بالأهداف الاستراتيجية للمركز المتمثلة بمحاربة التطرف فكرياً وإعلامياً ورقمياً، وتعزيز التعايش والتسامح بين الشعوب.
4- نوه القادة بجهود الدول العربية والإسلامية في التصدي ومنع الهجمات الإرهابية، وتبادل المعلومات المهمة عن المقاتلين الأجانب وتحركاتهم في التنظيمات الإرهابية، والجهود التي تبذلها لمكافحة التطرف والإرهاب، وشددوا على أهمية الإجراءات المتخذة في هذا الشأن، وذلك بالتوازي مع التقدم نحو التوصل إلى تسوية سياسية للصراعات، معربين عن ارتياحهم للعمل مع الحكومة الشرعية والتحالف العربي للتصدي للمنظمات الإرهابية التي تسعى لخلق فراغ سياسي في اليمن.
5- رحب القادة باستعداد عدد من الدول الإسلامية المشاركة في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب لتوفير قوة احتياط قوامها 34 ألف جندي لدعم العمليات ضد المنظمات الإرهابية في العراق وسورية عند الحاجة، ورحبوا بما تم تحقيقه من تقدم على الأرض في محاربة "داعش"، وبخاصة في سورية والعراق، وأشادوا بمشاركة الدول العربية والإسلامية ودعمها التحالف الدولي ضد "داعش".
6- بيّن القادة قيام دولهم بتفعيل القرارات الدولية ذات الصلة في مجال مكافحة الإرهاب، وتطوير المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية للقيام بمسؤولياتها في هذا الصدد.
7- رحب القادة بما تم بخصوص فتح باب التوقيع على اتفاق تعاون في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، تتضمن تأسيس مركز لاستهداف تمويل الإرهاب، الذي ستقوم المملكة العربية السعودية مشكورة باستضافته في مدينة الرياض.
8- شدَّد القادة على أهمية وضع خطط واضحة لرسم مستقبل الشباب وبناء قدراتهم، وتعزيز مواطنتهم، وتوفير الفرص لهم، وتذليل كل العوائق التي تحول دون مساهمتهم في التنمية، وتحقيق أمن وسلام دولهم، والعمل على رعايتهم وغرس القيم السامية في نفوسهم وحمايتهم من التطرف والإرهاب.
وعن تعزيز التعايش والتسامح البناء بين مختلف الدول والأديان والثقافات، أوضح القادة رفض دولهم أية محاولة لربط الإرهاب بأي دين أو ثقافة أو عرق، وأكدوا عزم دولهم على حماية ونشر ثقافة التسامح والتعايش والتعاون البناء بين مختلف الدول والأديان والثقافات، وترسيخ هذه المفاهيم والمحافظة عليها وتعزيزها لدى الأفراد والمجتمعات:
1- أكد المجتمعون على أهمية توسيع مجالات الحوار الثقافي الهادف والجاد الذي يوضح سماحة الدين الإسلامي ووسطيته ونبذه كل أشكال العنف والتطرف، وقدرته على التعايش السلمي مع الآخرين، وبناء تحالف حضاري قائم على السلام والوئام والمحبة والاحترام.
2- شدد القادة على أهمية تجديد الخطابات الفكرية وترشيدها لتكون متوافقة مع منهج الإسلام الوسطي المعتدل الذي يدعو إلى التسامح والمحبة والرحمة والسلام، مؤكدين على أن المفاهيم المغلوطة عن الإسلام يجب التصدي لها وتوضيحها، والعمل على نشر مفاهيم الإسلام السليمة الخالية من أية شائبة.
وحول مواجهة القرصنة وحماية الملاحة، أكد القادة على أهمية تعزيز العمل المشترك لحماية المياه الإقليمية، ومكافحة القرصنة لحفظ الأمن والاستقرار وتفادي تعطيل الموانئ والممرات البحرية للسفن بما يؤثر سلباً على الحركة التجارية والنمو الاقتصادي للدول، وتم الاتفاق على دعم العمل المشترك لتطوير بناء القدرات والإمكانات لمواجهة عمليات القرصنة ومكافحة الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات بين الدول عبر الحدود والمعابر البرية والبحرية والجوية.
وعن آليات المتابعة، نوه القادة بأهمية متابعة برامج وأنشطة مجالات الشراكة بين العالمين العربي والإسلامي والولايات المتحدة، وأن تكون تلك الجهود حثيثة ومستمرة:
1- أكد القادة على أن التنسيق في المواقف والرؤى بين العالمين العربي والإسلامي والولايات المتحدة سيكون على أعلى المستويات، وصولاً إلى تحقيق ما تصبو إليه الشراكة الاستراتيجية بينهما.
2- كلف القادة الجهات المعنية في دولهم بالعمل على متابعة وتنفيذ مقررات إعلان الرياض، وتشكيل ما تحتاج إليه من لجان وزارية وفرق عمل فرعية وما يستلزمه من اجتماعات ومناقشات وتنسيق مباشر ورفع التقارير الدورية عن مدى تقدم تلك الأعمال.
3- أكد القادة على أهمية تعزيز البناء العلمي والتبادل المعرفي والتعاون البحثي وبناء القدرات في المجالات كافة، والتنسيق في ذلك وصولاً إلى أفضل الممارسات.
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أكد في كلمة افتتاح القمة العربية الاسلامية الأميركية، أن النظام الإيراني يشكل رأس حربة الإرهاب العالمي منذ ثورة الخميني وحتى اليوم، وأن المنطقة لم تعرف الإرهاب إلا بعد الثورة الإيرانية، مشيراً إلى أن النظام الإيراني رفض كل المبادرات في شأن حسن الجوار مع دول المنطقة. وشدد العاهل السعودي في كلمة افتتح بها القمة العربية - الإسلامية - الأميركية، بحضور قادة عرب وإسلاميين والرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس على أن المملكة لن تتساهل في محاكمة أي شخص يمول الإرهاب.
وأضاف الملك سلمان: "ظنَّ النظام في إيران أن صمتنا ضعف، وحكمتنا تراجع، حتى فاض بنا الكيل من ممارساته العدوانية وتدخلاته كما شاهدنا في اليمن وغيرها، ونحن نؤكد في الوقت ذاته على ما يحظى به الشعب الإيراني لدينا من التقدير والاحترام، فنحن لا نأخذ شعباً بجريرة نظامه". وأكد أن "الدول الإسلامية وشعوبها تعتبر شريكاً في مكافحة التطرف وتحقيق الأمن والسلم العالمي، وأن المملكة ستقف بحزم للتصدي لآفة الإرهاب الخطيرة على الإنسانية جمعاء". ولفت إلى أن "السعودية عانت طويلاً، وكانت هدفاً للإرهاب، لأنها مركز الإسلام وقبلة المسلمين، ويسعى الفكر الإرهابي لتحقيق شرعيته الزائفة"، كما أعلن إطلاق المركز العالمي لمكافحة التطرف، الذي يهدف لنشر مبادئ الوسطية والاعتدال ومواجهة التغرير بالصغار وتحصين الأسر". وأوضح الملك سلمان أن "المملكة عازمة على القضاء على تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية، أياً كان دينها أو مذهبها أو فكرها، وهو ما دعانا جميعاً إلى تشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب".
أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب فقال في كلمة خاطب فيها القمة، إن "إيران تمول وتسلح وتدرب الإرهابيين والميليشيات، إذ أشعلت إيران النزاعات الطائفية، وهي مسؤولة عن زعزعة الاستقرار في لبنان والعراق واليمن، كما أن التدخلات الإيرانية التي تزعزع الاستقرار واضحة للغاية في سورية، وبفضل إيران ارتكب الأسد الجرائم بحق شعبه، ويجب أن نعمل معاً لعزل إيران ومنعها من تمويل التنظيمات الإرهابية"، مشيراً إلى أن "الضحية الأبرز للنظام في طهران هو الشعب الإيراني". وقال: "المستقبل الأفضل في المنطقة يعتمد على طرد الإرهابيين، فالسعودية والتحالف الإقليمي قاما بعمل كبير ضد المتمردين في اليمن، ويجب أن تضمن الدول الإسلامية أن الإرهابيين لن يجدوا ملاذاً آمناً".
وأشار ترامب إلى أن "الولايات المتحدة ملتزمة تعديل استراتيجيتها لمواجهة أخطار الإرهاب"، مضيفاً: يجب أن نعمل على قطع مصادر التمويل للتنظيمات الإرهابية، لافتاً إلى "حزب الله" إحدى المنظمات الإرهابية، ومؤكداً أن الدول الإسلامية يجب أن تتحمل المسؤولية الكبرى في هزيمة الإرهاب. وقال: نحن "مستعدون للوقوف معكم للبحث عن المصالح المشتركة"، مضيفاً أن هذه القمة ستعلن بداية نهاية من ينشر الإرهاب.
وأكد الرئيس الأميركي "أننا اليوم نرسم التاريخ من جديد لافتتاح مركز عالمي جديد لمكافحة التطرف والأيديولوجية المتطرفة، ومن هنا في هذا المكان بالذات في الجزء المركزي للعالم الإسلامي، فإن هذا المركز العظيم الجديد سيكون إعلاناً بأن غالبية الدول الإسلامية لا بد أن تتولى القيادة لمكافحة التطرف"، معبراً عن امتنانه لخادم الحرمين الشريفين على ما أبداه من عزيمة قوية وقيادة رائعة. وقال إن "مستقبل المنطقة لا يمكن تحقيقه من دون هزيمة الإرهاب والأفكار الداعمة له"، مشدداً على أن "الشرق الأوسط يجب أن يتحول إلى أحد مراكز التجارة العالمية"، مضيفاً أن "هذه القمة تمثل بداية السلام، ليس فقط في الشرق الأوسط، بل في العالم، ودول الشرق الأوسط عليها أن تقرر ما هو المستقبل الذي تريده." وشدد على أن القادة الدينيين يجب أن يسهموا في توضيح خطر الأفكار الإرهابية، إذ إنه يجب مواجهة أزمة التطرف بكل أشكاله، مؤكداً أنه يجب دعم ثقافة التعايش واحترام الآخر في الشرق الأوسط.
وأطلق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس المركز العالمي لمحاربة التطرف والإرهاب "اعتدال" الذي يهدف إلى منع انتشار الأفكار المتطرفة من خلال تعزيز التسامح، ودعم نشر الحوار الإيجابي.
وفي شأن آخر، تبادلت دول مجلس التعاون الخليجي الست والولايات المتحدة الأميركية أمس مذكرة تفاهم لتأسيس مركز يستهدف ضرب تمويل الإرهاب. ومثّل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي في تبادل مذكرة التفاهم ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، ومن الجانب الأميركي وزير الخارجية ريكس تيليرسون.
وفي مؤتمر صحافي، قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إن الحرب على الإرهاب لا علاقة لها بالأديان أو الطوائف أو الأعراق. وأشار إلى أن إيران تواصل تدخلاتها في اليمن والعراق وسورية، كما تواصل دعمها لـ"حزب الله"، مضيفاً أن واشنطن ستواصل فرض العقوبات على إيران. وأضاف: "على إيران وقف رواتب المقاتلين في دول المنطقة، إذ إنها تواصل أنشطة الهيمنة في المنطقة"، مشدداً أن "على إيران وقف دعم الإرهاب والتدخل في شؤون دول الجوار".
من جانبه، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير: إننا نثق بوعود الرئيس الأميركي، وندعمه في جهود إحلال السلام".