وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان

كشف مصدر فرنسي رفيع المستوى، أن زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لطهران الأسبوع الماضي، هدفت إلى إيصال رسائل واضحة للقيادة الإيرانية تمنع حسابات خاطئة في شأن المواقف الفرنسية والأوروبية والأميركية والعربية والإسرائيلية، خصوصًا مع اقتراب موعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالنسبة إلى تمديد تعليق العقوبات على طهران بموجب الاتفاق النووي.

وأضاف المصدر أن الوزير الفرنسي قال للقيادة الإيرانية إنه حريص على العلاقة الثنائية وعلى حماية الاتفاق النووي، على أن تستمر طهران في التزامه لتطمين واشنطن، كما تحدث عن القلق البالغ من السياسة الإيرانية الخاصة بالانتشار الباليستي وتكثيفه في المنطقة بما يشكل تهديدًا لها. وتابع أن لودريان فصّل لكل من الرئيس حسن روحاني والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، ووزير الخارجية جواد ظريف، البرنامج الإيراني الباليستي في المنطقة، قائلًا إنه "غير مقبول"، كما هو شأن تزويد القدرات والتقنيات الباليستية للحوثيين ولـ "حزب الله" وللنظام السوري.

وأوضح المصدر أن وزير الخارجية دعا طهران إلى استخدام تأثيرها على الحوثيين لوقف قصف السعودية، والذهاب إلى طاولة المفاوضات، مضيفًا أن لإيران في سورية تأثيرًا على الرئيس بشار الأسد، وحضورًا عسكريًا على الساحة السورية يتيح لهم وقف قصف الغوطة وإجبار الأسد على المفاوضات، كما أن لديها القدرة في لبنان على ضمان سياسة النأي بالنفس عبر تأثيرها على "حزب الله"، مشددًا على أن سلاح الحزب وسياسته في المنطقة غير مقبولة.

وقال المصدر إن الرد الإيراني كان واضحًا ومتوقعًا، إذ شكك شمخاني وظريف بالتزام فرنسا الاتفاق النووي، وقالا إنه في حال لم تعد أوروبا والولايات المتحدة مهتمتين بالاتفاق، فإيران أيضاً لن تبالي به، إلا أن لودريان رد بعدم وجود داع لاستمرار النقاش إذا كان سيأخذ هذه المنحى، وأن العودة إلى فرنسا أفضل، فغيرا اللهجة وعاتباه لأن البنوك الفرنسية لا تموّل الأعمال والتجارة في إيران، فأقر الوزير بالعوائق، قائلاً إن هناك جهوداً لرفعها، وأن التجارة الفرنسية مع إيران زادت أربع مرات في غضون سنتين، خصوصاً صادراتها إلى فرنسا، موضحاً أن باريس وقعت مع طهران اتفاقات في قطاع الطاقة والنقل وغيرها بالبلايين، ما يظهر أن فرنسا التزمت الاتفاق النووي.

وأشار المصدر إلى أن الرد الإيراني تضمن أيضاً أن "حزب الله" يلعب دور المساهم في الاستقرار، فيحمي لبنان ضد إسرائيل و "داعش"، كما يقاوم هذا التنظيم في سورية، وأن الوجود الإيراني على الأرض السورية جاء بطلب من الحكومة الشرعية، داعياً إلى إعادة استقرار الدولة، وعندئذ بالإمكان التحدث عن حكم جديد، ومشددًا على أن الأسد الآن هو الشرعية.

ونقل عن لودريان تشديده على أهمية مفاوضات جنيف بين المعارضة السورية والنظام، وأشار إلى الوضع الإنساني في الغوطة حيث لا أحد يمكنه الادعاء أن كل المعارضين إرهابيون، لأن عدد الإرهابيين هناك محدود جداً، مؤكداً أن على إيران أن تضغط على الأسد لتنفيذ قرارات مجلس الأمن.

 

وفي الشأن اليمني، قال المصدر إن الجانب الإيراني قال إنه يحاول إقناع الحوثيين بالتوجه إلى طاولة المفاوضات، فيما التزم الرئيس الإيراني موقف بلاده التقليدي من الملفات المختلفة، لكنه أصر على الحفاظ على الاتفاق النووي واستمرار الحوار مع فرنسا. ونقل عن لودريان قوله إن هناك جدولاً زمنياً مستعجلاً ينبغي العمل به للتقدم على الملفات، خصوصاً قبل أيار/مايو المقبل عندما يأخذ ترامب قراره في شأن الاتفاق النووي الإيراني.

واستبعد المصدر الفرنسي أن يقوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارة قريبة لإيران في الظروف الحالية، معتبرًا أنه لن يقلب تحالفات فرنسا من أجل اصطفاف إلى جانب إيران وكوريا الشمالية وروسيا. ونقل عن الرئيس قوله إن الزيارة ليست مطروحة حاليًا، ولا يُمكن أن تتم إلا في الظروف التي تسمح بذلك.

وعما إذا كان انفتاح ترامب على كوريا الشمالية سيؤدي إلى إبقاء ترامب على الملف النووي الإيراني، قال المصدر إن باريس ترى أنه في حال أرادت الولايات المتحدة اتفاقاً ذا صدقية مع كوريا الشمالية حول النووي، فينبغي التزام الاتفاق مع إيران، لكن إن أُلغي هذا الاتفاق في وقت تكرر وكالة الطاقة الدولية أن إيران ملتزمة واجباتها، فعندئذ تكون الرسالة إلى بيونغيانغ أن الاتفاق حول النووي مع الولايات المتحدة ليست له قيمة.