المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل

ألقت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، خطابا متلفزا لمناسبة العام الجديد، وتعهدت بالعمل في صالح كل الألمان، وتشكيل حكومة جديدة للمساعدة في ضمان تحقيق النجاح إلى 2018 وما بعدها.

وأقرّت ميركل بأنه على الرغم من القوة الاقتصادية للبلاد، يشعر الألمان أنهم في المرتبة الثانية، وذلك بعد التقييم الصارخ للانقسامات في المجتمع الألماني والذي أدى إلى النتيجة المجزأة في انتخابات 24 سبتمبر/ أيلول، ووعد بالاهتمام باحتياجات المواطنين لمواجهة تحديات المستقبل.

وتحمل السنة الجديدة تحديات خاصة للسيدة ميركل والتي تعاني من ضعف وتكافح من أجل تشكيل الحكومة الجديدة مع شراكائها القدامى بعد فشلهم في تشكيل تحالف مختلف.
وستبدأ المحادثات الاستكشافية مع الديمقراطيين الاشتراكيين في 7 يناير/ كانون الثاني، وسط ضغوط شديدة لتجنب إجراء انتخابات أخرى، ويخشى الكثيرون من أن يقوي ذلك حزب "بديل من أجل ألمانيا" وهو حزب قومي شعبوي فاز بقاعده الأولى في البرلمان 2017.

وأصبح الحزب القومي أول حزب يدخل البرلمان منذ عقود على يمين الكتلة المحافظة للسيدة ميركل، وحصل على نسبة تصويت 12.6%، حيث جذب الناخبين الألمان الذين يعتقدون بأن مصالحهم لا يمثلها النواب في برلين، وكانوا غاضبين سياسات ميركل بشأن الهجرة.

وفي التقاليد القائمة على توافق الآراء السياسية الألمانية، سيشكل واحدا من أكبر مجموعتين الحكومة مع مجموعة أصغر، وقد حجب نجاح الحزب الشعبوي هذا الخيار، وأجبر السيدة ميركل على مفاوضات تحالف محرج، وبعد ثلاثة أشهر من الانتخابات، ما زالت تكافح من أجل تشكيل حكومة.

وتعد التوقعات الاقتصادية في ألمانيا وأوروبا أفضل مما كانت عليه منذ عقد على الأقل، حيث أصدر البنك المركزي الألماني أرقام في وقت سابق من هذا الشهر، تشير إلى زيادة النمو 2.5% في 2018، كما أن فضيحة الانبعاثات في شركة "فولكس فاجن" وغيرها من شركات صناعة السيارات لم تؤثر كثيرا على الاقتصاد.

وقال المحللون إن ألمانيا تحتاج إلى الاستثمار في بنيتها التحتية، للدفاع عن قدرتها التنافسية على المدى الطويل، ومع قلة البطالة ستواجه البلاد نقصا في اليد العاملة ما لم تتمكن من إدماج المهاجرين في قوة العمل، وهذا يعني إنفاق المزيد على التعليم والتدريب، حسبما ذكرت المستشارة في كلمتها.

ولا تزال ألمانيا واحدة من أغنى الدول في العالم، فهي موطن لأربع أكبر شركات في العالم من حيث الإيرادات، وفقا لفوربس، وواحدة من أعلى متوسط للدخل في الاتحاد الأوروبي، ولأدنى معدل للبطالة بنسبة 5.6%، ولكن الفجوة بين الأغنياء والفقراء توسعت خلال فترة حكم ميركل البالغة 12 عاما، تاركة خلفها 16% من السكان المعرضين لخطر الفقر، وفقا للأرقام الحكومية، فالبلد الذي يفتخر بنظامه الاجتماعي المتكافئ للسوق يشعر الآن بقدر أكبر من انعدام الأمن.

وأظهرت الأرقام الصادرة عن منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أن 14% من الأطفال في ألمانيا يحصلون على استحقاقات الرعاية الاجتماعية، وأشارت إلى أوجه التفاوت في النظام المدرسي، إذ يتاح للأطفال من الأسر الأكثر ثراء فرصة الوصول إلى الجامعات أكثر من الأسر الفقيرة. وقالت السيدة ميركل إن هناك الكثيرين قلقون من زيادة الجرائم والعنف، ويتساءلون عن كيفية تنظيم الهجرة في البلاد.

ووصل إلى ألمانيا قرابة المليون لاجئ من سورية والعراق وأفغانستان، في 2015-2016، ويعد ضمان اندماجهم في المجتمع الألماني أحد التحديات الرئيسية لأي حكومة مستقبلية، ولا يزال وجود عدد كبير من اللاجئين في ألمانيا مصدرا للاحتكاك، مما يساعد في تغذية الانقسامات التي تناولتها المستشارة في خطابها.

ويترك المأزق السياسي لميركل، العديد في الاتحاد الأوروبي يتساءلون حول اعتمادهم على ألمانيا في سحب الوزن التقليدي باعتبارها الزعيمة الفعلية للاتحاد.

ودفعت الانتخابات الفرنسية والألمانية في عام 2017 إلى ظهور قرارات خطيرة على منطقة اليورو، حيث اللجوء والهجرة وغيرها من القضية، والتفاوض على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ودعت ميركل في خطابها للتعاطف وكبح جماح الكراهية على شبكة الإنترنت، وتعميق الانقسامات في المجتمع، وبموجب القانون الجديد، والذي يدخل حيز التنفيذ الإثنين، يتعين على شركات وسائل التواصل الاجتماعي مسح أي تعليقات تتعلق بالكراهية خلال فترة زمنية محددة، أو مواجهة غرامات تبدأ من 5 ملايين يورو وتصل إلى 50 مليون مليون.​