القاهرة ـ مصر اليوم
استعرضت مصر، خلال اجتماع أممي أمس بالقاهرة، ما اعتبرته «تأثيرات سلبية» متوقعة لـ«سد النهضة» الإثيوبي على النيل، مؤكدة حرصها على استكمال المفاوضات، للوصول إلى اتفاق يحفظ «حقوقها المائية» ويلبي طموحات جميع الدول في التنمية، فيما اعتبر رئيس الوزراء الإثيوبي أن السد يمكنه أن يلعب «دوراً حاسماً» في تعزيز التكامل الإقليمي. وتتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا، منذ 10 سنوات، للوصول إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، لكن المفاوضات لم تسفر عن أي نتائج. ومنتصف الشهر الحالي، دعا مجلس الأمن الدولي الدول الثلاث، إلى استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي، مشدداً في «بيان رئاسي» على ضرورة التوصل إلى اتفاق «مقبول من الجميع ومُلزم، وضمن جدول زمني معقول». وتتمسك مصر ومعها السودان، بإبرام اتفاق قانوني مُلزم ينظم عمليتي ملء وتشغيل السد، فيما ترفض إثيوبيا إلزامها بما تعتبره حقها في «التنمية».
وخلال حفل تشكيل الحكومة الإثيوبية الجديدة، قال آبي أحمد الذي انتخب رئيساً للوزراء للمرة الثانية، إن السد «سيلعب دوراً حاسماً في التكامل الإقليمي وتعزيز العلاقات بين الدول المجاورة، بالإضافة إلى فوائد اجتماعية واقتصادية متعددة الأوجه على المستوى الوطني». وقال رئيس الوزراء إن «نهر النيل له معنى كبير للإثيوبيين على الرغم من فوائده الاقتصادية»، لافتاً إلى أن «جميع الإثيوبيين ملتزمون بإكمال السد من خلال المساهمة من دخلهم الصغير».
في المقابل، التقى وزير الموارد المائية المصري محمد عبد العاطي وفداً من المنظمات الدولية التي تعمل في مجال إدارة الموارد المائية، برئاسة إلينا بانوفا المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر، وسيلفان ميرلن القائم بأعمال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمصر، وممثلين عن الاتحاد الأوروبي وسفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وهولندا وفنلندا؛ حيث عرض استراتيجية وخطة إدارة المياه في مصر حتى 2050 لمواجهة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية.
وقال عبد العاطي إن موارد مصر المتجددة من المياه محدودة ومعظمها يأتي من مياه نهر النيل، بالإضافة إلى كميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري، وفي المقابل يصل حجم العجز بين المتاح والاحتياج الفعلي إلى 90 في المائة من الموارد المتجددة، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية السطحية بالوادي والدلتا، بالإضافة إلى استيراد منتجات غذائية من الخارج.
وعرض الوزير الموقف المائي المصري وحجم التحديات التي تواجه قطاع المياه في مصر وعلى رأسها الزيادة السكانية والتغيرات المناخية، كما استعرض الموقف الراهن إزاء مفاوضات «سد النهضة»، مشيراً إلى أن حجم مياه الأمطار في إثيوبيا، يصل إلى أكثر من 935 مليار متر مكعب سنوياً من المياه، وأن 94 في المائة من أراضي إثيوبيا خضراء، في حين تصل نسبة الأراضي الخضراء في مصر إلى 4 في المائة فقط، وأن إثيوبيا تمتلك أكثر من 100 مليون رأس من الماشية تستهلك 84 مليار متر مكعب سنوياً من المياه وهو ما يساوي حصة مصر والسودان مجتمعين، بالإضافة إلى استهلاكها للمياه الزرقاء والمخزن منها 55 مليار متر مكعب في بحيرة تانا و10 مليارات في سد تكيزى و3 مليارات في سد تانا بالس و5 مليارات في سدود فنشا وشارشارا ومجموعة من السدود الصغيرة بخلاف 74 ملياراً في سد النهضة، كما يتم زراعة 3 ملايين فدان زراعة مروية، بالإضافة إلى 90 مليون فدان زراعة مطرية، بالإضافة إلى إمكانيات المياه الجوفية في إثيوبيا بإجمالي 40 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع على أعماق من 20 إلى 50 متراً فقط من سطح الأرض، وهي عبارة عن مياه متجددة، في حين تعتبر المياه الجوفية في صحاري مصر مياهاً غير متجددة. وأكد حرص مصر على استكمال المفاوضات، مع التأكيد على ثوابت مصر في حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعة للجميع في أي اتفاق حول سد النهضة، والتأكيد على السعي للتوصل لاتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية، مع التأكيد على أن سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على مياه نهر النيل يعتبر أحد التحديات الكبرى التي تواجه مصر حالياً، خاصة في ظل الإجراءات الأحادية التي يقوم بها الجانب الإثيوبي فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة، وما تنتج عن هذه الإجراءات الأحادية من تداعيات سلبية ضخمة.
قد يهمك أيضًا:
السودان يضع شروطًا للعودة إلى محادثات سد النهضة
جدل إثيوبي بشأن توقيع إتفاقية مع دولتي المصب ومصر تكشف عن هبوط أرضي يُهدد بانهيار سد النهضة