غزة ـ ناصر الأسعد
وافقت حركة "حماس"، أمس الاحد، على حل مجلسها الحاكم في قطاع غزة، والذي يُعرف أيضًا باسم "اللجنة الإدارية"، والسماح لحكومة السُلطة الفلسطينية التي تتخذ من الضفة الغربية مقرًا لها، بتولي مكانها وإجراء انتخابات عامة. وطوال الأشهر القليلة الماضية، دعت حركة "فتح" ورئيسها محمود عباس "حماس" إلى اتخاذ هذا القرار وتنفيذه، حسبما جاء في تقريرٍ لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية.
ومنذ أن أطاحت "حماس" بالسلطة الفلسطينية التي تسيطر عليها حركة "فتح" من غزة في عام 2007، شكلت كل من حركتي "حماس وفتح" حكومتين منفصلتين، حكومة تُديرها حركة حماس في غزة، وحكومة أخرى بقيادة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. وفي حين وقَّع الطرفان عددًا من اتفاقات المُصالحة الرامية إلى إنشاء حكومة مشتركة واحدة، فإنَّهما لم ينفذا أيًا منهما.
وجاء إعلان "حماس" أمس الأحد، بعد محادثاتٍ مُنفصلة في القاهرة الأسبوع الماضي بين مسؤولين مصريين ومجموعة من المسؤولين في "فتح" وآخرين من "حماس". ولا يزال وفدا مسؤولي فتح وحماس في العاصمة المصرية حتى مساء الأحد. ورحب محمود العالول نائب رئيس حركة "فتح" بإعلان "حماس"، لكنه قال إنَّ حركته تود أولًا التأكيد من صحته. وقال عالول في بيانٍ نُشر على صفحة حركة "فتح" الرسمية على موقع "فيسبوك": "إذا كانت الأخبار صحيحة، فهذا أمرٌ جيد وإيجابي". وأضاف "لكننا لا نريد أن نعمل بسرعة على ما يقال في الأخبار".
وكان الطرفان قد اتفقا في آخر مرة حاولت فيها الحركتان التوفيق في ما بينهما في مايو/أيار 2014، على السماح لحكومة السلطة الفلسطينية بتحمل المسؤولية عن غزة وإجراء الانتخابات. ومع ذلك، فقد أعطيت السلطة الفلسطينية في نهاية المطاف ولاية محدودة في ظل استمرار حكومة الظل في حماس في السيطرة على مُعظم المؤسسات الحكومية في غزة. كما لم تجرِ الانتخابات على الإطلاق.
وقال عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد الذي يرأس حاليًا وفد مسؤولي فتح في القاهرة يوم الأحد إنَّ حركتي حماس وفتح ستعقدان اجتماعًا ثنائيًا لمُناقشة المصالحة، ولكنَّه لم يُحدد موعدًا. وأضاف الأحمد إنَّ اجتماع فتح وحركة حماس سيعقبه اجتماع لمُعظم الفصائل الفلسطينية.
أما فوزي برهوم، المُتحدث باسم حماس فقال إنَّ الحركة تتوقع الآن أن يقوم عباس بالمثل من أجل المُضي قُدمًا بالمصالحة. وقال في بيانٍ على الموقع الرسمي لحركة حماس "هذا يضع أبو مازن وفتح على المحك الحقيقي". وأضاف "إنَّ شعبنا يبحث عن رد فعلي وفعَّال لتحقيق طموحاته للوحدة الوطنيَّة والشَّراكة الحقيقية". وتريد حماس أن يرفع عباس مختلف الإجراءات العقابيَّة التي اتخذها ضد الحركة في غزة على مدى الأربعة أو الخمسة أشهر الماضية بما في ذلك تخفيضات الميزانيات المُخصصة لقطاع غزة والخدمات الطبية والرواتب وغيرها. وكان الأحمد، أعلن يوم الثلاثاء الماضي، أنه إذا تخلت حماس عن جنتها الإدارية، فسوف يرفع عباس إجراءاته العقابية ضده.
وقال عباس الموجود حاليًا في نيويورك للاجتماع السنوى للجمعية العامة للأمم المتحدة لوسائل الإعلام الفلسطينية إنه راض عن إعلان حماس ولكنَّه لم يُعلق على مستقبل اجراءاته العقابية ضده. كما قال إنه سيعقد اجتماعًا للقيادة الفلسطينية لدى عودته إلى رام الله. ومن المُقرر أن يجتمع رئيس السلطة الفلسطينية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الأربعاء، والذي تعتبر حكومته حركة حماس "منظمة إرهابية".
وأشاد محمد دحلان، منافس عباس في فتح، بحركة حماس لإعلانها، وقال إنه يدعم المُصالحة.
واضاف دحلان الذي يقيم في الإمارات العربية المتحدة على موقع فيسبوك "إنَّ موقفنا ثابت ولن يتغير في ما يتعلق بدعم جهود المصالحة الوطنية". وأضاف "لقد دعونا جميع الأطراف إلى تحقيق وحدة شعبنا وفصائلنا وقواتنا". وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، شكل دحلان وحماس، اللذان كانا أعداء، تحالفًا. وقد اتفقت المجموعتان على تنفيذ عددٍ من المشروعات الاجتماعية والاقتصادية في غزة. وحاول عباس الذي بذل جهودًا كبيرة خلال العام الماضي لتطهير أتّباع دحلان من السياسة الفلسطينية.
وقال بيورن برينر، مؤلف كتاب "غزة تحت حماس"، إنَّ حماس وافقت على حلّ لجنتها الإدارية لأنها تعرضت لضغوطٍ لتسليمها لشعب غزة. ويبلغ معدل البطالة حاليًا 42٪ في غزة، والبنية التحتية للمياه والكهرباء لا تُلبي احتياجات السكان الأساسية، ويعتمد نصف السكان على المساعدات الإنسانية. بيد أن برينر كان مُتشككا فى أنَّ إعلان حماس يوم الاحد سيؤدي الى مصالحةٍ كاملة بين حماس وفتح. وقال إنَّ "حماس تريد تحسين الوضع في غزة لكنَّها لا تُريد التخلي عن السيطرة عليها". وأضاف "على الرغم من إعلانها، اعتقد أنَّها ستبقى الحاكم الفعلي لقطاع غزة".