واشنطن ـ عادل سلامة
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم الثلاثاء، أنه يعتزم نقل سفارة أميركا في إسرائيل من تل أبيب الى القدس. وأعلنت السلطة الفلسطينية هذا عن طريق خدمة انباء وفا التي تديرها الدولة بعد وقت قصير من حديث الزعيمين. وصرح البيت الأبيض للصحافيين صباح اليوم بأن ترامب أجرى محادثات مع عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ليخبرهم بقراره.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تلقى اتصالا هاتفيا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الثلاثاء أبلغه فيه باعتزامه نقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس. وقال المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة إن الرئيس عباس حذر من مخاطر مثل هذا القرار على عملية السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم ". حيث سوف يلقى ترامب خطابا يوم الاربعاء يتوقع فيه ان يعترف رسميا بالقدس عاصمة لاسرائيل.
وقالت سارة ساندرز السكرتير الصحفى للبيت الابيض للصحفيين بعد ظهر اليوم الثلاثاء "ان الرئيس، متصلب جدا فى تفكيره فى هذه المرحلة"، واصفا عملية صنع القرار بانها عملية مشتركة بين الوكالات. ومن جهة اخرى، قال ابو ردينة في بيان ان "الموقف الفلسطيني حازم وثابت - ولن تكون هناك دولة فلسطينية بدون القدس الشرقية عاصمة لها وفقا لقرارات المجتمع الدولي". كما عقد أبو مازن اجتماعا طارئا في مكتبه بعد محادثة هاتفية مع ترامب ".
وكانت ردود الفعل الأخرى في العالم العربي أكثر وضوحا. حيث هدد رئيس تركيا رجب طيب اردوغان بعقد اجتماع للدول الاعضاء فى منظمة التعاون الاسلامى لمعارضة أي تحرك يعترف بالقدس على انها اسرائيلية واضحة.
وقال اردوغان امام برلمان بلاده "ان القدس، خط أحمر للمسلمين". واضاف "سنواصل كفاحنا ضد هذا بعزم حتى النهاية"، وهذا يمكن أن يمر على طول الطريق بقطع العلاقات الدبلوماسية مع اسرائيل ".
كما تحدث وزراء الخارجية من مصر والأردن مع وزير الخارجية ريكس تيلرسون في الساعات ال 36 الماضية، محذرا من أن انحيازه مع إسرائيل في مشاحنات قديمة حول وضع القدس يمكن أن يثير وعاء الغليان بالفعل في المنطقة. وتجاهل ترامب المهلة النصف سنوية يوم الجمعة الماضي التي فرضها قانون عام 1995 على الرئيس الاميركي بيل كلينتون على نقل السفارة الى القدس.
وأدرج الكونغرس ثغرة، وكتب أن البيت الأبيض يمكن أن يتنازل عن الشرط بإعلان كل ستة أشهر أنه يحتفظ بالسفارة في تل أبيب لـ "مصالح الأمن القومي" الأمريكية. كلينتون، جورج دبليو بوش، باراك أوباما والآن دونالد ترامب قد مارسوا كل هذا الخيار. لكن نائب الرئيس مايك بينس قال في كلمته ان ترامب "يدرس حاليا متى وكيف تنقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس".
اعتراف ترامب القادم بالقدس عاصمة إسرائيل هو خطوة ينظر إليها البعض على أنها جائزة تعزية من رئيس غير مستعد بعد للالتزام الأكبر. لكن تقرير وكالة وفا يثير احتمال أن ترامب سوف يسبب نوعا جديدا من الاضطرابات في الشرق الأوسط. ولم يتضح من التقرير ما اذا كان ترامب قد قال لعباس انه سيحرك السفارة قريبا او فى المستقبل البعيد.
وأصبح من الشائع للبيت الأبيض أن يعوض الحسابات الرسمية للنداءات عالية المخاطر مع قادة العالم، وإعطاء حكوماتهم الفرصة لإلقاء المناقشات علنا في أي ضوء يريدون. وفى الشهر الماضى اعلن وزير الخارجية التركى بعد دعوة من هذا القبيل ان ترامب وعد اردوغان بان الولايات المتحدة ستوقف تسليح المقاتلين الاكراد فى سوريا.
وكانت السفارات الأميركية في جميع أنحاء العالم في حالة تأهب قصوى هذا الأسبوع بسبب احتمال وقوع أعمال عنف حيث يدرس ترامب ما اذا كان سيتم الاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل بل وحتى نقل السفارة الامريكية هناك. وقد أثارت الاحتمالات المعارضة من الدبلوماسيين الأمريكيين والمسؤولين الأجانب.
إن مثل هذا القرار، الذي كشف مسؤولون أمريكيون إنه لم يتم وضعه في صيغته النهائية، سوف ينتهك عقود السياسة الأمريكية لا لاتخاذ موقف بشأن مصير القدس - على أساس أن هذه مسألة يجب على الإسرائيليين والفلسطينيين التفاوض واتخاذ قرار بشأنها. إن تغيير المسار قد يثير مظاهرات أو عنف من قبل الفلسطينيين أو من قبل المسلمين في جميع أنحاء العالم، ويرجع ذلك جزئيا إلى حساسية موقع القدس المعروف لليهود باسم جبل الهيكل والمسلمين باسم الحرم الشريف. ويضم الموقع المسجد الأقصى، ثالث أقدس موقع في الإسلام، وقبة الصخرة الذهبية. وكان أيضا موقع معبد يهودي قديم، أقدس مكان في اليهودية.
واستولت إسرائيل على القدس الشرقية، التي تضم المنطقة، خلال حرب عام 1967. ومع ذلك، فإن الأوقاف، وهي هيئة دينية مسلمة، تدير المواقع الإسلامية داخل المجمع. وقال مسؤول امريكى رفيع المستوى لرويترز الاسبوع الماضى ان ترامب من المحتمل ان يعلن عن القدس عاصمة لاسرائيل يوم الاربعاء على الرغم من ان مستشاره وصهره جاريد كوشنر قال يوم الاحد انه لم يتم اتخاذ قرار نهائى. ويقود كوشنر جهود ترامب لاستئناف محادثات السلام الاسرائيلية الفلسطينية المتوقفة منذ فترة طويلة والجهود التى لم تحقق حتى الان تقدما يذكر.
وقال البيت الأبيض إنه لن يتخذ أي إجراء يوم الإثنين حول نقل السفارة الأميركية إلى القدس من تل أبيب وهو ما وعد به ترامب في حملته الرئاسية. ومن المتوقع أن يوقع ترامب هذا التنازل وفقًا لما ذكره مسؤولون أميركيون. وعلق مسؤول أميركي إن ترامب من المحتمل أن يرافق التوقيع مع أمر لمعاونيه لبدء التخطيط الجاد لحركة السفارة في نهاية المطاف رغم انه لم يتضح ما اذا كان سيضع جدولا زمنيا صارما. وذكر مسؤولان أميركيان آخران اشترط عدم ذكر اسمه أن أخبار خطة الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل اثارت مقاومة من مكتب شئون الشرق الادنى بوزارة الخارجية الامريكية الذى يعنى بالمنطقة.
وأعرب مسؤول كبير في الوكالة الوطنية للطاقة وعدد من سفراء المنطقة عن قلقهم العميق ازاء القيام بذلك "، قائلا ان المخاوف تركز على" الامن ". وقال مسؤول في وزارة الخارجية لبوليتيكو ان "اعلان القدس الوشيك يثير قلقا شديدا من احتمال حصول ردود فعل عنيفة قد تؤثر على السفارات".
وذكر مسؤول أميركي رابع أن تقدير المخابرات الأميركية في الرأي حول اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لاسرائيل هو أنها ستخاطر بإقامة رد فعل عنيف ضد إسرائيل وربما ايضًا ضد المصالح الأميركية في الشرق الأوسط. وتشمل القضايا الأساسية في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الحدود ومستقبل المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية ومصير اللاجئين الفلسطينيين ووضع القدس.
ويسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل والأراضي التي احتلتها في حرب الشرق الأوسط عام 1967 وقطاع غزة التي تسيطر عليها حماس الإسلامية وعاصمتها القدس الشرقية. واعرب حلفاء الولايات المتحدة عن شكوكهم حيال الولايات المتحدة التي تدعو عاصمة القدس الإسرائيلية من جانب واحد. وقال الأمير خالد بن سلمان سفير المملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة في بيان إن "أي إعلان أميركي حول وضع القدس قبل التوصل إلى تسوية نهائية سيكون له أثر ضار على عملية السلام وسيزيد من حدة التوتر في المنطقة".
أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن قلقه إزاء احتمال أن تعترف الولايات المتحدة من جانب واحد بالقدس عاصمة لإسرائيل خلال مكالمة هاتفية مع ترامب يوم الإثنين حسبما ذكر مكتب ماكرون بعد أن تحدث الزعيمان هاتفيًا.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن وزير الخارجية الأردني أيمن صفدي قوله إن وزير الخارجية الأردني حذر تيلرسون من هذه الخطوة. وقال الصفدي إن مثل هذه الخطوة "ستثير الغضب عبر العالم العربي والإسلامي وتؤجج التوتر وتعرض جهود السلام للخطر". وأفاد مسؤول أميركي خامس، بأن مخاوف القادة الفلسطينيين وغيرهم من القادة العرب حول تأييد ادعاء إسرائيل للقدس كانت تؤخذ في الاعتبار ولكن لم يتم اتخاذ أي قرارات نهائية. دانيال بنيامين، المسؤول الأميركي السابق لمكافحة الإرهاب الآن في كلية دارتموث، كان لديه رسالة بسيطة لترامب حيث قال له: "إنه يلعب بالنار".