مركز مكافحة التطرف

جمّع الشيخ طلابه في مركز مكافحة التطرف في شمال سورية، وهم مقاتلين سابقين في تنظيم "داعش" المتطرف، وأكد لهم أن قتل المدنيين غير مسموح به في الإسلام، وكذلك تفجير أنفسهم، ولكن بدا هذا الكلام غريبا للجهاديين السابقين، فربما تكون دولة الخلافة قد انهارت، ولكنها تركت خلفها نحو ستة ملايين شخص متطرف.

وتم افتتاح مركز مكافحة التطرف حديثا، ويضم حاليا 100 طالب تتراوح أعمارهم بين 14 و60 عاما، وتعود فكرته لمجموعة من الشيوخ المسلمين المعتدلين والذين يأملون في حل المشكلة التي خلفها داعش، ويأخذ الشيخ الطلاب من السجون المكتظة في شمال سورية، وينظرون إلى فرصة تخفيف عقوبتهم وإعادة دمجهم في المجتمع.

وفي هذا السياق، قال الشيخ حسن الدغيم، وهو مدرس في المركز "معظم الطلاب حاصلين فقط على التعليم الإبتدائي، ولم يسبق لهم حتى قراءة القرآن، ولهذا السبب أخذتهم داعش بسهولة"، ويضيف " لا فائدة من قضاء الوقت في السجن، إذا ظلوا حاملين لنفس الأيديولوجية حين يخرجون".

ويتكون المركز من ثمانية معلمين وهم أئمة متخصصين في الشريعة وعلم الاجتماع وعلم النفس، وقادة المجتمع المحلي، أما الطلاب، يعيشون في الموقع ولديهم جدول عليهم إتباعه، حيث الاستيقاظ في التاسعة صباحا، وتناول وجبة الإفطار، ومن ثم ممارسة التمارين الرياضية وبعد ذلك حضور حصة عن الشريعة الإسلامية مدتها ساعتين، وفي فترة ما بعد الظهر يحضرون محاضرات للشيخ الدغيم وغيره من الشيوخ المعتدلين، بجانب أفلام وثائقية من قناة "ناشونال جيوغرافيك"، فيما يلفت الدغيم إلى أن التعامل مع الأجانب هو الأصعب، ويوجد طالب تونسي فقط، والطريقة التي ينظر بها إلينا تجعلنا نشعر أنه يود قتلن جميع، إذا لم يكن هناك حراس.

وهناك بعض القواعد الأساسية في المركز، حيث يجب على الطلاب ارتداء ملابس موحدة اللون، وحلق الشعر وتهذيب اللحى، حيث اعتاد الكثير منهم إطالتها أثناء الانضمام لداعش.

وقال أحد الطلاب يدعى أشرف ناصر، 24 عاما، إنه كان يقاتل مع جماعة معارضة معتدلة من الجيش الحر في الجنوب في درعا، وذلك قبل أن يتم استدراجه إلى داعش من خلال الدعاية، مضيفا أن التنظيم المتطرف كان يخطط للخلافة، وكأنه يحقق ما يحلم به كثير من المسلمين، ولكن بعد ذلك أدرك أن داعش مختلف 180 درجة عن الطريقة التي قدم بها نفسه، فبدلا من محاربة النظام السوري كان يحارب الجيش الحر، ولفت " في الأشهر القليلة التي قضيتها مع داعش رأيتهم يسرقون ويغتالون، ويغتصبون، بينما يتظاهرون بأنهم مسلمون"، حيث قرر الاتصال بصديق قديم من الجيش الحر، والذي ألقى القبض عليه ووضعه في السجن لمدة 18 يوما، ومن ثم التحق بمركز إعادة التأهيل.

ومعظم الطلاب في المركز من سورية، ولكن بينهم أجانب من الدول السوفيتية السابقة مثل أوكرانيا وأوزباكستان والشيشان، وترفض هذه البلدان عودة المنظمين للتنظيم المتطرف، فيما يشرح الشيخ الدغيم كيف يفصل المقاتلين إلى مستويات، فالمستوى الأولى لأولئك الذين انضموا لداعش لأسباب مالية أو غير أيديولوجية، أما المستوى الثاني الذين يحملون نفس المعتقدات المتطرفة، أما المستوى الثالث هم المقاتلون الأجانب.

ويلفت حسين ناصر، مدير المركز، إلى أن التعامل مع الأجانب هو الأصعب لأن معظمهم من الأطباء والمهندسين ولأفراد الأذكياء الذين كانوا قادة كبار في داعش، وهم لم يتصوروا يوما أن يهزم داعش، وحتى الآن هم الأكثر مقاومة.

وقال الطالب ناصر " لا أعرف ما إذا سيتقبلني المجتمع مرة أخرى حين أخرج، ولكنني لأريد عيش حياة طبيعية، أتزوج وربما أنجب أطفالا"، بينما يوضح الشيخ الدغيم أن العديد من المقاتلين يستشهدون بالسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط كسبب للانضمام لداعش، ولكنه أكد أن المركز يعلمهم أن مشاكل المنطقة لا يمكن إلقاء اللوم في سببها على بلد خارجي.

ويعد الحد الأدنى للإقامة في المركز هو 40 يوميا، ولكن لا يستطيع الطلاب المغادرة حتى يجتازوا التقييم النفسي، وأكد السيد ناصر أن الأمر قد يستغرق أربع سنوات لعلاج الأشخاص الأكثر تطرفا، فيما تلقى المركز المال من الجيش الحر والذي يتلقى المال نفسه من "البنتاغون"، بجانب مانحين أفراد وجماعات المجتمع المدني، ويأمل المديرين في توسيع التمويل، حيث طالبوا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بدعمهم والمساعدة في تمويل البرنامج، وقدروا المبلغ الشهري الذي بحاجة إليه بحوالي 50 -60 ألف دولار.