القاهرة - سهام أبوزينة
تمتلئ سجون النساء بنحو 30 ألف سجينة من الغارمات، اللاتي حُكم عليهن بالسجن لعجزهن عن سداد ديونهن، والتي قد لا تتعدى 5000 ألف في بعض الحالات، ويمثلن نحو 25% من إجمالي السجناء، وفق إحصائية حديثة لوزارة التضامن الاجتماعي، ذلك الرقم الضخم الذي جعل عددًا كبيرًا من منظمات المجتمع المدني تُقدم على تدشين مبادرة لاستبدال عقوبة حبس الغارمات، بعقوبات أخرى.
وتبنت النائبة إليزابيث شاكر، عضو مجلس النواب، هذه القضية و تقدمت بمشروع قانون جديد يقتضي بشأنه منع سجن المدينات والمدينين، بمقتضى نص قانوني مدروس ومحكم، يدور حول تعديل المادة 341 من قانون العقوبات، الذي يعتبر التوقيع على إيصالات الأمانة جناية.
رأي الخبراء
وقالت نوال مصطفى، صاحبة فكرة المبادرة، ورئيسة مجلس إدارة جمعية رعاية أطفال السجينات، إن أحوال الغارمات أصبحت ملحة في المجتمع المصري، بعدما باتت وصمة عار تلاحق النساء.وأضافت مصطفى، أن سيدات مصريات، وخصوصًا من الريف، يلجأن إلى الاقتراض وتوقيع إيصالات الأمانة في مواجهة الفقر والعوز، خاصة لشراء مستلزمات الزواج للأبناء، وبعد التعثر في سداد المبلغ، يصبح مصيرهن السجن، حتى ولو وقَّعت كضامنة لأي من أفراد الأسرة، ولفتت إلى أن هذه المبادرة تفتح باب الأمل للغارمات، مع الحفاظ على أموال الدولة التي تنفقها خلال مدة حبسهن.
استعدادها لتشغيل عدد من الغارمات
وقالت ياسمين الخيام، الفنانة المعتزلة، إحدى المشاركات في المبادرة، في تصريحات صحافية إن سوق دار الأيتام والمسنين بحاجة إلى يد عاملة، مؤكدة أن مقترح العقوبة البديلة يعد بمثابة إغاثة ملهوف، وهي من القربى إلى الله، بدلاً من ترك النساء لعالم السجن الصعب.
وافتتحت الخيَّام المبادرة، بالإعلان عن استعدادها لتشغيل عدد من الغارمات لديها في الجمعية الخيرية التي أنشأتها إبان اعتزالها الفن، والتدريب على النسيج والأخشاب، موضحة أنّها لا تخاف من هروب السيدات، إذا تم تطبيق المبادرة، قائلة "هن لسن مجرمات، بل تم حبسهن بدافع الفقر والعوز".وسبق أن أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قراراً بالإفراج عن 300 غارمة، بعد تسديد ديونهن، بالتعاون مع القوات المسلحة المصرية، عام 2015.
220 مشروعًا صغيرًا في 5 سنوات لصالح الغارمات
وأوضح نادر عيسى، المتحدث باسم جمعية رعاية أطفال السجينات، أنه يجب شطب السابقة الأولى من الحالة الجنائية، وتعديل المادة 341 من قانون العقوبات المصري، لافتًا إلى أن إيصالات الأمانة هى الباب السريع لدخول السجن وتحولت إلى بديل عن العقود.
وأضاف عيسى، أن الجمعية أنشأت 220 مشروعًا صغيرًا فى 5 سنوات لصالح الغارمات، منها ورشة للخياطة والتطريز داخل سجن القناطر بالتعاون مع وزارة الداخلية، وحاضنة أعمال "حياة جديدة"، للمفرج عنهن بحي الهرم، بالإضافة إلى عقد دورات فى التسويق وإدارة المشاريع الصغيرة.
وأكد عيسى، على أهمية دور الإعلام والمجتمع المدني فى توعية المرأة ضد التوقيع على إيصالات أمانة على بياض، وأنه يجب التعامل مع المرأة التي تغامر بحريتها من أجل غاية اجتماعية، فهي تعتبر نموذج مشرف.وفي السياق ذاته قال مصطفى رجب، أستاذ علم الاجتماع بجامعة جنوب الوادي، أن مقترح القانون باستبدال عقوبة السجن للتشغيل في المنفعة العامة أمر جيد، لابد من تطبيقه لإنقاذ الغارمات من السجن، ولا يجب معاملتهن كالمجرمات لمجرد أنهن مررن بضائقة مالية.
وتابع رجب، العقوبة البديلة وحدها لا تكفي، نحتاج كذلك إلى وعي وثقافة في المجتمع، خصوصاً وسط سيدات الريف اللاتي يلجأن لشراء عدد كبير من أدوات جهاز العروس، على الرغم من عدم حاجتهن لذلك، ومن الممكن أن لا يقوم الدائن بالذهاب إلى المحاكم مباشرة وأن يعرض الأمر على جمعيات المجتمع المدني، وأصحاب روؤس الأموال التي تدفع عن الغارمات