القاهرة - مصر اليوم
شدّدت الحكومة المصرية من الإجراءات بشأن “التوك توك” أشهر وسائل المواصلات الشعبية، بعدما دخل على أجندة البرلمان” منذ فترة، مشكّلًا عنصر شد وجذب بين أعضائه، الذين رأى بعضهم أنه يمثل حلًا شعبيًا للاختناق المروري الذي تشهده العاصمة القاهرة والأقاليم، بينما رأى البعض الآخر أنه أصبح مصدر إزعاج وفوضى، بخاصة في المناطق الشعبية، التي تتفاقم فيها الأزمات، وتنتشر حوادث السرقة والاستغلال، والسلوكيات الغربية من سائقيه.
ورحّبت أمينة صبرة، المرأة الثلاثينية، بالإجراءات الحكومية الجديدة التي تعتزم مصر تطبيقها، لاستبدال مركبات “التوك توك” بسيارات آمنة مرخصة، وهو ما يمهد لمغادرة المركبات الصغيرة لشوارع مصر، بحسب مراقبين.
“أمينة” التي تقطن في ضاحية المطرية (شرق القاهرة) اعتادت أن تركب “التوك توك” في التنقلات، خاصة خلال العام الدراسي. تقول “أنفق ما يقرب من 2000 جنيه (نحو 121 دولارا) في (التوك توك) شهريًا، ولا أسلم من استغلال السائقين، ومستوى الأخلاق المتدني”... تشرد للحظة ثم تتابع: “أغلبهم صغار السن يسيرون بطريقة غير طبيعية، لدرجة عندما تقع حادثة لا يستطيعون التوصل لمرتكبها”.
ورغم أن البعض يرى في الـ”توك توك” أنه ساهم في حل مشكلات كثيرة في قضية المواصلات، خصوصًا بالمناطق النائية؛ إلا أن سجل مخالفاته تزداد يوميًا، بعد أن تزايدت معدلات الجريمة التي يتم ارتكابها عبر “التوك توك”، وهو الأمر الذي دفع الحكومة للتفكير في حلول كثيرة، منها ترخيصه في وقت سابق، وأخيرًا قرار البدء في برنامج استبدال وإحلال “التوك توك” بسيارات آمنة ومُرخصة، مثل “الميني فان” وتعمل بالغاز الطبيعي.
اقرأ أيضًا:
الحكومة المصرية تنفي دخول شحنات زراعية مستوردة غير مُطابقة للمواصفات
وبحسب الأرقام الرسمية، فإن مصر يوجد بها أكثر من 3 ملايين مركبة، منها 99 ألفًا مرخصة، وفقًا لإحصائية أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مارس (آذار) 2018. وقال المراقبون إن “خطورة (التوك توك) في أن عدد المركبات غير المرخصة أضعاف المرخص”.
ويشار إلى أن “التوك توك”، وهو (عربة صغيرة) كان يسير في البداية بالمناطق النائية والشعبية والعشوائية؛ لكن وصل أخيرًا إلى ميادين رئيسية في العاصمة القاهرة، حيث يتراص بطريقة عشوائية، ويسبب أزمات في المرور، ما يدفع السلطات المحلية أحيانًا إلى مطاردة سائقيه.
وهنا تذكرت “أمينة” جارتها التي صدمها “توك توك” يسير في عكس الاتجاه، وفر هاربا، ولم يتم التوصل له ولصاحبه، نظرًا لأنه غير مرخص.
أما محمد عبد الحميد، الأربعيني، ويقطن في ضاحية الشرابية، القريبة من وسط القاهرة. فقال إن “السير عكس الاتجاه هو السمة الغالبة لهذه المركبة، مما يعرض حياة السائقين والركاب للخطر، ويتسبب في اختناقات مرورية، إضافة إلى المواقف العشوائية التي أقامها سائقو (التوك توك) بالقرب من البنايات، فضلًا عن السير برعونة في الشوارع الرئيسية وعلى الطرق السريعة”.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، قد وجه بالبدء في برنامج لاستبدال وإحلال “التوك توك” بسيارات آمنة ومُرخصة. وأعلنت وزارة المالية البدء في البرنامج لما له من آثار إيجابية.
وأكد مدبولي أول من أمس، أن “هذا البرنامج سيكون له مردود إيجابي كبير، وبوجه عام، حيث سنوفر وسائل مواصلات آمنة، ومُرخصة، وحضارية للمواطنين، فضلًا عن توفير الآلاف من فرص العمل، من خلال هذا البرنامج”.
الإجراءات الحكومية الجديدة أثارت حفيظة بعض سائقي “التوك توك”، حيث تساءل بعضهم عن كيفية التنفيذ، خاصة أن هناك أسرا كثيرة تتكسب من وراء “التوك توك”؟ وقال إبراهيم (م)، من منطقة حلمية الزيتون شرق القاهرة، أمس، إننا “لا نمانع في تقنين أوضاعنا، حيث نتعرض في كل وقت لمضايقات رجال المرور، وسبق أن وعدنا مسؤولون في محافظة القاهرة بالترخيص، وقمنا بتسليم الأوراق لإنهاء الإجراءات؛ لكن الأمر توقف”، مضيفًا لـ”الشرق الأوسط”، “أغلبنا لا يُمانع في التقنين؛ لكن لا بد من تقديم تسهيلات لذلك”. “إبراهيم” الذي اعتاد الوقوف في وسط ميدان الحلمية، قلل من شأن الإجراءات الجديدة، بقوله: “عدد (التكاتك) كثير جدًا، ويعتبر مصدر رزق للبسطاء، والشباب، وهذه الإجراءات تحتاج لوقت طويل للتنفيذ”؛ لكنه في الوقت نفسه “يرفض بعض السلوكيات التي يقوم بها بعض سائقي (التوك توك)، التي أساءت لهم” على حد قوله.
وكانت بعض المحافظات المصرية قد فتحت باب الترخيص في وقت سابق لعدد من مركبات “التوك توك”؛ لكن الحكومة عادت وأصدرت قرارًا بإيقاف كافة تصاريح السير الصادرة عن المحافظات، وأوكلت مهمة ترخيصه لجهة وحيدة وهي الإدارة العامة للمرور.
الإجراءات الحكومية الأخيرة لاقت ترحيبًا بين عدد من نواب البرلمان المصري، حيث تقدم العديد منهم من قبل بطلبات إحاطة لتقنين “التوك توك”. وقال النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب (البرلمان)، في تصريحات له، إن “خطوات الحكومة الجديدة بادرة خير وحل عملي للأزمة”.
من جهته، أكد النائب أحمد حسين، عضو لجنة النقل والموصلات بمجلس النواب “لا بد من تفعيل القانون، نظرًا لأن عدد (التكاتك) تعدى 3 ملايين، وإذا زاد عددها أكثر من ذلك سوف تكون كارثة”، مضيفًا أن “برنامج الحكومة الجديدة سوف يخلق بيئة نظيفة حضارية، وسيقضي على سلوكيات سائقي (التكاتك)، لأن غالبية سائقيها من الأطفال”.
بينما أشار النائب محمد صلاح أبو هميلة، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إلى “أهمية قرار الحكومة”، لافتًا إلى أن “عشوائية سير (التكاتك) في الشوارع وصغر سن معظم قائديها وعدم التزامهم بأي قواعد، دفع الدولة لهذا القرار، الذي سيساعد في القضاء على ظاهرة (التكاتك) التي تشوه المظهر الحضاري لمصر”
قد يهمك ايضا
تفاصيل اجتماع «مدبولي» مع وزير قطاع الأعمال حول النهوض بصناعة الغزل والنسيج
مصطفى مدبولي يستعرض دراسة تفصيلية لتنمية الساحل الشمالي الغربي