القاهرة ـ سعيد غمراوي
بات "الجبل الغربي" أحد أبرز المواقع الخطرة في تصنيف الأجهزة الأمنية في مصر، بعدما تمكن تنظيم "داعش" من أن يجد له موطئ قدم في تلك الصحراء المترامية الأطراف، التي تمتد من الدلتا شرقاً، حتى الحدود الغربية مع ليبيا غرباً، ومن شواطئ المتوسط شمالاً حتى الحدود الجنوبية لمصر، وتستحوذ وحدها على نحو ثلثي مساحة الدولة، وفيها مناطق شاسعة ومنبسطة، وأخرى وعرة.
ووجد المتطرفون ضالتهم في الظهير الصحراوي الغربي، خصوصاً لمحافظات الصعيد في الجنوب، بعدما زادت قسوة الضربات الأمنية في سيناء شرقاً. ووصل الأمر إلى تحويل مناطق صحراوية معسكرات تدريب للمسلحين، ومصانع لإعداد المتفجرات.
وشن المتطرفون هجمات عدة انطلاقاً من تلك المعسكرات، أبرزها الهجمات الانتحارية التي استهدفت كنيستيْ "المرقسية" في الإسكندرية و "مار جرجس" في طنطا ومذبحة المسيحيين في صحراء المنيا، حيث قُتل عشرات، والهجوم على مكمن أمني وقتل 6 ضباط وجنود على الطريق الصحراوي الغربي.
ووفق معلومات أمنية مدققة، تتنقل خلايا "داعش" في الجبل الغربي بين الشمال وصولاً إلى الظهير الصحراوي لحدود محافظة الجيزة، والجنوب حتى محافظة قنا. وقتلت قوات الشرطة عند الظهير الصحراوي لمحافظة أسيوط جنوب القاهرة منذ يومين، 7 مسلحين قالت إنهم من "داعش" ومتورطون في المذابح ضد المسيحيين.
وفيما نصب المصريون على ضفاف النيل "خيامهم الرمضانية" لجلسات السمر بعد الإفطار وحتى السحور، في تقليد اعتاده المصريون منذ عقود، نصب المسلحون خيمتهم "الداعشية" في سهل تحيط به هضاب منخفضة، وجُهزت "الخيمة الداعشية" بكل وسائل الإعاشة، والقتل أيضاً. وحرص المسلحون على اختيار موقع لخيمتهم يصعب رصده، فقد بدت منخفضة كما التلال والهضاب الصغيرة التي تحيط بها، ونُصبت في نهاية منحدر تل يؤدي إلى سهل منبسط، واختاروا قماش الخيمة بلون رمال الجبل حتى تبدو تلاً وسط الصحراء.
وفي داخل الخيمة وجدت قطع سجاد وأغطية مفروشة على الرمال، وعُلقت على جدران الخيمة من الداخل أعلام تنظيم "داعش"، وفي أحد أركانها سترات عسكرية، وخُصص ركن آخر لإعداد الطعام، الذي غلبت عليه المعلبات الجاهزة، من جبن وسمك التونة والسالمون، إضافة إلى خبز جبلي ربما أعدوه من دقيق على موقد إلى جوار الخيمة، وضم هذا الركن أيضاً خضروات وبعض البطاطا والجزر والخيار والبندورة والبصل، إضافة إلى العسل الأبيض الجبلي.
ولم يخل مطبخ "الدواعش" من مرطبات، كالبطيخ والليمون والمياه الغازية، ومنبهات كالشاي والقهوة، فضلاً عن زجاجات المياه. والركن المقابل في الخيمة خُصص للأسلحة والذخائر، إذ ضبطت أجهزة الأمن 5 بنادق آلية وكميات كبيرة من الطلقات والمخازن الخاصة بها. وإلى جوار الخيمة وُجد موقد للطهي باستخدام الفحم، وقربه جوال من الفحم، وفي جانب آخر برميل من المياه للاستحمام على الأرجح، وأوعية أخرى ربما للشرب والطهي، وخلف الخيمة دراجة بخارية مفخخة بعبوة ناسفة، معدة للتفجير من بعد.
وأوضح مصدر أمني أن وسائل الإعاشة التي وجدت في تلك الخيمة تُشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى أن عناصر أخرى تُقدم دعماً لوجيستياً للمسلحين، عبر إمدادهم بطعام وخضروات طازجة، ومياه بكميات كبيرة.