الجماعات المسلحة في ليبيا

يبحث سيف الإسلام القذافي، نجل الرئيس السابق لليبيا، العودة مرة أخرى للحياة السياسية الليبية بعد سنوات من الاعتقال، حيث انتشرت مزاعم بشأن قيادته حملة عسكرية ضد الجماعات المتطرفة حول طرابلس.

وأطلق سراح القذافي في حزيران/ يونيو الماضي، بعد قضائه ست سنوات في سجن قرية الزنتان، بعد الانتفاضة التي دعمها حلف "الناتو" في عام 2011، وقادت إلى مقتل والده وتفتيت البلاد، حيث كان هو الوريث البارز للنظام الليبي، وهو خريج مدرسة لندن للاقتصاد، والآن وهو متهم بإصدار أوامر بقتل المتظاهرين الذين عارضوا القذافي وأرادوا إزالته من السلطة، ولكن في الأسابيع الأخيرة أخبر شخصا من الولايات المتحدة أنه يجمع قوات للسيطرة على مدينة صبراتة الساحلية، وسيواصل القتال حتى طرابلس.

وقال متحدث باسم القذافي في بيان مكتوب، وصل للوسيط الأميركي الذي حظى باتفاقات قوية معه قبل سقوط النظام :"سيف الإسلام متواجد داخل ليبيا وملتزم بكلمته، التي وعد بها الليبيين كافة في عام "2011، حيث أضاف أنه "سيظل في ليبيا للدفاع عن البلاد أو الموت كشهيد"، وتابع "القوات التي تقاتل في صبراتة ضد "داعش" وعصابات الهجرة غير الشرعية ومافيا مهربي النفط كانوا من القبائل الداعمة لسيف الإسلام، وكانوا جزء من الجيش الليبي السابق، والموالي أيضا له".

وعلى الرغم من ذلك، من غير الواضح لأي مدى يمكن للقذافي أن يقوم بعمليات عسكرية، خاصة وسط القتال الراهن بين مليشيات القبائل للسيطرة على طرق التهريب، ولكن يقول المراقبون إنهم غير متيقنين من أن نجل الديكتاتور السابق سيكون قادرا على جمع موالين له للسيطرة بشكل جدي على العاصمة الليبية، في حين كانت المليشيات القبلية في وارشفانا، الموالية للقذافي، تسيطر على بعض المناطق المحيطة بطرابلس، وتم توجيههم الشهر الماضي من قبل القوات المتنافسة في الزنتان، الحلفاء السابقين الذين يبدوا أنهم غضبوا بسبب محاولات وارشفانا بابتزازهم عند نقاط التفتيش على الطريق.

وفي هذا السياق، قال ماتيا توالدو، زميل بارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية " إن التطورات على أرض الواقع لم تكن في صالحه، وعلى الرغم من ذلك يمكنه أن يحلم، ولكن لن يتمكن من الحصول على أي مكان"، بينما يؤكد المراقبون أن القذافي ربما لا يزال قادرا على الظهور كقوى سياسية، لو عقدت الانتخابات في العام المقبل، والسماح له بخوضها رغم الاتهامات التي وجهت له في عام 2011 من قبل المحكمة الجنائية الدولية بارتكابه جرائم ضد الإنسانية، كما حُكم عليه بالإعدام من قبل أحد المحاكم في طرابلس عام 2015، ولكن المحاكمة جرت غيابيا وانتقدتها جماعات حقوق الإنسان الدولية على نطاق واسع.

وأوضح دبلوماسي مشارك في تحضير الانتخابات، أن اتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضد القذافي قد لا تؤثر أو تمنعه من المشاركة أو الفوز في الانتخابات، مضيفا أنهم لا يتحكمون في من سيخوض الانتخابات، ومؤكدا أن الأمر يتعلق بالليبيين، مشيرا إلى واقعة سابقة بفوز أوهورو كينياتا في الانتخابات الرئاسية الكينية 2013، على الرغم من اتهامات المحكمة الجنائية الدولية الموجهة إليه، حيث لديه شعبية على أرض الواقع خاصة في منطقة الجنوب.

ويسعى القذافي للاستفادة من الشعور المزمن بعدم اليقين وانعدام الأمن منذ سقوط والده، كما أن ليبيا لديها الآن برلمانين متنافسين، ومشاكل بين المليشيات المتنافسة، علما أن اتفاق الأمم المتحدة ضعيف وصمم لإعادة تجميع الدولة سويا، ولكنه سينتهي في 17 تشرين الأول/ ديسمبر، وهي الذكرى السنوية لتوقيعه.

وإذا لم يكن هناك اتفاق بين الفصائل على تعديل أو تمديد الاتفاقية، سيكون هناك مخاوف من سيطرة الجنرال خليفة حفتر، وهو الأقوى حاليا على ساحة المعركة، من السيطرة والسير نحو الشرق وحصار ليبيا، والإطاحة برئيس الوزراء المدعوم من الأمم المتحدة، فايز السراج، فيما تدعمه كل من مصر والإمارات وروسيا، ويُقال إن روسيا أسست قاعدة عسكرية صغيرة في غرب مصر، كما أن القاهرة وموسكو توصلتا لاتفاق مبدأي يسمح هذا الأسبوع، يسمح للطائرات الحربية الروسية استخدام المجال الجوي المصري، ويُزعم أيضا أن حفتر عقد محادثات في باريس، في الشهر الماضي مع قادة المليشيات في طرابلس، حول مسؤولية السرّاج عن الأمن والتوصل لحل يقنعهم جميعا، ويبدو أن ذلك يزيد من الشكوك حول مستقبل السراج.

والتقى رئيس الوزراء الليبي الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يوم الجمعة، وطالبه بزيادة الدور الأميركي القائم في البلاد، بما في ذلك ضمان أمنه الشخصي وأمن حكومته أيضا، وقد فشل اتفاق الأمم المتحدة الذي وُقع في كانون الأول/ ديسمبر 2015، في توحيد الانقسام الليبي، وخلق مجلسا رئاسيا في طرابلس، والذي تلقى الدعم ليخرج في شكل حكومة الوحدة، في شرق ليبيا.

ويسعى مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليبيا، غسان سلامي، للحفاظ على عملية السلام على قيد الحياة، وسط خطط جديدة لإعادة تشكيل حكومة انتقالية أكثر فاعلية من حيث تقديم الخدمات، وعقد مؤتمر وطني في بداية عام 2018 تلحقه انتخابات، وهناك بالفعل شكوك قوية بإمكانية عقد الانتخابات في ظل المناخ الحالي؛ لانعدام الأمن العام، وهذا ما اعترف به سلامي، في عطلة نهاية الأسبوع، حيث قد لا تجرى الانتخابات في عام 2018، إذا لم تستوف الشروط.

وإذا عقدت الانتخابات، سوف يسعى القذافي للاستفادة منها، حيث يقول فولفغانغ بوستاي، الملحق العسكري النمساوي في ليبيا وتونس، إن القذافي شخصية استقطابية، ولكنه يحظى بدعم خارجي، مؤكدا أن هناك شركات في الغرب كانت تتعامل مع النظام القديم، وترغب في عودة سيف الإسلام، موضحا أنه إذا انضم للمشهد السياسي سيجعله أكثر انقساما.