مصالحة فتح وحماس

في تناقض صارخ مع رد فعلها على آخر محاولة جادة لمصالحة حركتي "فتح وحماس" في عام 2014، ظهرت إسرائيل ضعيفة جدا يوم الاثنين الماضي حيث وصل رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله إلى غزة لاجراء محادثات مع قيادة "حماس". 

وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي دعا في عام 2014 رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في ذلك الوقت لتشكيل حكومة وحدة مع حماس، لم يتحدث علنا عن هذه المسألة في هذه المرة. وبدلا من ذلك، فإن ما يقوله المسؤولون الدبلوماسيون في السر من أن موقف إسرائيل هو أن "حماس تحاول كسب الشرعية الدولية، دون قبول حق إسرائيل في الوجود، ودون نزع سلاحها ودون قبول مبادئ اللجنة الرباعية".

وقد نصت مبادئ اللجنة الرباعية للتعامل مع "حماس"، التي وضعت شرطًا منذ أكثر من عقد من الزمان، يقضي بضرورة أن تعترف المنظمة أولا بإسرائيل، وأن تقبل الاتفاقات السابقة معها، وأن تتخلى عن الإرهاب. وقال مسؤولون دبلوماسيون ان حماس "لا تزال منظمة ارهابية فيها قتل جماعي وتسعى الى تدمير اسرائيل".

 وكان اجتماع أمني لمجلس الوزراء الاسرائيلي عقد في عام 2014 لمناقشة المصالحة المقترحة لحركتي فتح وحماس، قرر بالإجماع أن إسرائيل لن تتفاوض مع حكومة فلسطينية تدعمها حماس، ولكن لم تصدر أي تصريحات مماثلة هذه المرة.

وقال وزير الاعمار الاسرائيلي يواف غالانت عضو مجلس الوزراء الامنى ردا على التحركات الاخيرة بان اسرائيل لديها ثلاثة مصالح رئيسية في غزة هي: ان "تبقي المنطقة هادئة وأن تفكك القدرات الإرهابية (الصواريخ والأنفاق والمتفجرات"؛ وأن إسرائيل ليست مسؤولة عن أي شيء يحدث في غزة".

ونتيجة لذلك، قال ان اسرائيل "ستحكم على اي نوع من المحادثات بين حماس وفتح وفقا لمعايير محددة هي: أولا وقبل كل شيء، هل ان حماس على استعداد لقبول وجود إسرائيل في هذا المجال؟ ثانيا، هل ستتوقف عن إطلاق النار والأعمال الإرهابية ضد إسرائيل؟ وثالثا، هل تتطلع إلى مستقبل الفلسطينيين واليهود الذين يعيشون جنبا إلى جنب في هذه المنطقة؟ إذا كانت الإجابة على هذه الأسئلة إيجابية، هناك الكثير للحديث عنها. 

أما إذا كانت الإجابة على هذه الأسئلة سلبية، فلم يتغير شيء وهذا مجرد تمويه ".

وقال إيران ليرمان، الذي خدم في الفترة من 2009 إلى 2015 نائبا للسياسة الخارجية والشؤون الدولية في مجلس الأمن القومي، إن "السبب في عدم استجابة إسرائيل سلبا للتطورات السياسية في غزة هذه المرة يتعلق بالدور الرئيسي لمصر في التوسط لانجاز صفقة". وأضاف ليرمان في مؤتمر عقده "مشروع اسرائيل" ان "الدور المصري علني، ولدينا في الأساس نفس الغرائز التي تفعلها مصر عندما يتعلق الأمر بحركة حماس". وتابع "لكن بالطبع لديهم طرق للتأثير على ما يحدث في غزة لم تعد اسرائيل تملكه". وقال ليرمان ان حماس ادركت ان سكان غزة "مريضون ومعبون من الحرمان" الذي تسبب فيه حكمها وان عليها "ان تلعب وفقا لما يحتاجه شعبها".

واعتبر أنه "اذا كان هناك موضوع اساسي هنا فان حماس كدولة تتفق مع الامور التي رفضتها حماس كمنظمة ارهابية للتوصل الى اتفاق وهذا امر ايجابي". 

وفي الوقت نفسه، أضاف ليرمان أنه لا يوجد احتمال للوحدة الفلسطينية الحقيقية، لأن حماس لن تضع أسلحتها تحت سيطرة الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية.

 من هذا المنظور، قال، من وجهة نظر إسرائيلية، إن التطورات الحالية في غزة "لن تحدث أي تغيير في التهديدات التي لا تزال حماس تشكلها".

واتفق ليرمان مع أولئك الذين يرون أوجه التشابه بين ما يمكن أن يظهر في غزة ونموذج "حزب الله" في لبنان، حيث تكون الحكومة اللبنانية مسؤولة عن جمع القمامة وتنفيذ العلاقات الدبلوماسية للبلاد، و"حزب الله" يحتفظ بأسلحته وحرية كاملة في العمل .

وفي الوقت نفسه، رحبت الولايات المتحدة بالجهود الرامية الى "تهيئة الظروف التي تسمح للسلطة الفلسطينية بتحمل مسؤولياتها كاملة في غزة". 

وأصدر جيسون غرينبلات، الممثل الخاص للمفاوضات الدولية في البيت الابيض، بيانا قال فيه ان الولايات المتحدة ستراقب عن كثب التطورات " في الوقت الذي تحث فيه السلطة الفلسطينية واسرائيل والمانحين الدوليين على محاولة تحسين الوضع الانساني في غزة". 

واضاف البيان ان الولايات المتحدة "تؤكد ان على اي حكومة فلسطينية ان تلتزم بشكل لا لبس فيه وصراحة باللاعنف والاعتراف بدولة اسرائيل وقبول الاتفاقات والالتزامات السابقة بين الطرفين والمفاوضات السلمية".