طرابلس ـ فاطمة سعداوي
أعلنت مؤسسة النفط، التابعة لحكومة الوفاق الوطني الليبية، أمس السبت، عن اقتحام محطة تابعة لحقل "الشرارة" النفطي من قبل من وصفتهم بـ"مجموعة من المسلحين مجهولي الهوية"، فيما اعتبر فائز السراج، رئيس الحكومة، لدى لقائه الأول من نوعه مع فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية، بالعاصمة طرابلس أن النفط "هو المصدر الوحيد للدخل في ليبيا، ويجب أن يكون في منأى عن الخلافات والمغامرات السياسية، وخارج نطاق الصراعات بمختلف أشكالها".
وقالت مؤسسة النفط في بيان لها أمس إنه تم إغلاق آبار النفط في المناطق المجاورة، وإجلاء جميع العمال الآخرين كإجراء احترازي، وأوضحت المؤسسة، التي توقعت أن تبلغ خسائر الإنتاج 160 ألف برميل في اليوم، أنه تم خطف أربعة موظفين من قبل المهاجمين، قبل أن يتم إطلاق سراح اثنين منهم.
وطبقا للبيان، فإن أعضاء مجلس إدارة المؤسسة "يراقبون التطورات عن كثب مع إدارة شركة أكاكوس"، مشيرا إلى تعليمات صدرت إلى رئيس لجنة إدارة الشركة، ومدير عام العمليات للتواجد في الموقع، فيما تتواصل المؤسسة مع السلطات المختصة لحل هذه المشكلة وضمان سلامة الموظفين، وشركة "أكاكوس" مشروع مشترك بين المؤسسة الوطنية للنفط، ومجموعة شركات "توتال" و"ريبسول" و"شتات أويل" و"أو، إم، في".
في غضون ذلك، قال مهندسون بحقل الشرارة العملاق إنه تم البدء في عملية إخلاء الموظفين الأجانب من حقل الشرارة، إثر خطف عاملين، أحدهما أجنبي، في هجوم شنته جماعة مجهولة على منشأة بالحقل، وقال أحد المهندسين إن الهجوم وقع على محطة للتحكم على مشارف الشرارة، التي تبعد نحو 40 كيلومترا عن الجزء الرئيسي من الحقل النفطي، فيما أكد أحد العاملين بالحقل أنه "تم خطف أربعة موظفين من زملائنا، ثلاثة ليبيين وموظف روماني الجنسية، وحتى الآن لم يتم سوى إطلاق سراح اثنين من الليبيين فقط، أما باقي الموظفين فما يزال مصيرهم مجهولا"، مشيرا إلى تدهور الوضع الأمني في حقل الشرارة، وإلى تعرض سيارة منذ أيام قليلة لعملية سطو، تم خلالها اختطاف مهندسين، قبل أن يطلق سراحهما في محطة أوباري للكهرباء.
ويعد الشرارة أكبر حقول النفط في ليبيا، إذ ينتج نحو 270 ألف برميل يوميا، ما يمثل أكثر من ربع الإنتاج الليبي من الخام، الذي وصل إلى مليون برميل يوميًا في أغسطس (آب) الماضي، وقد أُغلق حقل الشرارة أكثر من مرة بشكل مؤقت خلال العام الجاري، كما تعرض للغلق من حرس المنشآت النفطية لأكثر من عامين.
من جهة ثانية، قامت فيدريكا موغريني، الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية، أمس بزيارة تعد الأولى من نوعها إلى العاصمة الليبية طرابلس، والتقت على رأس وفد من الاتحاد الأوروبي فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، وقال بيان للسراج إن اللقاء الأول من نوعه بين الطرفين تناول عددا من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية، إضافة إلى ظاهرة الهجرة غير الشرعية، لافتا إلى أن موغريني جددت تأكيدها على دعم الاتحاد الأوروبي الكامل لحكومة السراج.
وطبقا للبيان، فقد أبدت موغريني ارتياحها لتجاوز الأزمة في منطقة الهلال النفطي، وعودة الأمور إلى طبيعتها، مؤكدة أن "الثروة النفطية ملك لكل الليبيين، ويجب أن تسخر لإنعاش الاقتصاد، وتحقيق الازدهار للبلد، وبما يفرض عدم تكرار مثل هذه الأحداث الضارة على أكثر من صعيد".
ونقل البيان عن موغريني أن سياسة الاتحاد الأوروبي "تستهدف تحقيق الاستقرار في ليبيا، والاهتمام ليس مقتصرًا على قضية الهجرة فقط"، مشيرا إلى عدد من المشاريع المخصصة لدعم ليبيا في المجال الاقتصادي، ودعم البلديات وأجهزة الدولة ومؤسساتها، بالإضافة لبرنامج تدريب خفر السواحل، والعمل المشترك على تأمين حدود ليبيا الجنوبية.
وخلال اللقاء اتفق الجانبان على ضرورة إيجاد حل شامل لملف الهجرة غير الشرعية، بحيث يأخذ في الاعتبار كافة أبعاد المشكلة، وضرورة الاهتمام بتنمية دول المصدر، وذلك من خلال مخطط شامل لدعم المنطقة اقتصاديا، وأثنى السراج على ما يقدمه الاتحاد الأوروبي من دعم لحكومته، مشيرا إلى اتفاق الطرفين على أهمية وجود موقف أوروبي موحد تجاه القضايا السياسية في ليبيا، وأن يجري العمل بالنسبة لمسار الانتخابات، وغيرها من مسارات تحت مظلة الأمم المتحدة، كما عبّر عن تطلعه إلى علاقة شراكة حقيقية بين ليبيا والاتحاد الأوروبي، إذ أوضح البيان أن موغريني وافقت على مطالبه بشأن تفعيل اللجان المشتركة.