القاهرة - مصر اليوم
أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن العلاقة بين بلاده ودول مجلس التعاون الخليجي علاقة وثيقة، لافتا إلى أن التشاور والتنسيق بين الطرفين لهما أهمية في حفظ الأمن الإقليمي. وأضاف شكري خلال الاجتماع المشترك مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بالعاصمة السعودية الرياض، أن هناك توافقا تاما على ضرورة عقد الانتخابات الليبية في موعدها، وخروج القوات الأجنبية بحيث يعود الاستقرار إلى البلاد. وتولي القاهرة والدول الخليجية قضية إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا والالتزام بخارطة الطريق أهمية كبرى، الأمر الذي سبق أن أكده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في جميع لقاءاته بالمسؤولين الدوليين. وعلى مدار السنوات العشر الأخيرة بالأزمة الليبية، لعبت مصر والدول الخليجية دورا محوريا من خلال المؤسسات الدولية في دعم الحل السياسي ووقف إطلاق النار بين أبناء الشعب الليبي.
وعن أهمية هذا الدور قال الباحث السياسي تامر أبو جامع، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "القاهرة ودول الخليج العربي سخرت دبلوماسيتها البارعة في نسج الخيوط الداعمة للحل الوطني الليبي، والبداية كانت من رفض التدخلات العسكرية الخارجية، وعقد اجتماع تنسيقي وزاري ضم وزراء خارجية كل من فرنسا واليونان وقبرص وإيطاليا، وبذلك اعتبرت القاهرة أن ما يحدث في ليبيا أمرا إقليميا، وليس نزاعا محليا". كما شاركت القاهرة بشكل فعال في مؤتمر برلين لحل الأزمة الليبية الذي عقد في 19 يناير 2020، وأكدت آنذاك أنه لا مصلحة لأحد في أن تتحول ليبيا إلى بلد تتخطفه الأزمات وتمزقه الصراعات، وأن تصبح مصدرا للتهديدات الإرهابية.
وسلَّط أبو جامع الضوء على مجهودات القاهرة المتواصلة بدعم من الأشقاء في الخليج العربي، حيث شملت المشاركة في الاجتماعات الوزارية على مدار العام لدول جوار ليبيا، والتي عُقدت بالتناوب بين مصر وتونس والجزائر. في السياق ذاته، قدم رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي عبد المنعم اليسير، الشكر للقيادة السياسية والشعب المصري والخليجي على المجهودات الصادقة التي بذلت وما زالت من أجل دعم استقرار ليبيا. وأشاد اليسير، خلال تصريحات، بالدبلوماسية المصرية بوجه خاص، والعربية بوجه عام، التي لم تدخر جهدا لحل الأزمة الليبية، مستشهدا بجهود القاهرة في الاجتماع الوزاري للجنة المتابعة الدولية المنبثقة عن قمة مؤتمر برلين حول ليبيا، كذلك دعم اتفاق وقف إطلاق النار الدائم الذي توصل إليه المسؤولون الليبيون في محادثات جنيف.
طوال السنوات الخمس الماضية، استقبلت القاهرة كل الفصائل الليبية، ووقفت على مسافة واحدة من المتحاربين، واكتشف الجميع أن مصر ليست لديها أي أطماع في ليبيا، هكذا وصف المحلل السياسي تامر أبو جامع السنوات الأخيرة للجهود المصرية في ليبيا. وأضاف أن القاهرة تجني الآن ثمار جهودها بعقد الانتخابات الوطنية في موعدها المحدد في 24 ديسمبر الجاري، بناء على القوانين التي أقرها البرلمان الليبي، وذلك كخطوة مهمة وفارقة للانتقال بليبيا إلى واقع جديد ونظام سياسي مستدام يستند إلى إرادة الشعب الليبي باختياره الحر. عملت مصر ولا تزال بدعم من الأشقاء في الخليج العربي على إيجاد أرضية مشتركة بين كافة الليبيين بهدف مساعدتهم على التوصل إلى رؤية تنفيذية وطنية متكاملة تعالج جذور الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعاني منها ليبيا منذ عام 2011.
وكانت أبرز تلك الجهود تدشين مبادرة "إعلان القاهرة" في يونيو 2020 كمبادرة ليبية-ليبية، لحل الأزمة في إطار جهود الأمم المتحدة. وعقب "إعلان القاهرة"، عملت القيادة المصرية على تكثيف الاتصالات والاجتماعات مع كافة الأطراف الدولية المعنية لحل الأزمة للبناء على المبادرة، كما حثت كافة الأطراف داخل ليبيا للعودة للمسار التفاوضي وإعادة الإرادة والسيادة الليبية لليبيين أنفسهم، والتصدي لكافة أشكال التدخلات الخارجية. في مسألة التصدي للتدخلات الخارجية، أشاد اليسير بـ"الحنكة" المصرية والتكاتف العربي من أجل حماية مقدرات الشعب الليبي، ومنع السطو عليها من قوى خارجية.
وقال اليسير: "إن الاستراتيجية المصرية تجاه الأزمة الليبية انطلقت من قاعدة المصير المشترك والتاريخ، فالقاهرة دائما سند للشعب الليبي، وصمام الأمان، حيث أكدت القاهرة التزامها الكامل بتنفيذ أجندة الإصلاح الاقتصادي لضمان الاستفادة المثلى من موارد ليبيا، تلبية لآمال شعبها". وبيّن اليسير أن المجهودات المصرية لم تقف عند حدّ الدبلوماسية فقط، بل شملت الجوانب الاقتصادية أيضا والعسكرية، ومساعدة الجيش الليبي في بناء قدراته وتوحيده، والمساعدة في التخلص من البؤر الإرهابية، بخلاف التأكيد على ضرورة الاهتمام بالتوزيع العادل للثروات، لتحقيق التنمية الشاملة في كافة ربوع وأقاليم ليبيا، ودفع عجلة الاقتصاد. ولفت رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي، إلى أن القوة الناعمة التي تتمتع بها مصر ساعدت في دفع العملية السياسية بليبيا، والتي وصلت الآن إلى بوابة أول استحقاق انتخابي.
وحول ذات الموضوع، قال أبو جامع، إن القاهرة عملت من اللحظة الأولى على التصدي لمحاولات الأطراف الخارجية وأذرعها الداخلية الرامية لاستنزاف مقدرات ليبيا، وكذلك للتصدي لكافة المقترحات المتضمنة فرض حلول على الليبيين. وأوضح أن الدبلوماسية المصرية، نجحت في إتمام المصالحة بين الفرقاء الليبيين عبر جولات استضافة عدد كبير من الشخصيات الليبية النافذة من كافة المناطق الليبية، لإتمام مصالحات على المستوى الوطني بين الفرقاء. ومع اقتراب أول استحقاق انتخابي في ليبيا، لا تزال رؤية مصر لليبيا تتمثل في البحث عن حل سياسي، تدعمه رؤية وطنية ليبية، تصون مقدرات الشعب الليبي، وتحافظ على وحدة أراضيه، وترفض أي إملاءات خارجية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
شكري يتوجه إلى قبرص في زيارة ثنائية لتعزيز العلاقات بين البلدين