طرابلس ـ فاطمة سعداوي
أكّد وزير الدفاع الليبي في حكومة فائز السراج المدعومة دوليًا، العقيد المهدي البرغثي، أن إجراء الانتخابات في البلاد كفيل بتوحيد مؤسسات الدولة والقضاء على الإرهاب، لافتًا عقب تفجير تنظيم "داعش" للمفوضية العليا للانتخابات بالعاصمة الليبية، إلى أن خلايا التنظيم النائمة موجودة في طرابلس ومدن أخرى، موضحًا أن التنظيم المتطرف استغل غياب الدولة والجيش في الجنوب، ليوجد له أرضًا خصبة في تلك الصحراء الشاسعة، مشدّدًا في هذا السياق على أن مواجهة الإرهاب تتطلب الإسراع في إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، قصد توحيد البلاد وإعادة الاستقرار والأمن للشعب الليبي.
وبخصوص موقفه من محاولات توحيد المؤسسة العسكرية الليبية، التي تجرى في القاهرة برعاية مصرية، علّق البرغثي، قائلًا إنه مع أي جهد يفضي إلى المصالحة، مشيرًا إلى أنه يشجع زملاءه في المؤسسة العسكرية على الانخراط في جهود توحيد الجيش، أما بخصوص موقفه من سيف الإسلام، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، فقد أوضح البرغثي أنه جزء من الحل، ويمكنه الترشح للرئاسة ما دام تحققت فيه الشروط.
وبشكل مفصّل تحدث البرغثي عن تفجير "داعش" لمفوضية الانتخابات، فقال "هذه العملية الإجرامية تؤكد لنا ضرورة الدخول في طريق الانتخابات، فإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، بداية الطريق لإعادة وحدة البلاد وأمنها واستقرارها، ومن هنا يمكن القضاء على خطر الإرهاب، لإن مواجهة تنظيمات مثل "داعش" و"القاعدة" تعد أمورًا صعبة، بالنظر إلى وقوف بعض أجهزة الاستخبارات الدولية مع هذه التنظيمات المثيرة للفوضى، ولذلك أرى أن القضاء على الإرهاب في ليبيا يحتم علينا الإسراع في إيجاد سلطة موحدة وإجراء انتخابات، لكن المشكلة اليوم، تتمثل في توطن مجموعات إرهابية في الجنوب الليبي، وهذا يرجع إلى غياب القوات العسكرية والأمنية في تلك المناطق الصحراوية الشاسعة، وبالتالي، فإن تنامي هذه التنظيمات في الجنوب يمكّنها من أن تكون لها خلايا نائمة وأذرع للبطش في أي مكان وزمان.
وأضاف "لكي تقيم دولة لا بد أن يكون لديك دستور دائم وسلطة موحدة، نحن مع انتخابات رئاسية وبرلمانية في ظل دستور يتوافق عليه الليبيون، وهذا في رأيي مطلب شعبي، وبمجرد إنجاز الانتخابات ستكون لدينا حكومة وحدة وطنية شرعية، لديها القدرة على القضاء على الإرهاب، واستعادة الأمن، أنا لست مع من يذهبون إلى نشر الإحباط بسبب التفجير الإرهابي الأخير، وعملية الأربعاء الماضي، الجبانة، ستزيد الليبيين، وكل من يعملون من أجل الانتخابات، إصرارًا على مواصلة الحراك في هذا الاتجاه، وعلى رأس هؤلاء مفوضية الانتخابات نفسها، البلاد مهيأة لهذا الأمر، وأعتقد أن المعضلة تتعلق ببعض القيادات السياسية فقط، البلاد ليست أسوأ وضعًا مما كانت عليه في عام 2014".
وبشأن عدم التوافق على مواد الدستور حتى الآن، وعدم طرحه للاستفتاء بعد قال "وأنا أسأل: ما الحل؟ هل نستمر في الدوران في حلقات مفرغة، وأن نستمر في الجدل بلا نهاية؟ إذا لم نحسم الأمر، وإذا لم نقدم تنازلات، وإذا لم نتمكن من إنجاز الدستور، والدخول في العملية الانتخابية، فإن البديل هو مزيد من الإرهاب والمعاناة، ومزيد من التدخلات الخارجية في شؤون بلادنا".
ولفت إلى أن "طرابلس جاهزة لعودة السفراء الأجانب إلى حد لا بأس به، أمنيًا، ولنكن واضحين، قد تكون طرابلس أفضل، إذا قارنا ما يحدث من تفجيرات في مناطق أخرى، يمكن أن تجد طرابلس الأقل في هذا الجانب، مقارنة بأماكن أخرى، العاصمة، من الناحية الأمنية، ربما أفضل من أي منطقة أخرى".
وأشار البرغثي إلى أنه يؤيد جهود توحيد المؤسسة العسكرية التي ترعاها مصر، فقال " نحن دون شك مع أي جهد يفضي إلى المصالحة"، متابعا "إلى الآن لم أحضر أي اجتماع، لكننا نشجع على هذا الأمر، سواء مع زملائنا، أو في الاجتماعات، ونشدد على الانخراط في هذا الاتجاه، وحين تتوحد القيادة السياسية، تلقائيًا، سوف تتوحد باقي المؤسسات، سواء العسكرية، أو غيرها".
ونفى في نفس الوقت أن تكون المنطقة الشرقية أصبحت فعلًا خالية من الجماعات المسلحة، فقال "ما دام لا توجد حكومة وحدة وطنية، تمثل كل الليبيين، سيظل الإرهاب موجودًا في الشرق وفي الغرب وفي كل مكان، بدليل تفجير موكب رئيس الأركان التابع للبرلمان عبد الرزاق الناظوري، وبدليل محاولات أخرى، منها اغتيالات ومنها تفجير لمساجد وغيرها".
وفي سياق متصل، أوضح أنه يلوم على أداء رئيس البعثة الأممية في ليبيا غسان سلامة، مؤكدًا "نلوم قياداتنا، هو قال كلمة هي بيت القصيد، قال هناك أناس مبدعون في وضع العراقيل، يبدو أنه لم يجد أناسًا لديهم إرادة حقيقية في توحيد البلاد، ومهما وضعوا من مبعوث أممي، فدون إرادة حقيقية لدى السياسيين، لن يتم أي شيء".
وبخصوص خصومته مع المشير حفتر بعد انتقاله إلى طرابلس، قال "لم أنتقل إلى طرابلس إلا من أجل المصالحة الوطنية، وأنا أرى أن البلاد لن تستقر أو تهدأ إلا بحكومة وحدة وطينة، ليست لدينا مشكلة مع أي واقع ليبي، بمعنى أوضح، ليست لدينا مشكلة مع أي شخصية"، وأضاف أن "هناك بعض الأمور مع السراج وهي إن شاء الله في طريقها إلى التسوية".
وواصل " شهدت طرابلس اشتباكات خلال الأيام الأخيرة، قبيل تفجير المفوضية قوات يفترض أنها تابعة للمجلس الرئاسي، لكن مع ذلك أقول إنه لم تعد هناك تلك الاختراقات التي كانت تحدث في السابق، وحتى بالنسبة للشرق، فرغم التضحيات التي تم تقديمها في بنغازي، فإنه ما زالت تحدث بين الحين والآخر اشتباكات، حتى بين الجيش والشرطة، كان آخرها بين عناصر من البحث الجنائي، وواحدة من كتائب الجيش، ولهذا أقول إنه لا بد أن نصل إلى مؤسسة احترافية، وهذا يتطلب وقتًا، وهو أمر بديهي لأن هذه مؤسسات عسكرية تحتاج إلى خطة وتدريب وإعادة تأهيل، لا يمكن أن نتحصل على مؤسسة عسكرية حرفية بين عشية وضحاها، وأنا أرى الآن، سواء في الشرق أو في الغرب، أن الأمور تسير من حسن إلى أحسن، لكن المشكلة الكبيرة حاليًا توجد في الجنوب، الذي يعاني من شبه غياب للدولة نتيجة الانقسام السياسي".
وعلى الجانب الآخر أوضح البرغثي مكان تواجد سيف الإسلام القذافي، فقال "هو موجود في ليبيا، حسب المعلومات المتواترة لدينا، لكن القناعة الشعبية وقناعتي أنا منذ البداية، أن لا شيء يمنعه من ممارسة حقوقه السياسية، وقد أصبحت هذه قناعة شعبية، هو موجود في ليبيا، وأنا أرى فيه أنه جزء من الحل، وركن من أركان الحل"، ولفت إلى أن "من حقه يترشح لانتخابات الرئاسة من دون شك، ومن حق أي واحد ما دام تحققت فيه الشروط".