الرئيس عبد الفتاح السيسي

أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن عدم التواصل مع الشباب من أهم أسباب الثورات التي حصلت في مصر وليبيا وسورية، مشيرا إلى أن بناء الجسور مع الشباب ضروري لإشراكهم في التنمية وإبعادهم عن التطرف وتمكينهم من لعب دور في صناعة الازدهار والاستقرار.

وشدد الرئيس السيسي - في حديث مع صحيفة (الشرق الأوسط) السعودية على هامش منتدى شباب العالم في شرم الشيخ - على أن القوى التي تستهدف مصر هي نفسها التي تستهدف المنطقة، لافتا إلى أن قوى الشر تتشكل من تنظيمات متطرفة أو دول إقليمية تسعى إلى زعزعة الاستقرار وقلب المعادلات. كما أكد الرئيس السيسي على أن التوازن في لبنان شرط من شروط الاستقرار، وأنه لابد من الحفاظ على هذا التوازن دون تدخل، وأشار إلى أن تحرك السعودية في اتجاه العراق أمر رائع ورسالة للأخرين أننا كعرب نستطيع أن نكون قوة هائلة إذا كنا معا، منوها بأن السعودية تظهر حنكة وحزما بتوازن رائع وتحقق خطوات عملاقة على أكثر من صعيد.

وأضاف "حين نتحدث عن المستقبل، فهذا يعني أننا نتحدث عن الشباب، ولدينا حرص دائم على اللقاء بالشباب والاستماع إلى آرائهم وتطلعاتهم وهواجسهم والتحاور معهم بشأنها، وفي اعتقادي أن عدم التواصل مع الشباب كان من أهم أسباب الثورات التي حصلت في مصر وليبيا وسورية، فبناء الجسور مع الشباب ضروري لاشراكهم في التنمية ولإبعادهم عن التطرف وتمكينهم من لعب دور في صناعة الازدهار والاستقرار، ونحن نتحدث في مصر عن مجتمع شاب؛ إذ أن 65% من المصريين دون سن الأربعين".

وبيَّن "بدأنا تجربة شملت محافظات مصرية عدة، وكان يشارك في اللقاء نحو ألف شاب وتذاع المداولات مباشرة على الهواء، ليكون المجتمع شريكا في التعرف على هواجس الأجيال الجديدة، ولا أبالغ إذا قلت إن النتيجة كانت رائعة وأتاحت فرصة المشاركة في الهموم والآمال والتطلعات، وفي ضوء هذه النتيجة، قررنا توسيع المناسبة، فشبابنا جزء من شباب العالم ويتطلع مثلهم إلى فرصة عمل والعيش بكرامة، وأن تكون له مساهمته في مستقبل وطنه، واليوم وفي ضوء التطورات العلمية والتكنولوجية يملك الشباب خبرات كثيرة لا يجوز تجاهلها".

وأشار إلى أن "القوى التي تستهدف مصر تستهدف المنطقة أيضا، إنها قوى الشر التي تتشكل من تنظيمات متطرفة أو دول إقليمية تسعى إلى زعزعة الاستقرار وقلب المعادلات، وقرارنا حاسم بالتصدي لهذه الاعتداءات والمحاولات، وإرادتنا صلبة، وعلينا كدول عربية أن نتكاتف دفاعا عن أمننا القومي واستقرارنا ضد محاولات تقسيم بلادنا أو إغراقها في الفوضى واستنزاف اقتصادها وفرص تقدمها، وأثق تماما في أننا ومع أشقائنا في دول الخليج ودول عربية أخرى نستطيع إذا وحدنا جهودنا أن نتصدى لمن يستهدف بلداننا ومنطقتنا ودورنا".

وعن الدول التي تدعم الإرهاب بيَّن "موقفنا واضح في هذا المجال، قلنا مع أشقائنا في السعودية والإمارات والبحرين اسم من يدعم الإرهاب بالمال والسلاح والإعلام، واتخذنا موقفا قاطعا برفض سياسات التدخل في شؤون الآخرين". ومطالبنا واضحة، وهي وقف دعم الإرهاب والتدخل في شؤون الآخرين واحترام سيادة الدول، وهذه المطالب بديهية ومشروعة، والكرة في ملعب قطر، وطبعا هناك الوساطة الكويتية التي نقدرها، لكن الأمر في النهاية مرتبط برد فعل قطر، ونحن لا نريد إملاء سياسات على الآخرين ولا التدخل في شؤونهم، ولهذا نتوقع منهم أن يعتمدوا سلوكا مشابها، نريد السلام والاستقرار في المنطقة، ولابد من وقف السياسات المزدوجة".

وأشار "في علاقاتنا الخارجية لم نكن يوما دعاة استفزاز أو تصعيد، لا؛ بل أن سياستنا تقوم على بناء جسور التعاون على القواعد الدولية المعروفة ببساطة، فمصر ليست دولة صغيرة ليقرر مصيرها الآخرون، ونحن لا نقحم أنفسنا في السياسات الداخلية للدول الأخرى ونحترم خياراتها، ونتوقع من هذه الدول أن ترد بالمثل لتكون العلاقات الطبيعية ممكنة".

وبخصوص الهجمات على سيناء أوضح "ترد القوات المسلحة على هذه الهجمات، وتوجه ضربات قاسية إلى الإرهابيين، والحقيقة أن هذه العمليات تتم في مساحة محدودة جدا من سيناء لا تزيد على 2%، وطبعا هناك عامل لابد للقوات المسلحة المصرية من أخذه في الاعتبار، وهو عدم التسبب في سقوط ضحايا في صفوف المدنيين، وهذا يؤخر العمليات أحيانا، فهؤلاء أبناء شعبنا وعلينا أن ننقذهم من الإرهاب وأن نحرص على سلامتهم، والأكيد هو أن الإرهاب لم ينجح في شل إرادة الدولة المصرية التي تتابع جهودها وخططها للتنمية ومعالجة المشاكل الاقتصادية والمعيشية".

وعن العلاقة مع السعودية قال "العلاقة مع المملكة علاقة عميقة واستراتيجية، وهي لمصلحة البلدين والأمن القومي العربي، وهذا يصدق أيضا على علاقتنا مع دولة الإمارات، لهذا ترى اصطفافنا معا من أجل الدفاع عن الأمن القومي العربي، وبأمانة أقول إن أشقاءنا في السعودية يديرون الأمور بحكمة وحزم، ولهذا أقول لهم: نحن دائماً معا، وهذه المسألة واضحة تماما، واستقرار المملكة استقرار لمصر؛ والعكس صحيح، والأمر نفسه بالنسبة إلى الإمارات والبحرين والكويت".

وبيَّن "أسجل بكل تقدير واحترام ما يجري في السعودية من خطوات عملاقة على أكثر من صعيد ستكون لها نتائجها الإيجابية داخل المملكة وخارجها، وهي خطوات مدروسة وجريئة، أنه في الحقيقة أمر مثير للإعجاب، فتحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده تحقق السعودية قفزات نحو المستقبل، وتتسم القيادة السعودية بالحزم والحكمة معا في نهجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتتحرك في كل المجالات بشكل رائع".

"وأن نهج السعودية القائم على الاعتدال وتشديدها على المواجهة الشاملة للتطرف وأسبابه، وحرمان أنصار التطرف والغلو من مصادرة الدين ومنابره، وتشديدها على قيم الانفتاح والتعايش والشراكة والحداثة، كلها عناصر تثير الطمأنينة". "وأريد أن أقول أيضا أن تحرك السعودية في اتجاه العراق أمر رائع فعلا، وهو رسالة للآخرين أننا كعرب نستطيع أن نكون قوة هائلة إذا كنا معا، إن أشقاءنا في السعودية والإمارات والبحرين يعون تماما مخاطر التدخلات وسياسات زعزعة الاستقرار، ويدركون أهمية تحصين الأمن القومي العربي، والقيادة السعودية تظهر حنكة وحزما بتوازن رائع، وأكرر: نحن معا نستطيع".

وعن الموقف من الأزمة السورية قال "موقفنا من سورية والأزمات الأخرى تحكمه ثوابت في سياستنا الخارجية، ونحن مع الدولة الوطنية ووحدة أراضيها وضد كل محاولات التقسيم والتفتيت لأسباب عرقية أو مذهبية، ونحن مع أن تكون سيادة هذه الدول محمية من قبل الجيوش الوطنية لا من قبل الميليشيات المسلحة، ونحن مع الدولة الوطنية والجيش الوطني، وليس مع الميليشيات الطائفية التي تؤدي إلى تفسخ الدول وإغراقها في حروب لا تنتهي، ونحن مع امتلاك كل دولة قرارها بعيدا عن أي هيمنة خارجية أو وصاية، ونحن مع احترام القوانين الدولية وسيادة الدول وحدودها الدولية، وهذا ينطبق على سورية وغيرها".

وعن احتمال قيام إسرائيل بشن حرب ردا على اقتراب (حزب الله) وميليشيات موالية لإيران من الجولان أوضح "أتمنى ألا يحدث ذلك؛ إذ يكفي المنطقة ما تعيشه من اهتزاز واضطراب، ثم إن التجارب تقول إن الحروب لا تحل المشاكل، وأن الأخطر من مجرياتها العسكرية هو نتائجها اللاحقة، ويكفي سورية أيضا ما تعيشه، وأنا أدعو إلى احترام سيادتها وأمنها واستقرارها، وإلى احترام إرادة الشعب السوري، والمزيد من الحروب لن تحل المشكلة، والحل هو إنهاء النزاعات بالحوار وعلى أسس سليمة لتمكين الدول من معالجة مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية، وهي كثيرة".

وبخصوص ليبيا بيَّن "دعمنا دائماً كل المحاولات لإخراج ليبيا من الوضع الذي تعيشه، فنحن لا نريد لليبيا أن تكون مصدر خطر على نفسها أو جيرانها، ولهذا أيدنا جهود المبعوثين الدوليين؛ وبينهم المبعوث الحالي الدكتور غسان سلامة، وليبيا نموذج آخر لما يمكن أن يحدث حين تنهار الدولة وتتقدم الميليشيات لتقاسم البلد ومناطقه وثرواته، ومطلبنا في ليبيا أن تكون مستقرة، وأن تُصان وحدتها، وأن يعيش الليبيون في ظل من يختارونهم بعيدا عن التطرف والإرهاب، ومرة أخرى؛ نحن مع الجيش الوطني وليس مع الميليشيات".

وأشار بخصوص الشأن اليمني إلى أنه "وفق القواعد التي أشرت إليها سابقا؛ أي على قاعدة الحوار وقيام الدولة وجيشها الوطني استنادا إلى الاتفاق الداخلي واحترام المواثيق الدولية، يجب أن تنصرف الدول إلى الاهتمام بمشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية للتغلب على آثار الحروب، وألا تستخدم في عمليات زعزعة استقرار أو تهديد أمن الآخرين".

وعن التطورات الأخيرة بين بغداد وأربيل قال "قبل الاستفتاء أعلنا بوضوح أننا مع وحدة العراق، الذي يتمتع الأكراد فيه بحكم ذاتي، وشددنا على ضرورة حل المشاكل بالحوار، وإننا مع وحدة العراق، ومع الحوار كإسلوب لحل الأزمات".

وعن الوضع في لبنان بعد استقالة سعد الحريري أوضح "لبنان بطبيعته دولة متعددة ومتنوعة التركيبة، والتوازن في لبنان شرط من شروط الاستقرار، ولابد من الحفاظ على هذا التوازن ودون أي تدخل خارجي، وسبق وقلت أن ضعف الدولة الوطنية يفسح المجال للاضطراب والفوضى، وأعتقد أن التجارب السابقة ستدفع اللبنانيين إلى إنقاذ استقرارهم الذي يعنينا كثيرا، فاستقرار لبنان مهم لنا وللعالم العربي".

وعن العلاقة بين حماس وفتح بيَّن "المصالحة الفلسطينية مسألة حيوية ومهمة للشعب الفلسطيني، ونحن شجعنا جهود المصالحة وواكبناها ونعتبرها مصلحة خالصة للفلسطينيين، ونأمل أن تصب نتائج المصالحة في خدمة مسيرة السلام، والمنطقة تحتاج إلى السلام، لأن غيابه كلف المنطقة كثيرا واستنزف طاقاتها".

وأضاف "نحن نسعى مع كل الأطراف التي تستطيع أن تدلي بدلوها في هذا الموضوع، ونعتبر أن أميركا هي القوة الرئيسية القادرة على دفع عملية السلام إلى آفاق أفضل، ونستطيع نحن العرب بجهودنا أن نقنع الرأي العام الإسرائيلي بفوائد السلام التي يشكل السلام المصري - الإسرائيلي دليلا عليها، وإن إيجاد حل للقضية الفلسطينية يدخل المنطقة في وضع جديد، وأشقاؤنا في الخليج يتفهمون هذه المسألة".

وأعلن "نحن نعتبر العلاقات مع أميركا استراتيجية ولمصلحة الطرفين، ونحرص على أن تكون مستقرة، ولعل هذه العلاقة تعرضت في 2011 لضغوط، لكنها في عهد الرئيس ترامب ستعود إلى ما كانت عليه وستزيد".

وبخصوص التوجه لروسيا قال "علاقاتنا مع كل دول العالم جيدة، وهي طيبة مع روسيا والصين أيضا، وإن عصر الاستقطاب قد ولى، وتهتم الدول اليوم بتنويع علاقاتها وتوسيع مجالات التعاون، وليس من الضروري أن تكون العلاقات مع دولة على حساب العلاقات مع دولة أخرى، والحقيقة أننا نحتاج إلى التعاون في مجالات عدة، بينها مكافحة الإرهاب، وهو أخطر عدو لنا، لهذا يجب أن يواجه باستراتيجية شاملة متعددة المحاور ولا تقتصر على البعد الأمني، ولطالما رفعنا الصوت وحذرنا من أن الإرهاب هو العدو الأول للبشرية، وإنه سلاح خبيث استخدم لتهديم الدول وتدميرها".

"وفي هذا السياق، جاءت دعوتنا المتكررة لتجديد الخطاب الديني ومنع الإرهابيين من هدم الدين نفسه قبل الدنيا، الدين رسالة تسامح وتعاون، والذين سعوا إلى مصادرته عبر التطرف ارتكبوا جريمة واسعة بحق الإنسانية وخالفوا روح الدين وتعاليمه".

وبخصوص المفاوضات مع إثيوبيا بشأن مياه النيل أعلن "موضوع مياه النيل موضوع حيوي وحساس جدا، ونحن نقاربه على قاعدة الحفاظ على مصالح مصر وتفهم مصالح الآخرين، ولا نبالغ حين نقول إن النيل بالنسبة لنا قصة حياة أو موت، الموضوع حساس كما قلت، والتعاون فيه يحتاج إلى المثابرة للوصول إلى معادلة تفيد كل الأطراف، وهذا جوهر سياسة مصر في هذا الموضوع".

وعن ترشحه لولاية ثانية أجاب "أنا ابن هذا الشعب، وتربيت على أن كل جهد يجب أن يبذل من أجل مصر وأمنها واستقرارها وتمكين شعبها من عيش حياة طبيعية، هذا حق الناس، وعليّ أن أعمل وأسعى، والمسألة ليست قرارا أتخذه أنا، ولقد اعتبرت دائما أن قرار الشعب هو القرار الحاسم، وأنا لا أستطيع إلا أن ألبي قرار الشعب، سواء كان يقضي باستمراري أو بعدم الاستمرار، الشعب صاحب القرار في هذا الأمر".

وأشار إلى أن "أصعب قرار اتخذته كان قرار الترشح للرئاسة، وأقول إنه الأصعب، لأنني كنت مدركا حجم التحديات التي تواجهها مصر وحجم الأعباء التي تثقل كاهل المواطن المصري". وعن الشخصيات العالمية التي ينظر لها قال "الحقيقة أنا معجب بالجنرال شارل ديغول، لقد عاش دائما جنديا في خدمة بلاده ووضع مصلحة فرنسا فوق كل اعتبار".

وأكد أنه يحب الشعر عموما مبيِّنا "الحقيقة لدى مصر ثروة حقيقية من الشعراء والكتاب الكبار، وبالنسبة إلى يأتي في طليعتهم أحمد شوقي". وأضاف "ثروتنا الفنية هائلة، وبالنسبة لي أنا أحب أم كلثوم وعبدالحليم حافظ، والحقيقة أن مصر أنجبت تجارب فنية رائعة، كما أنها كانت نقطة جذب لعدد غير قليل من الفنانين العرب الذين جاءوا واندمجوا في مناخها الثقافي والفني".