القاهرة - أحمد عبدالله وأسماء سعد
تعد مشاركة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في أعمال مؤتمر ميونخ للأمن لعام ٢٠١٩، والذي توجه على إثرها إلى ألمانيا صباح اليوم، فريدة من نوعها، وتوضح مدى احترام المجتمع الدولي للدور المصري، حيث تعد هذه المرة الأولى منذ تأسيس المؤتمر عام 1963 التي يتحدث فيها رئيس دولة غير أوروبية (السيسي) في الجلسة الرئيسية للمؤتمر.
هذه المشاركة الفاعلة لن تقف عند الحدود الدبلوماسية فحسب، ولكن كما كشف مراقبون لـ"مصر اليوم"، تنطوي على استفادة عظمى لشتى المجالات، تتفق وثقل مصر الدولي،معربين عن تفائلهم بنتائج المؤتمر وتوصياته، خاصة أن الرئيس يحمل في جعبته ملفات ساخنة أهمها مكافحة الإرهاب والهجرة وتعزيز العلاقات بين مصر ودول العالم على جميع الأصعدة.
أول رئيس غير أوروبي يتحدث في تاريخ المؤتمر
قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة طارق فهمي، أن هناك حرص ألماني منذ مدة ليست بالقليلة بتوثيق وتوطيد العلاقات مع القاهرة، وأن هذا الحرص لاينبع فقط من الرغبة في مواصلة تحقيق وإحراز تقدم في ملفات الهجرة غير الشرعية والإرهاب، وإنما تبادل المزايا الاقتصادية من خلال الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية.
وأضاف فهمي، كون الرئيس السيسي هو أول رئيس غير أوروبي يتحدث في تاريخ مؤتمر ميونخ، فذلك الأمر له دلالة هامة على المكانة التي يحظى بها رئيس البلاد وإنعكاس لأهمية مصر نفسها، مشيدا بما حققه السيسي من تطوير للسياسة الخارجية المصرية حتى وصلت إلى هذا القدر من النجاح على الصعيدين الإفريقي والأوروبي.
رئيس اللجنة الخارجية بالبرلمان المصري، كريم درويش، قال إن نواب لجنته عاكفين منذ فترة على تقييم الاستفادات المتوقعة على مصر، من مشاركة الرئيس في أحد أهم وأكبر المؤتمرات الدولية، خاصه أنه الرئيس غير الأوروبي الوحيد الذي سيتحدث في المؤتمر منذ تدشينه، موضحا: تأكدنا من حزمة استفادات ستعود علينا في المجالات الأمنية والسياسية والعسكرية.
ملفات ساخنة يطرحها الرئيس تمثل رؤية مصر
وأوضح درويش لـ"مصر اليوم" أن عرض الرئيس المصري لرؤيته في حل الازمات والملفات المشتعلة في مثل هذا المحفل، لهو أمر يؤكد حرص العالم على الإنصات للقاهرة وما لديها من حلول للمشكلات من ناحية، وأفكار براقة وخلاقة للتنمية وتنشيط التبادل التجاري والاستثماري.
وأختتم درويش بتوقعه أن يستعرض الرئيس السيسي مالديه في الملف الإفريقي، وإبراز رئاسة مصر للإتحاد الإفريقي وخطط القاهرة والتتنمية والتكامل مع شعوب القارة، وربط الطموحات والمشروعات الاوروبية بالإفريقية.
وكان المتحدث الرئاسي السفير بسام راضي قد أوضح أن مؤتمر ميونخ يعد أحد أكبر وأهم المؤتمرات الدولية التي تناقش السياسة الأمنية على مستوى العالم، ويلتقي خلاله المئات من القادة والشخصيات الدولية البارزة وصناع القرار من مختلف دول العالم وفي مختلف المجالات الأمنية والسياسية والعسكرية، للتباحث حول التحديات التي تواجه العالم على مختلف الأصعدة، وسبل التصدي لها.
وتابع أن الرئيس سيطرح خلال المؤتمر رؤية مصر لسبل التوصل إلى حلول سياسية لمختلف الأزمات التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، في ضوء ثوابت سياسة مصر الخارجية التي تستند إلى الحفاظ على كيان الدولة الوطنية، وترسيخ تماسك مؤسساتها، وقواتها الوطنية النظامية واحترام سيادة الدول على أراضيها وسلامتها الإقليمية، وكذا جهود مصر في إطار مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.
كما سيعرض الرئيس رؤية مصر لتعزيز العمل الأفريقي خلال المرحلة المقبلة، في ضوء الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي للعام الجاري ٢٠١٩، وذلك من خلال دفع التكامل الاقتصادي الإقليمي على مستوى القارة، وتسهيل حركة التجارة البينية، في إطار أجندة أفريقيا ٢٠٦٣ للتنمية الشاملة والمستدامة، فضلا عن تعزيز جهود إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات.
قمم ثنائية لتعزيز العلاقات في شتى المجالات
وذكر راضي أن زيارة الرئيس لألمانيا ستتضمن أيضاً نشاطاً مكثفاً على الصعيد الثنائي، حيث من المقرر أن يلتقي مع عدد من رؤساء الدول والحكومات لتعزيز العلاقات الثنائية بين مصر ودولهم في شتي المجالات، بالإضافة إلى تبادل الرؤى ووجهات النظر حول تطورات القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
اقرأ أيضًا:
تفاصيل جلسة قمة الاتحاد الأفريقي الصباحية المُغلقة برئاسة السيسي
كما سيلتقي الرئيس مع كبار رجال الأعمال ورؤساء الشركات في ألمانيا والعالم، وذلك في إطار جهود مصر لتشجيع الاستثمار ودفع جهود التنمية الشاملة بها وكذا استعراض تطورات الإصلاح الاقتصادي في مصر ومستجدات تنفيذ المشروعات التنموية الجاري العمل
مؤتمر ميونخ أصبح الأهم عالميًا بلا منافس
وعلى صعيد المعلومات والمفارقات حول المؤتمر، فإن مداخلة السيسي في الجلسة الرئيسية للمؤتمر التي تعقد صباح السبت بمشاركة المستشارة الألمانية ميركل، ستكون الاولى من نوعها التي يتحدث فيها رئيس دولة غير أوروبية في مثل هذا الحدث.
وقد تأسس المؤتمر عام 1963 كأحد وسائل التقريب بين وجهات نظر كبار القادة في العالم لتفادى نشوب حروب عالمية جديدة، وبالرغم من تغير إسم المؤتمر على مدار العقود الماضية عدة مرات حتى استقر على اسمه الراهن، إلا أن الهدف من المؤتمر لم يتغير وإنما تطور حتى ارتفع عدد المشاركين به من 60 شخصاً عام 1963، أبرزهم هنري كيسينجر وهيلموت شميتد، إلى وصل في الدورة الـ54 للمؤتمر عام 2018 إلى ما يقرب من 350 مشاركا من كبار المسئولين الذين يمثلون 70 دولة.
وينتظر أن يتضاعف عدد المشاركين في دورته الخامسة والخمسين، التي تعقد في فبراير 2019، ليصل إلى ما يقرب من 700 مشارك و1200 صحفياً.
وقد تخطى مؤتمر ميونخ للأمن في أهميته مؤتمر دافوس الاقتصادي، وأصبح أهم مؤتمر دولي للأمن في العالم يشارك به رؤساء الدول والحكومات والمنظمات الدولية والوزراء وأعضاء البرلمان والممثلين رفيعي المستوى للقوات المسلحة والمجتمع المدني، بالإضافة إلى ممثلي دوائر الأعمال ووسائل الإعلام.
يرأس المؤتمر منذ عام 2009 الدبلوماسي الألماني السابق، وسفير ألمانيا الأسبق في واشنطن، "فولفجانج إيشينجر"، والذي حوَّل المؤتمر لمنظمة غير هادفة للربح منذ 2011 يتولى رئاستها منذ ذلك الوقت، بهدف معالجة القضايا الأمنية ومناقشة وتحليل التحديات الأمنية الرئيسية الحالية والمستقبلية من خلال المناقشة وتبادل الآراء حول تطوير العلاقات عبر الأطلنطي وكذلك الأمن الأوروبي والعالمي.
ومن أهم الأحداث التي شهدها ميونخ للأمن على مدار تاريخه كان تبادل كل من وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ووزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون" أدوات التصديق على معاهدة ستارت الجديدة (معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية) في دورة المؤتمر لعام 2011
قد يهمك أيضًا:
الرئيس السيسي يلتقي القيادات العليا بمفوضية الاتحاد الأفريقي