غزة ـ كمال اليازجي
قال ممثل حركة «حماس» في لبنان أحمد عبد الهادي لشبكة «سي بي إس نيوز» إن وفداً من الحركة لن يحضر محاولة استئناف محادثات وقف إطلاق النار مع إسرائيل يوم الخميس، مضيفاً أن «حماس» لم تتلقَ ضمانات بأن إسرائيل ستلتزم بالتفاوض على أساس الاقتراح السابق المؤرخ في 2 يوليو (تموز).
وأوضح عبد الهادي، في بيان للشبكة أمس الثلاثاء: «لسنا ضد مفهوم المفاوضات وكنا مرنين في الجولات السابقة».
وأضاف: «لكن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته رفضا الاقتراح، ووضعا شروطاً جديدة، واغتالا رئيس حركتنا»، في إشارة إلى اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، في العاصمة الإيرانية طهران في نهاية الشهر الماضي.
وكان هنية المفاوض الرئيسي لـ«حماس» في محادثات وقف إطلاق النار.
وأضاف عبد الهادي: «لذلك لن نشارك» في محادثات 15 أغسطس (آب)، «وسنعود إلى المربع رقم واحد». وقالت «حماس» إنها مستعدة للاجتماع مع الوسطاء بعد محادثات الخميس في قطر، إذا قدمت إسرائيل ما وصف بـ«استجابة جادة»، وفقاً لدبلوماسي مطلع على المحادثات.
وأكد عبد الهادي: «نحن جادون في التوصل إلى اتفاق لأنه من مسؤوليتنا تجاه شعبنا إيقاف المجازر والحرب المجاعة التي يرتكبها (الاحتلال) ضد شعبنا».
وكان يأمل الوسطاء الدوليون في استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار المتوقفة بين إسرائيل وحركة حماس من خلال جولة جديدة تهدف إلى التوصل في نهاية المطاف إلى اتفاق بين الجانبين. لكن الآمال في تحقيق انفراجة لا تبدو مشرقة.
فمن المقرر أن تنطلق جولة جديدة من المفاوضات يوم الخميس، لكن إسرائيل وحماس تدرسان منذ أكثر من شهرين مقترحاً مدعوماً دولياً من شأنه إنهاء الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، وإطلاق سراح نحو 110 أسرى ما زالوا محتجزين في غزة.
ولم تحرز المفاوضات غير المباشرة تقدماً جوهرياً خلال تلك الفترة، ولا تزال هناك نقاط شائكة، كما أن الشروط الجديدة المطروحة أدت إلى تعقيد فرص إحراز تقدم. كذلك لم تعلن حماس بعد ما إذا كانت ستشارك في الجولة الجديدة أم لا.
من ناحية أخرى، يحتدم القتال في غزة، ولا يزال المحتجزون رهن الأسر، ولا تزال المخاوف من اندلاع حرب إقليمية شاملة بين إسرائيل من جهة وإيران وحزب الله اللبناني من جهة أخرى، قائمة. وأدى مقتل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران - جراء ما يرجح أنه هجوم إسرائيلي - إلى تفاقم حالة عدم اليقين بشأن المفاوضات.
وكان ينص المقترح الذي قدمه الرئيس الأميركي جو بايدن في 31 مايو الماضي، على تفاصيل ما قال إنه مقترح إسرائيلي لوقف إطلاق النار، وصفه بأنه "خارطة طريق" لهدنة دائمة وإطلاق سراح الأسرى. وبعدها انطلقت المساعي الأميركية حثيثاً لإنهاء الحرب.
يتضمن المقترح ثلاث مراحل:
-تستمر المرحلة لأولى ستة أسابيع وتتضمن وقفاً كاملاً لإطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المكتظة بالسكان في غزة، وإطلاق سراح عدد من الأسرى، خاصة النساء والمسنين والجرحى، مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، إضافة إلى تمكين المدنيين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم، وتيسير دخول المزيد من المساعدات الإنسانية.
-وسيستخدم الجانبان فترة الستة أسابيع تلك للتفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي قال بايدن إنها تشمل إطلاق سراح جميع الأسرى الأحياء المتبقين، ومنهم الجنود الذكور، وانسحاب إسرائيل بالكامل من غزة، وتحول وقف إطلاق النار من مؤقت إلى دائم.
-أما المرحلة الثالثة فتبدأ فيها عملية إعادة إعمار كبيرة لقطاع غزة، الذي يحتاج عقودا من إعادة البناء بعد الدمار الذي سببته الحرب.
رغم أن بايدن ألقى بثقله وراء المقترح، إلا أن ذلك لم يؤد إلى انفراجة، ويبدو أن الجانبين قد ازدادا تباعداً بعد ذلك.
وعبرت إسرائيل عن مخاوفها من بند في الخطة يقضي بتمديد وقف إطلاق النار الأولي طوال المرحلة الثانية من المفاوضات. ويبدو أن إسرائيل قلقة من استمرار حماس في مفاوضات غير مثمرة إلى ما لا نهاية.
ومن ناحيتها، بدت حماس قلقة من استئناف إسرائيل الحرب فور إعادة بعض أسراها، وهو ما كشفت عنه بعض تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً. وربما تتقدم إسرائيل أيضاً بمطالب خلال هذه المرحلة من المفاوضات لم تكن جزءا من الاتفاق الأولي لن تكون مقبولة لحماس، ثم تستأنف الحرب عندما ترفضها حماس.
أضافت إسرائيل مؤخراً مطالب أخرى إلى مقترح الاتفاق الأولي، وفق مسؤولين مطلعين على المفاوضات. وفي بيان صدر الثلاثاء، نفى مكتب نتنياهو ذلك، واصفاً الشروط الإضافية بأنها "توضيحات أساسية". وقالت إسرائيل إن حماس أضافت 29 مطلباً وشرطاً، دون تحديد أي منها.
وذكر مسؤولون مصريون أن إسرائيل تسعى إلى الحفاظ على سيطرتها على محور صلاح الدين (ممر فيلادلفيا)، الذي تعتقد إسرائيل أن حماس تستخدمه لتهريب أسلحة عبر أنفاق تحت الأرض، وهو ما تنفيه مصر.
كما تطالب إسرائيل بالحفاظ على وجود لقواتها على طول الطريق بين الشرق والغرب الذي يشطر غزة، حتى تتمكن من القضاء على أي "مسلحين" يعبرون إلى شمال القطاع. وقال مكتب نتنياهو إن إسرائيل تريد سبيلاً لضمان ذلك، لكنه نفى أن يكون ذلك شرطاً إضافياً. ورفضت حماس المطلب، قائلةً إن إسرائيل ستستخدم ذلك كذريعة لمنع الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم.
وقال مسؤولون مطلعون ومكتب نتنياهو إن إسرائيل تطالب كذلك بحق رفض إطلاق سراح بعض السجناء الفلسطينيين، بينما ترفض حماس أي تنازلات بهذا الشأن.
ومن بين مطالب إسرائيل أيضاً تسلم قائمة بأسماء الأسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة، وهو ما رفضته حماس، وفق المسؤولين الذين اشترطوا تكتم هوياتهم لأنهم غير مخولين بمناقشة هذه المفاوضات الحساسة مع وسائل الإعلام.
واجهت المفاوضات مزيداً من العراقيل الشهر الماضي عندما أدى انفجار إلى مقتل زعيم حماس إسماعيل هنية أثناء وجوده في طهران لحضور حفل تنصيب الرئيس الإيراني. وألقي باللوم على نطاق واسع في الهجوم على إسرائيل، التي لم تؤكد ذلك أو تنفه. وقال بايدن إن عملية الاغتيال "لم تساعد" جهود وقف إطلاق النار، ودخلت المفاوضات في حالة جمود.
جاءت عملية الاغتيال بعد ساعات فقط من اغتيال قائد بارز في حزب الله في غارة جوية على بيروت. وأثارت كلتا العمليتين وعيداً من إيران وحزب الله بالانتقام، كما أدت مخاوف من نشوب حرب إقليمية شاملة إلى تحول الاهتمام الدولي بعيداً عن مساعي وقف القتال في غزة. وأثارت عمليتا الاغتيال موجة محمومة من النشاط الدبلوماسي، ودفعت واشنطن إلى توجيه أصول عسكرية إلى المنطقة.
ولدى كل من نتنياهو وزعيم حماس الجديد، يحيى السنوار، دوافع لمواصلة الحرب.
إذ يقول منتقدو نتنياهو إنه يرغب في إطالة أمد الحرب من أجل بقائه السياسي. وتوعد شركاؤه في الائتلاف اليميني المتطرف بإسقاط الحكومة إذا وافق على وقف إطلاق النار، وهو ما قد يؤدي إلى إجراء انتخابات قد تطيح به من السلطة، بينما نفى نتنياهو ذلك، قائلاً إنه يضع فقط مصالح البلاد نصب عينيه.
أما حماس فحققت استفادة من الإدانات الدولية بحق إسرائيل بسبب الحرب، كما أظهر مقتل هنية أن حياة السنوار على المحك إذا ظهر بعد انتهاء الحرب.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
ترقب لرد حماس على مقترح الهدنة وتحذير أممي في حال شنت إسرائيل هجوماً على رفح