القاهرة - مصر اليوم
على مدار التاريخ، كانت ولازلت مصر دومًا مقبرة الغُزاة، كما أنها حائط الصد المنيع، الذي وقف ولا يزال، أمام موجات الخطر والإرهاب التى طالت منطقتنا بأسرها، فدمرتها، وأصابت الملايين من سكانها بالخوف والتشريد والقتل، وضياع المستقبل. وبالرغم من تلك الظروف الصعبة والثمن الهائل الذي دفعته شعوب المنطقة، بشريًا وماديًا، فقد أثبت الشعب المصري أنه أقوى إرادة مما تصور أعداؤه، وأنه في رباط وثيق، مع دولته ومؤسساتها، ليشكلوا معًا كتلة واحدة، عصيةً على الإنكسار، وثبت للجميع، بأن على أسوار هذا البلد الحصين، تحطمت موجات الإرهاب والشر، وفلشت كل المخططات التي كانت تُحاك ضد هذا الوطن. وفي أعقاب أحداث عام 2011، وما صاحبها من مظاهر الفوضى المدمرة، التي طالت العديد من دول المنطقة، وتنامي ظاهرة الإرهاب، وانتشار التنظيمات المسلحة التي باتت تهدد الأمن والاستقرار لكافة شعوب المنطقة، كان للجيش المصري بتماسكه وتلاحمه بأبناء الوطن الدرع القوي الذي حافظ على بقاء الدولة المصرية في مرحلة هي الأصعب في تاريخ مصر الحديث.
وما لبث أن استتبعها ثورة شعبية في 30 يونيو 2013، استطاع خلالها الشعب المصري، بدعم من قواته المسلحة، فك ارتهان الدولة المصرية بقيمها وتاريخها الحضاري، من جماعات الإرهاب، التي استطاعت "خلال عام واحد" أن تبث سمومها وتشيع الظلام والألم في أوصال الدولة المصرية. لذلك، كانت القوات المسلحة مُدركة لحجم التحديات والتهديدات المحيطة، ليس فقط بالأمن القومي المصري، بل بوجود مصر وكيانها ، تعرف تعلم أن الهدف هو إسقاط هذا الكيان الهائل، والكتلة البشرية الصلبة، وإخضاعها لنظرية التفتيت والتقسيم التي تجتاح عالمنا العربي، ومحوره الرئيسي وعموده الفقري هي مصر. وقد واجهت مصر تحديات لم تمُر بها من قبل، خاصة خلال الأعوام التسعة الأخيرة، وكان لزاما على الدولة المصرية بأن تتخذ العديد من الإجراءات سواء كانت سياسية أو أمنية أو عسكرية أو اقتصادية، من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي المصرية وتماسك النسيج الوطني للشعب، لمواجهة تلك التحديات، وبعد نجاح ثورة 30 يونيو، ظهر واضحا مدى التحديات التي تواجه الدولة المصرية، وكان على رأس تلك التحديات، هو تحدي مواجهة الإرهاب في مصر.
تفاصيل معركة الشيخ زويد
ولأن بطولات أبطال القوات المسلحة لا تنتهي، تمُر علينا الذكرى السادسة، لأنبل المعارك العسكرية التي خاضتها القوات المسلحة، والتي لا تقل صمود وشجاعة وقوة، كنصر السادس من أكتوبر 1973، حيث تمُر الذكرى السادسة لمعركة الشيخ زويد، والتي حدثت في الأول من يوليو عام 2015، عندما أحبط الجيش المصري العظيم مخطط العناصر الإرهابية والتكفيرية في إعلان "ولاية سيناء" من الشيخ زويد، ورفع العلم الخاص بها على المؤسسات الحكومية والأمنية والعسكرية. فلقد واجهت القوات المسلحة في ذلك اليوم المئات من العناصر التكفيرية والإرهابية، والذين قاموا بالهجوم في توقيت متزامن، على عدد من الارتكازات الأمنية والعسكرية، بهدف تشتيت القوات، والسيطرة على تلك الكمائن والارتكازات، ورفع العلم عليها، وتصوير ذلك وإرسالها إلى من يمولهم "ماديا - إعلاميا - لوجستيا" بهدف الإعلان عن أن الدولة المصرية فقدت سيناء أمام هؤلاء.
لكن أبطال القوات المسلحة، والجيش المصري العظيم، كان لهم رأيًا آخر في ذلك، فلقد خاضوا أنبل المعارك العسكرية أمام "أهل الضلال"، كما أوقعوا منهم المئات من العناصر الإرهابية والتكفيرية والإجرامية، في ملحمة تكتب بأحرف من نور في تاريخ الشرف العسكري، مُنهين مخططهم الشيطاني في السيطرة على سيناء. ماذا حدث في 1 يوليو 2015 مع مطلع صباح يوم الأربعاء الموافق الأول من يوليو 2015، كان رجال القوات المسلحة بأبطالها البواسل على موعد مع ملحمة جديدة لإفشال مخطط إرهابي محكم للهجوم على الكمائن والارتكازات الأمنية والعسكرية بمدينتي رفح والشيخ زويد لإحداث حالة من الفوضى والفراغ الأمني، والإيحاء بسقوط مدينة الشيخ زويد في أيدي العناصر التكفيرية لإعلان قيام إمارة إسلامية متطرفة تعرف بتنظيم ولاية سيناء وذلك بمساعدة وسائل إعلام مناهضة لمصر.
واعتبارًا من الساعة السادسة و55 دقيقة صباح الأربعاء 1 يوليو 2015، جاءت ملامح المخطط الإرهابي، حيث قامت مجموعة إرهابية بالهجوم على عدد من الكمائن للقوات المسلحة وقسم الشيخ زويد، وكان الهجوم كالتالي: كمين أبو رفاعي: تمكن أبطال الكمين البواسل بقوة 17 فرد بالتعامل الفوري مع سيارة يشتبه بحملها مواد متفجرة أثناء اقترابها من الكمين مما أدى إلى إنفجارها محدثة موجة انفجارية هائلة، مما تبيت أنها كانت سيارة مُفخخة، ولنتيجة ذلك، قام قائد دبابة طراز m60 بالارتداد من خلف الكمين، للخروج من الموجة الانفجارية، لإعادة الهجوم على العناصر التكفيرية. كما نجح قائد الكمين ومعه أبطال القوات المسلحة، باستخدام القنابل اليدوية بكثافة، بإلحاق خسائر جسيمة في صفوف العناصر التكفيرية، ونجحوا في قتل 19 فردا بالتوازي، وقامت سيارتين دفع رباعي بالفرار في اتجاه كمين الشيخ زويد.
كمين سدرة أبو الحجاج
في توقيت متزامن، قامت عناصر تكفيرية تتراوح بين 40 و 50 فردا، مسلحين بأسلحة خفيفة ومتوسطة وهاونات وقواذف أر بي جي، بدفع عربة مفخخة لتنفيذ عملية انتحارية ضد الكمين، وفور اقتراب العربة المفخخة من الكمين، تم اعتراضها ولم تمتثل لأوامر التوقف، مما دفع أحد جنودنا البواسل بالتضحية بنفسه، وأطلق النار على العربة المفخخة، مما أدي إلي انفجارها خارج منطقة الكمين وتقليل نسبة الخسائر. يأتي هذا بالتزامن مع تكن العناصر التكفيرية، من إطلاق قذائف الهاون، وقواذف الأربي بي جي، الأمر الذي أدى إلى انتشار عناصر الكمين، والدفاع عنه ببسالة، رغم وجود شهداء وجرحى، والتمسك بموقع الكمين، كما نجح أبطال الكمين في قتل 7 أفراد من العناصر التكفيرية، مما أدى إلى إنسحاب باقي العناصر في اتجاه مدينة الشيخ زويد.
الهجوم على 9 كمائن أخرى
وبالتوازي مع قيام مجموعات مسلحة أخرى تتحرك بعربات مسلحة دفاع رباعي ومعهم من 3 إلى 4 درجات نارية قامت بإطلاق النيران المباشرة على عدة كمائن وهي: "بوابة الشيخ زويد – كمين سيدوت – كمين الماسورة – كمين الوحشي – كمين جرادة – كمين الشُلاق – كمين العُبيدات – كمين قبر عُميرة"، وقد قامت العناصر التكفيرية برفع علم التنظيم الإرهابي ولاية سيناء على عدد من المباني وتصويرها لاستخدامها إعلاميا بادعاءات توحي بتمكن العناصر الإرهابية من إسقاط مدينة الشيخ زويد وبث بيانات كاذبة وصور مغلوطة عن هجمات إرهابية في إطار استخدام الجيل الرابع من الحروب المتمثلة في حرب المعلومات للتأثير على الروح المعنوية للقوات.
وقد تمكنت جميع الكمائن الأخرى في التصدي للعناصر المهاجمة وفرار العناصر التكفيرية جنوب الشيخ زويد، يأتي ذلك تزامنا مع قيام طائرات الأباتشي بتوجيه قذائف مركزة ضد مركزين لتجميع العناصر التكفيرية جنوب العلامة الدولية رقم 6 وداخل مدينة الشيخ زويد وعدد من عربات الدفع الرباعي أثناء فرارها من كمائن القوات المسلحة. وقد رصدت عناصر القوات المسلحة المختصة استغاثة عبر اللاسلكي من أحد العناصر التكفيرية قائلا: "الحقونا الحقونا إحنا مصابين"، كما تم الدفع بعناصر من قوات التأمين المتمركزة بمدينتي رفح والشيخ زويد بمعسكر الزهور بعمل دوريات لسرعة ملاحقة العناصر الإرهابية والقضاء عليها مع القيام بتكثيف إجراءات التأمين على الحدود مع قطاع غزة لمنع فرار العناصر التكفيرية عبر الأنفاق الغير مكتشفة.
وقد تم تجميع جثث وأشلاء العناصر التكفيرية وإخلاء شهدائنا الأبرار والمصابين للمستشفيات لتلقي العلاج مع فرض السيطرة الكاملة على مدن رفح والشيخ زويد وإعادة الأوضاع الأمنية لما كانت عليها مع مواصلة ملاحقة باقي العناصر التكفيرية ومنعها من الهروب.
بيان القيادة العامة للقوات المسلحة
أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بيانا شرحت فيه ما جرى، حيث أعلن العميد أركان حرب محمد سمير، المتحدث العسكري الأسبق حينها: "أنه اعتبارًا من الساعة السادسة و55 دقيقة صباح الأربعاء 1 يوليو، قامت مجموعة إرهابية بالهجوم على عدد من الكمائن الأمنية للقوات المسلحة بمنطقتي «الشيخ زويد – رفح» في توقيتات متزامنة باستخدام عربات مفخخة وأسلحة ذات أعيرة مختلفة". وقال المتحدث العسكري: "تمكن رجال القوات المسلحة البواسل من التعامل مع هذه العناصر الإجرامية وإحباط كافة المحاولات الإرهابية من تحقيق أهدافها، وقد قامت عناصر القوات المسلحة بشمال سيناء بمعاونة القوات الجوية بمطاردتهم وتدمير مناطق تجمعاتهم وقتل ما لا يقل عن 100 فرد من العناصر الإرهابية وإصابة أعداد كبيرة منها بالإضافة إلى تدمير 20 عربة كانت تستخدمها تلك العناصر الإجرامية وجار الآن تنفيذ عمليات التمشيط بالمنطقة".
وأضاف المتحدث العسكري: "أسفرت هذه العمليات الإجرامية عن استشهاد 17 من أبطال القوات المسلحة منهم 4 ضباط وإصابة 13 آخرين منهم ضابط أثناء قيامهم بأداء واجبهم الوطني". واختتم البيان: "شعب مصر العظيم .. إن قواتكم المسلحة تقود حربًا شرسة ضد الإرهاب دون هوادة ونؤكد لشعبنا العظيم أننا لدينا الإرادة والإصرار لاقتلاع جذور هذا الإرهاب الأسود ولن نتوقف حتى يتم تطهير سيناء من جميع البؤر الإرهابية وينعم وطننا الحبيب بالأمن والاستقرار، حفظ الله مصرنا الحبيبة وأسكن شهداءنا الأبرار فسيح جناته وألهم الشعب المصري الصبر والسلوان".
البيان الثاني للقوات المسلحة
أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة، بيان ثاني خاص بالأحداث التي وقعت في الشيخ زويد في الأول من يوليو، حيث قال العميد أركان حرب محمد سمير، المتحدث العسكري الأسبق بإسم القوات المسلحة: "إنه في إطار قيام عناصر قوات قطاع تأمين شمال سيناء بملاحقة العناصر الإرهابية المتورطة في حادث الهجوم الإرهابي على أكمنة القوات المسلحة بشمال سيناء ، تم استهداف منطقة تجمع للعناصر الإرهابية وتدميرها بالكامل ما أسفر عن مقتل 17 إرهابيًا". وأضاف المتحدث العسكري في بيانه حينها: "هذا وتجدر الإشارة إلى أن الاشتباكات لا تزال مستمرة حتى الآن وإلى إرتفاع أعداد القتلى من العناصر الإرهابية وأعداد الشهداء من أبطال القوات المسلحة".
زيارة الرئيس السيسي لشمال سيناء 4 يوليو 2015
تفقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، عناصر القوات المسلحة والشرطة المدنية في شمال سيناء، وحرص على ارتداء الزى العسكري أثناء زيارته لشمال سيناء، لتقديم التحية الواجبة لكل فرد من أفراد القوات المسلحة ولتأكيد تضامنه معهم. كما أدى الرئيس خلال تفقده عناصر القوات المسلحة والشرطة المدنية العاملة بشمال سيناء، التحية العسكرية لأبطال القوات المسلحة لما يبذلونه من تضحيات من أجل شعب مصر العظيم. أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال كلمته بالندوة التثقيفية الرابعة والعشرين، التي نظمتها إدارة الشئون المعنوية في فبراير 2017، والتي كانت بعنوان "مجابهة الإرهاب - إرادة أمة"، والتي عقدت بمسرح الجلاء، أن الهجوم على كمائن الشيخ زويد فى شهر يوليو 2015 "كانت معركة فاصلة، وكان هدفها إعلان ولاية سيناء".
وأوضح أن الهجوم كان على جميع الكمائن الموجودة بالشيخ زويد بشمال سيناء فى وقت واحد.
وتابع الرئيس السيسي حديثه: "حدث تشكيك، ثم ظهرت الحقيقة، لما طلعنا حجم الخسائر والقتلى والتدمير الذى حدث فى صفوف الإرهابيين، معلقًا: ريحة قتلى الإرهابيين كانت صعبة".
فشل محاولة فصل سيناء عن مصر أكثر من ٩ سنوات، ولاتزال سيناء صامدة ضد كل ما يُحاك ضدها، من تآمر وتخطيط وافتعال للمشاكل والأزمات، وأخيرًا وليس آخرًا، محاولة فصلها عن وطنها الأم مصر، وذلك عن طريق «زرع» عناصر تكفيرية وإرهابية داخل أرض الفيروز، ومحاولة إظهار العالم أن مصر غير قادرة على حماية سيناء أو تنميتها. لكن كان للدولة المصرية وشعبها الأبي رأي آخر غير ذلك. وقد واجهت الدولة المصرية، "شرذمة" لا تريد الخير لمصر ولأهالي سيناء، واجهت ومازالت تواجه مخططات تقسيم وأجهزة مخابرات، ودول داعمة لهؤلاء الضالين، الذين يريدون الخراب والدمار ، في مواجهة التنمية والتعمير والبناء التي تسعى لها الدولة المصرية والرئيس عبد الفتاح السيسي.
ولذلك، أطلقت القوات المسلحة والشرطة العديد من الحملات العسكرية والأمنية، لمواجهة تلك العناصر الإرهابية والتكفيرية، وقد حققت نجاحات كبيرة ضد العناصر التكفيرية والإرهابية، ومع المواجهات العسكرية، كانت معركة التنمية التي تبناها الرئيس عبد الفتاح السيسي، تسير بصورة متوازية ، مما أعطى الانطباع الحقيقي بأن التنمية الحقيقية لسيناء، لا رجعة فيه.
خلق بؤرة إرهابية جديدة تكون في سيناء من المُخطط أن يتم خلق بؤرة إرهابية جديدة تكون في سيناء، ويتم نقل العناصر الإرهابية لها عن طريق المشرق العربي، وبعض الدول الإقليمية المعروفة لعدائها لمصر، وذلك في عهد حكم جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.
لكن نجاح قوات الأمن في تدمير البنية التحتية واللوجستية للعناصر الإرهابية والتكفيرية، ساهم في إحباط ذلك المخطط، وفي ذات الوقت، قامت الدولة المصرية ومؤسساتها منها القوات المسلحة، بعملية تنمية شاملة في جميع سيناء، لتصل للعالم رسالة، أن سيناء جزء من مصر وأساس الأمن القومي المصري. صعيد التصدي للإرهاب والعنف المسلح، نجحت القوات المسلحة والشرطة، وبدعم شعبي، في محاصرة الإرهاب، ووقف انتشاره، وملاحقته أينما كان، على الرغم الدعم الخارجي الكبير الذي تتلقاه جماعات الإرهاب، من تمويل، ومساندة سياسية وإعلامية، فقد صمدت مصر وحدها، وقدمت التضحيات الغالية، واستطاعت ومازالت تواصل تحقيق النجاحات الكبيرة، وحماية شعبها بل والمنطقة والعالم كله.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الرئيس عبد الفتاح السيسي يجتمع بوزير الدفاع ورئيس أركان حرب القوات المسلحة
جبالي يحيل تعديلات شروط ترقية ضباط القوات المسلحة لـ«تشريعية النواب»