سكة حديد مصر

تسعى الحكومة خلال الفترة الحالية لتطوير منظومة السكة الحديد، بعدما وجّه رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل وزير النقل الدكتور هشام عرفات بالإسراع فى تنفيذ خطة تطوير السكة الحديد.

كما وجه بالاتفاق على سرعة التعاقد مع "هيئة العربية للتصنيع" لصناعة وتوريد 140 عربة نقل بضائع بواقع 20 عربة شهريًا، والاتفاق على تصنيع 85 عربة ببوابات منزلقة  للمرة الأولى في السكة الحديد، و75 عربة بنظام القلاب، وخطة لتحديث عربات نقل الركاب على خطوط الضواحي تبدأ فورًا بواقع 40 عربة شهريًا، باستخدام إمكانات الهيئة العربية للتصنيع.

وشدد إسماعيل على الأهمية والأولوية الملحة التي توليها الحكومة في برنامجها لتحسين الخدمة المقدمة للمواطنين في مرفق السكك الحديدية في ظل دوره الهام في ربط شبكات الطرق والبنية التحتية التي تعمل علي تسهيل تنقل الأفراد والبضائع.

وتواجه الحكومة الحالية مشكلة حقيقية فشلت الحكومات السابقة في حلها، وهي وقف نزيف الخسائر، في الوقت الذي تمتلأ فيه "الهيئة" بالعديد من الكنوز المهملة والثروات المهدرة والتى تُركت عبثاً للصوص وواضعى اليد والبلطجية فأهدرت ثروات وممتلكات هيئة السكك الحديدية التى تقدر بمليارات الجنيهات، فضلًا عن عدم الاستغلال الأمثل لتلك الكنوز المدفونة تحت الأرض أو الملقاة على جانبي السكك الحديد والتي كانت عوائدها كفيلة بتمويل تطوير وتحديث قطارات السكة الحديد بجميع الخطوط.

واكتفى المسؤولون على مدار سنوات وسنوات، بالتفنن فى تقديم أعذار واهية عن عدم تحديث هيئة السكة الحديد والخطوط التابعة لها والمنظومة بأثرها بل وثقوا أقوالهم وتصريحاتهم بحساب ختامي حمل في مضمونه نزيفًا للخسائر غير منقطع النظير، حيث أوضحت الأرقام الواردة بالحساب الختامى للهيئة القومية لسكك حديد مصر عن العام المالي المنتهي 2016 -2017 الأسباب الرئيسية في تردي الخدمة بقطارات الهيئة، والتي أسفرت عن سفك دماء العديد من المواطنين على قضبان الهيئة.

وكشف الحساب الختامي للهيئة، عن حجم صافي الخسائر التي حققتها الهيئة خلال العام المالي 2016/2017 والذي بلغ 6 مليارات و354 مليونًا و274 ألفاً و945 جنيهًا بزيادة تُقدر بأكثر من مليار جنيه عن العام المالي السابق 2015/2016 بنسبة 21% زيادة فى الخسائر، وبلغ إجمالى مصروفات هيئة السكة الحديد 9 مليارات و877 مليونا و171 ألفاً و351 جنيهاً مقابل 3 مليارات و522 مليونا و896 ألفاً و406 جنيهات، ويتضح هنا الفارق الشاسع بين إيرادات الهيئة ومصروفاتها خلال العام المالى الواحد والذى نتج عنه خسارة قدرها 6.3 مليار جنيه مُرشحة للزيادة فى كل عام.

و تمتلك هيئة السكك الحديد ممتلكات تقدر بالمليارات مقسمة بين أراض وخردة تقدر بنحو 157 مليار جنيه، فلو تم استعادتها واستغلالها فى عملية التطوير ستتحول الهيئة من قطاع خاسر إلى قطاع رابح يحقق مكاسب فائقة كفيلة بتطوير ذلك القطاع وتحقيق فائض.

ويبلغ إجمالي الأراضى المملوكة لهيئة السكة الحديد 191 مليون متر مربع في حين تبلغ نسبة التعديات على تلك الأراضي ما يقرب من 40% منها "76 مليون متر مربع" والتي قدرها الخبراء بنحو تريليون و55 مليار جنيه بمتوسط سعر للمتر خمسة آلاف جنيه، وفى بعض الأماكن عشرة آلاف جنيه، تم الاستيلاء عليها من قبل الخارجين على القانون وبعض الأهالي والباعة الجائلين، هذا إلى جانب الخردة والتي تملأ ورش السكة الحديد بإجمالي مليون طن خردة، وتقدر بـ٥ مليارات جنيه "5 آلاف جنيه للطن الواحد تقريبًا"، أخفقت أيضاً الهيئة فى إعادة تدويرها أو حتى الاستفادة منها بالشكل الأمثل.

وبحسب التقارير الرقابية فهناك 96% من أراضب السكة الحديد لا تملك الهيئة تفاصيل عن قانونية ملكيتها أو أماكن تلك المسطحات التى يعود منذ عقود كما أن الهيئة تنازلت للغير عن 298 ألف متر مربع بدون مقابل، الأمر الذب دفع "مصر اليوم" لتتبع هذه الممتلكات فب محافظات مصر المختلفة وحصرها؛ حيث احتلت محافظة الإسكندرية نصيبًا وافرًا من حيث التعديات على حرم السكة الحديد وانتشرت ظاهرة إنشاء الأكشاك المخالفة والعشش السكنية على جانبي محطة القطار وداخل حرم السكة الحديد، و انتشار حالات سرقة قضبان وفلنكات السكة الحديد.

وتعتبر مناطق المندرة والعصافرة ومحرم بك والحضرة والعامرية, الأكثر من حيث حالات التعدي على حرم السكة الحديد.

وشهدت محافظة الإسكندرية، مؤخرًا الاستيلاء والتعدى على أرض جمعية السكك الحديدية والتى تبلغ مساحتها 15 فدانًا كما تمت سرقة كميات كبيرة من قضبان وفلنكات السكة الحديد تزن 10 أطنان حديد عثر عليها فى أرض فضاء.

وكشف تقرير صادر عن الشركة المصرية لمشاريع السكك الحديد والنقل عن انتهاء حصر وتوثيق 37 مليون متر مربع من أراضي السكة الحديد البالغ إجماليها 190 مليون متر مربع.

وقال التقرير الصادر عن الشركة المملوكة لهيئة السكة الحديد والمسئولة عن استغلال واستثمار أراضيها، إن الشركة انتهت من حصر وتوثيق هذه المساحة تفعيلًا للقرار الجمهوري رقم 114 لسنة 2005 الذي أعاد تخصيص هذه المساحات لهيئة السكة الحديد لاستثمارها وزيادة مواردها.

 قال المهندس، مدحت كمال، رئيس هيئة المساحة، إنه تم توقيع بروتوكول مشروع لحصر أملاك السكك الحديد بالتعاون مع هيئة السكك الحديد؛ حيث تم حصر أملاك الهيئة في 23 محافظة بنسبة 100%.

و كشف النائب، عصام الفقي، أمين سر لجنة الخطة والموازنة، الأسباب الحقيقية وراء خسارة هيئة السكة الحديد، مؤكدًا أن حجم الخسارة وصل إلى 47 مليار جنيه، والرقم قابل للزيادة سنويًا.

وتابع الفقي، أن هناك مجاملات كثيرة في هيئة السكة الحديد، متمثلة في التذاكر الذهبية التي يتم منحها لبعض الموظفين في الدولة وركوب عدد آخر من دون تذاكر بالإضافة إلى أن عدد المحصلين بالمقارنة بعدد القطارات، قليل جدًا وعدم عمل صيانة وإحلال وتجديد للسكة الحديد منذ 40 عامًا.

و أكد المهندس علاء سعداوى، خبير النقل، أن هيئة السكك الحديدي من أغنى الهيئات بجمهورية مصر العربية، وليس حقيقيًا أنها هيئة خاسرة، مشيرًا إلى أن ما يشاع عن خسائر التشغيل بالسكك الحديدية هو سوء إدارة، وأن خردة السكك الحديد وحدها تتخطى إيرادات سنوية 100 مليون جنيه وأملاك السكك الحديد تقدر بتريليون و55 مليار جنيه منها أملاك وأراض منهوبة وغير مستغلة من جانب السكك الحديد.

وأوضح سعداوي، أن السكك الحديد تفتقد إدارة وتسويق الخردة خصوصًا أن الهيئة تصر على بيع نسبة كبيرة من الخردة لتاجر واحد هو الذى يستحوذ على النسبة الأكبر، مشيرًا أن الهيئة لم تتحرك فى عمليات التوسع وطرح المناقصات لفتح المجال لتجار جدد للمنافسة على مناقصات السكك الحديد إلا مؤخرًا.

و أكّد، محمد شحاتة، رئيس الجمعية المصرية للنقل، أن السكك الحديد على مدار السنوات العشر الأخيرة، تتسول من جميع أنحاء العالم قروضاً فى الوقت الذى تركت أملاكها دون أى محاولة لإعادتها واستردادها وكل فترة يخرج رئيس جديد للسكك الحديد ويتعهد باسترداد الأملاك ولكن فى النهاية يصطدم بمافيا المصالح والتى تحارب قرارات أى رئيس هيئة وتوقف عمليات عودة الأراضي المنهوبة.