القاهرة- مينا جرجس وفادي أمين
يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعًا مهمًا في مقر جامعة الدول العربية، الأحد، إثر دعوة من المملكة العربية السعودية، لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة ووقف تدخلات طهران في الشؤون الداخلية للدول العربية، فيما دعت الإمارات إلى موقف عربي جامع، يستند إلى بُعد سعودي مصري. وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة إن الساعات الأخيرة شهدت اتصالات ومحادثات "عربية- عربية" على أعلى مستوى، للتوصل إلى اتفاق موحد لردع إيران. ومن المقرر أن يسبق الاجتماع الوزاري العربي اجتماع المجموعة الرباعية الوزارية المعنية بالتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، والتي تضم كلاً من الإمارات والسعودية ومصر والبحرين، والتي تم تشكيلها في اجتماعات عربية سابقة، للنظر في التدخلات الإيرانية.
ويجتمع وزراء المجموعة الرباعية مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في القاهرة، الأحد، قبيل الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري. ومن المتوقع أن يشهد الاجتماع الوزاري الطارئ، جلسة ساخنة، يتفق خلالها المشاركون على رفض التدخلات الإيرانية، ومحاولاتها المستمرة لانتهاك السيادة العربية، وزعزعة الاستقرار في المنطقة. وعلمت المصادر أن الوزراء سيتحدثون مجددًا عن ضرورة إحياء القوة العربية المشتركة لوقف التوسع الإيراني. وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، أن اجتماع وزراء الخارجية سيناقش التدخلات الإيرانية في الشأن العربي، بعد الأحداث التي شهدتها المنطقة أخيرًا، مشيرًا إلى أن الأزمة اللبنانية تعد عنصرًا جديدًا في أزمات المنطقة. وقال إن مصر تعتزم المشاركة في المصالح العربية والانفتاح على دول العالم، ولا تتعامل بمنطق الحليف. وشدد على أن مصر تصر على مكافحة التطرف في المنطقة، وشرح التهديدات التي تواجهها بسببه، فيما أكد أن الدائرة العربية والأفريقية هي الأقرب إلى مصر، بتحقيق إنجاز كبير في ملف المصالحة في جنوب السودان.
وأكد رئيس الجمهورية المصري، عبد الفتاح السيسي، أن بلاده تدعم دول الخليج وترفض أي تهديد لها. وقال، في لقاء مع عدد من الإعلاميين المصريين والأجانب على هامش منتدى شباب العالم، مساء الأربعاء الماضي، إنه يرفض التدخلات الإيرانية في شؤون المنطقة. كما أكد أن الوضع في السعودية مستقر ومطمئن، مشيرًا إلى أن ما تم في المملكة أخيرًا يمثل إجراءات داخلية يمكن أن تحدث في أي دولة، مشددًا على ثقته في قيادة المملكة وتصرفاتها تجاه مواطنيها، وأنها لن تتخذ إجراءات إلا وفقًا للقانون. وردًا على سؤال عن توجيه ضربات عسكرية إلى إيران أو حزب الله، أكد السيسي أنه يعارض الحرب، خصوصًا أن لمصر تجارب مريرة وصعبة مع الحروب، مبينًا أن أمن الخليج هو خط أحمر بالنسبة لمصر، ويجب على الآخرين أن لا يتدخلوا فى شؤون العرب ولا يصلوا بالأمور إلى شكل من أشكال الصدام.
وشدد على أن أمن الخليج من أمن مصر، وأمن مصر من أمن الخليج، قائلاً: "نطالب بعدم زيادة التوتر في المنطقة، لكن ليس على حساب أمن واستقرار الخليج". وعن العلاقات مع إيران، قال الرئيس السيسي: "علاقتنا مقطوعة مع إيران منذ قرابة الـ40 عامًا، ونسعى إلى تخفيف التوتر الموجود وضمان أمن أشقائنا في الخليج". وقالت مصادر دبلوماسية لـ"مصر اليوم" إن مصر لن تتدخل في المشاكل الداخلية الخاصة بالمملكة العربية السعودية، لكن من ناحية أخرى ترغب مصر في استقرار منطقة الخليج، كما أنها لم تقف موقف المتفرج في وجه من يهدد الأمن العربي بشكل عام. وأكدت المصادر أن مصر ترفض أي تدخل من أي دولة فيما يخص الأمن القومي العربي، مشيرة إلى أن الإمارات والبحرين والكويت أيّدت طلب السعودية لعقد الاجتماع.
ولوحت جامعة الدولة العربية بإمكانية التصعيد ضد "التهديدات الإيرانية" للأمن والسلم العربي، ولم يستبعد السفير حسام زكي، مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية، اللجوء إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، نظرًا لخطورة الموقف وتهديد إيران للأمن والسلم العربي والدولي. وقال زكي: "ما تقوم به إيران ضد بعض الدول العربية يستدعي القيام بأكثر من إجراء لوقف هذه الاعتداءات والتدخلات والتهديدات، التي تتم عبر طرق ووسائل كثيرة، وبالتالي فالحد منها يتطلب سياسية عربية جماعية، الاجتماع الوزاري العربي الذي يحظى بتأييد معظم الدول العربية سيشكل رسالة حازمة لإيران للتراجع عن سياستها الحالية في المنطقة، وتدخلاتها الواضحة والعدوانية ضد المملكة العربية السعودية واليمن ولبنان". وتطرق زكي في تصريحاته إلى الشأن اللبناني، موضحًا أن الجميع يدرك جيدًا خصوصية التركيبة اللبنانية، وأهمية الحفاظ على السلم الأهلي هناك، ولكن يتعين أن يدرك الجميع أنه لم يعد مقبولاً الإضرار بأمن واستقرار الآخرين، مؤكدًا أن الاجتماع الطارئ الذي يعقد في مقر جامعة الدول العربية يُشكل موقفًا عربيًا واضحًا ضد التدخلات الإيرانية في الشأن العربي، وهو الأمر الذي يجب أن تدركه إيران جيدًا، لأن العرب يجمعهم رفض التدخل في شؤونهم، وتهديد أحدهم أو بعضهم بهذا الشكل، وبالأدلة التي يمتلكها البعض ضد الاعتداءات الإيرانية، وهو الأمر الذي يحملها المسؤولية.
وقال المدير السابق للمجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير أمين شلبي، إن غالبية الدول العربية المشاركة في الاجتماع تتفق على أن التصرفات الإيرانية في المنطقة ليست في صالح الاستقرار في سورية واليمن ولبنان، ولم يعد من الممكن تحمل مثل هذه التصرفات التي تهدد الأمن القومي العربي. وأضاف شلبي أن أحد الخيارات المطروحة على جدول الأعمال التوجه إلى المنظمات الدولية، بغرض حشد جبهة الرافضين للسلوك الإيراني في المنطقة، خصوصًا بعد التطور الخطير المتمثل في استهداف العاصمة السعودية بصاروخ أطلقته جماعة معروفة بصلاتها الوثيقة مع طهران، وهو الأمر الذي لا يمكن أن تسمح به المملكة السعودية، في ظل حرصها على أمنها القومي.
واعتبر السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، أن دعوة السعودية لاجتماع طارئ هي محاولة من المملكة لحشد التأييد العربي الواسع في الساحة الإقليمية لقراراتها في الفترة الأخيرة. وأوضح أن ما يمكن أن يخرج به الاجتماع هو قرار بإدانة التدخلات الخارجية في المنطقة العربية، وعلى رأسها تدخلات إيران في سورية واليمن، معربًا عن أمله في أن لا يتعرض مشروع القرار للبنان. وأشار إلى أن ما يحدث في لبنان أزمة داخلية تقوم على حلها القوى السياسية اللبنانية، ويجب الابتعاد عن الشأن اللبناني خلال هذا الاجتماع، معتبرًا أن حزب الله قوة سياسية ولا بد من الاعتراف بذلك. ولفت إلى أن الاجتماع لن يتطرق إلى أزمات أخرى غير التدخلات الإيرانية في المنطقة، بما في ذلك مقاطعة الدول العربية لقطر، لأنه عندما تدعو دولة لاجتماع طارئ يكون من أجل بند واحد ومناقشة موضوع واحد فقط.