القاهرة - محمود حساني
تباشر نيابة أكتوبر، بإشراف المحامي العام الأول لنيابات الجيزة ،المستشار ياسر التلاوي ، تحقيقات موسّعة في واقعة تعذيب أطفال في دار "إشراقة" لرعاية الأيتام ، والتي هزّت أرجاء المجتمع المصري خلال الأيام الأخيرة، وأصبحت حديث وسائل الإعلام.
ويتابع النائب العام، المستشار نبيل صادق، سير التحقيقات في القضية لحظة بلحظة، حيث أمر بضرورة الانتهاء من التحقيق في القضية في أقرب وقت، تمهيدًا لإحالة المتهمين إلى المحاكمة، لتوقيع الجزاءات الرادعة عليهم، حتى يكونوا عبّرة لغيرهم.
وفي تطور جديد، أمرت النيابة بتوقيف عاملين في الدار، بعد حبس مدير الدار بتهمة تعذيب الأطفال والتعدي عليهم بالضرب، بعدما تبين من التحقيقات تورّطهم في القضية
وأفادت التحقيقات بأن المتهم عمرو. أ، مدير دار الأيتام، والمملوكة لنجدة محمد، زوجة رئيس وزراء مصر الأسبق عاطف عبيد، ثُبت تورطه في تعذيب 16 طفلاً أثناء عمله مديرًا للدار، قبل أن يترك العمل، الشهر الماضي، مبينة أن المتهم اعتدى بالضرب على الأطفال بعصي خشبية، لعدم تنفيذ أوامره، وتبوّلهم في ملابسهم .
ولا تعد هذه الواقعة الأولى من نوعها، ولن تكون الأخيرة، بطبيعة الحال، بل أن هناك حالات أخرى لأطفال يتعرضون يوميًا لحالات تعذيب مُماثلة ، لم يأت بعد موعد اكتشافها
ويعد تعذيب الأطفال جريمة إنسانية قبل أن يكون جريمة وفقًا لأحكام القانون، ونظرًا لخطورة هذه الجريمة، لما تمثله من انتهاك صريح لحقوق الأطفال، تبذل الحكومة المصرية جهودًا كبيرة للقضاء على هذه الظاهرة، التي زادت حدتها خلال الفترة الأخيرة، حيث حرصت على تشديد العقوبات المُقررة على هذه الجريمة، لتصل إلى السجن المُشدد 15 عامًا، وفقاً لآخر التعديلات التي طرأت على قانون العقوبات المصري، في 2016 .
وتشير دراسة حديثة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية إلى أن انتهاك حقوق الطفل يتم بنسبة كبيرة في الدول النامية، وخاصة دول العالم العربي، والتي تزيد فيها نسبة عمالة الأطفال وحرمانهم من حقهم في التعليم والحياة الكريمة، التي يستحقها كل طفل. وتوجد العديد من مظاهر انتهاك حقوق الطفل، ومنها الانتهاك الجسدي، وهو أي تعدٍ علي الطفل جسديًا سواء بالضرب أو بالتعذيب البدني أو التعدي الجنسي، وتعريضه للجروح أو الإصابات، والانتهاك النفسي، وهو توجيه الشتائم والألفاظ التي تؤثر بالسلب علي نفسية الطفل، وتجعله يشعر بالإهانة، والانتهاك العقلي، ويتمثل في حرمان الطفل من حقه في التعليم أو مصادر الثقافة المختلفة، مما يؤخره دراسيًا وثقافيًا عن أقرانه.
ويعد عمل الأطفال من أكثر الانتهاكات شيوعًا، فنجد في مصر، على وجه الخصوص، كثير من الأطفال في سن صغيرة يتركون الدراسة ويعملون بسبب مصاعب الحياة، وانخفاض مستوى المعيشة، مما يؤدي إلي التأثير السلبي عليهم في جميع النواحي. ولانتهاك حقوق الطفل الكثير من الآثار السلبية، حيث يؤثر علي شخصيته ويجعله شخصًا عدوانيًا متسلطًا، ويكون انطوائيًا في كثير من الأحيان، كما يدفعه إلى التدخين أو إدمان المواد المخدرة، ويجعله يميل إلى الكذب والسرقة، والأفعال الإجرامية.
وطالب العديد من الخبراء المعنيين بحقوق الطفل، بعد واقعة الطفل "آسر"، بضرورة قيام منظمات المجتمع المدني بدورها على أكمل وجه، والتعاون مع الحكومة للقضاء على هذه الظاهرة، التي تُمثل خطورة كبيرة على مستقبل الأطفال الذين يتعرضون إلى تعذيب، مطالبين بتكثيف حملات التوعية وتوضيح مخاطر هذه الظاهر وآثارها، وتنظيم وعقد الندوات، والتنسيق مع وزارة التضامن الاجتماعي لشّن حملات مفاجئة على مؤسسات رعاية الأطفال، والتي تُكثر فيها حالات التعذيب.