هدوء يشوبه التوتر يسود عاصمة جنوب السودان بعد مطالب بالتهدئة ووقف إطلاق النار

بدأ سكان مدينة جوبـا Juba عاصمة جنوب السودان، في الخروج من الملاجئ المؤقتة عقب سريان وقف إطلاق النار، والذي جاء بعد أيامٍ من القتال العنيف الذي أدى الى زعزعة إستقرار أحدث دولة في العالم. وقد شهدت الايام الماضية ومنذ يوم الخميس تحديدًا،  قتالأ محتدمًا بين القوات الموالية للرئيس سلفا كير ونائب الرئيس رياك مشار شاركت فيه مدافع مضادة للطائرات ومروحياتٍ هجومية ودبابات. وهو الصراع الذي يأتي بعد خمس سنواتٍ من إعلان إستقلال دولة جنوب السودان عن السودان، مع وعود بتقديم مساعدات و دعم من القوى العالمية.

 ولا يدري أحد ماذا يحدث، في الوقت الذي يعاني فيه بشدة سكان جنوب السودان الذين يحتاجون إلى السلام، حسب ما قال سامسون كيني البالغ من العمر 34 عاماً، والذي يعمل سائقاً علي دراجة نارية أجرة. وأثارت أعمال العنف مخاوف من إنهيار إتفاق السلام، الذي تم التوصل إليه قبل عام وكان من المفترض أن ينهي عامين من الحرب الأهلية نتيجة الإختلافات العرقية مابين أنصار كير ومشار. ونفى كلا الزعيمين مسؤوليته عن بدء أحداث العنف، داعيين إلى التهدئة، في الوقت الذي إحتدمت فيه المعارك، مع تصاعد المخاوف من فقدانهما السيطرة على قواتهما، أو إحتمالية تورط شخصيات سياسية أخرى في الصراع على السلطة.

 واضطر أصحاب المحال التجارية إلى غلقها، وذكر السكان بأن بعض المدنيين الذين خاطروا بالخروج كانوا يسيرون في شوارع جوبا المتربة بإتجاه قواعد الأمم المتحدة حيث يبحث الآلاف عن الأمان أثناء الإشتباكات، وكذلك التجمع في الكنائس والمدارس هرباً من القتال.

 وأوضح إرميا يونغ، مستشار السياسة وتعزيز السلام لمنظمة "وورلد فيجن" World Vision للإغاثة، بأن الإحتياجات الإنسانية سوف تكون هائلة فيما بعد. وأضاف يونغ بأن السكان الفارين من منازلهم بحاجة إلى الغذاء والمأوى والماء.

ودعت الأمم المتحدة إلى حماية هؤلاء المشردين جراء الإشتباكات وتسهيل حركة الإمدادات الإنسانية لهم ، وقال الإتحاد الإفريقي بأن أي شخص ينتهك وقف إطلاق النار سوف تطبق عليه عقوباتٍ صارمة.

 وكان الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد فرضا في وقتٍ سابق عقوبات على عدد من القادة العسكريين من الجانبين. إلا أن القوى العالمية و الدول الإقليمية كافحت كثيراً من أجل السيطرة على الزعيمين وقواتهما. وذكر جيمس غادتيك داك وهو المتحدث بإسم مشار بأن الزعيمين المتناحرين اللذين لطالما كانت هناك خلافاتٍ سياسية بينهما ربما يعقدان لقاء أو يتحدثان هاتفياً لدعم وقف إطلاق النار. وأضاف داك بأنه لم يكن من الواضح متى سوف يتم إجراء هذه المحادثات أو مكان عقد اللقاء بينهما.

 وتشكلت هيئة دولية للتقييم والمراقبة المشتركة يترأسها فستوس موغاي الرئيس الأسبق لبوتسوانـا من أجل مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار وتنفيذ إتفاق السلام. فهي بحسب ما يقول المتحدث بإسم مشار هيئة حيادية ولكن ليس لديها صلاحية التعليق الفوري.

 وإندلعت الحرب الأهلية في كانون الأول / ديسمبر من عام 2013 عقب إقالة الرئيس كير لنائبه مشار. وقد أسفر تأليب أنصار مشار من جماعة النوير على أنصار كير من الدينكـا عن مقتل آلاف الأشخاص، ونزوح ما يزيد عن 2,5 مليون شخص من منازلهم، مع ترك ما يقرب من نصف عدد السكان البالغ تعدادهم 11 مليون يكافحون من أجل الحصول على ما يكفي من الطعام. كما تراجع الإنتاج من النفط الذي هو مصدر الدخل الأساسي لهذا البلد الفقير.

 وأكد مسؤولون من جانب كير على إلتزامهم بالعمل مع مشار على إنهاء الصراع، بعد إنهيار إتفاق السلام المُوقع عليه في آب / أغسطس من عام 2015 نتيجة الإختلاف على البنود. وعاد مشار إلى جوبـا في نيسان / إبريل لإستعادة منصب نائب الرئيس، في تحرك ينظر إليه على أنه خطوة نحو تأمين إتفاق السلام. ولكن بقيت العلاقة هشة، ويقول الخبراء بأن عدم تنفيذ عناصر إتفاق السلام، مثل دمج قواتهما المتناحرة زاد من فرص إندلاع الصراع مجدداً.

 ونشبت المعارك يوم الخميس في الشوارع حسب ما يقول جانب مشار على إثر إطلاق النار علي أحد الضباط التابعين لنائب الرئيس. فيما أدانت الولايات المتحدة أعمال العنف، وحملت المسؤولية كاملة لأولئك الذين يرتكبون الفظائع أو يعملون على إعاقة الجهود الرامية إلى وقف القتال. مع وصف الإعتداء على المدنيين والقواعد التابعة للامم المتحدة بأنها جرائم يمكن أن ترقى إلى مستوى جرائم الحرب التي تحتاج إلى التحقيق بشأنها.