الجلسة الصباحية للبرلمان المصري

شهدت مصر تطورًا كبيرًا وهامًا فيما يخص طريقة التعامل مع الأزمات المائية وتداعيات بناء سد النهضة الإثيوبي، فبعد تعثر المفاوضات الثلاثية مع السودان وإثيوبيا، وعدم الوصول إلى حلول على الصعيد الخارجي، تحركت الدولة داخليا بالبدء في إقرار حزمة من القوانين التي تحظر على المصريين أي من أشكال الإسراف في المياه، وتمنع الفلاحين تدريجيًا من زراعة المحاصيل عالية الاحتياج للري والمياه.

وبدأت القوانين، خلال الجلسة الصباحية للبرلمان، حيث تم الموافقة بشكل نهائي وبات على تعديل قانون الزراعة الذي يعود للعام 1966، وتهدف فلسفة التعديلات التي حصل "مصر اليوم" على نسخة منها "على التنسيق بين الوزارات المعنية في شأن تقرير حظر زراعة محاصيل معينة من الحاصلات الزراعية في مناطق محددة والتي قد تكون شرهة للمياه، حفاظًا على المياه وترشيد استخدامها".

وأجاز مشروع القانون إلى وزير الزراعة واستصلاح الأراضي بالتنسيق مع وزير الموارد المائية والري إصدار قرار لتحديد مناطق لزراعة أصناف معينة من الحاصلات الزراعية دون غيرها من المحاصيل للحد من اختلاط السلالات والحفاظ على نقاوة التقاوي والأصناف.

ومنح مشروع القانون وزير الزراعة واستصلاح الأراضي سلطة استثناء تطبيق نصوص القانون على المزارع والحقول المخصصة لأغراض التجارب والإكثارات الأولى للمحاصيل، وتشديد عقوبة الحبس ومضاعفة الغرامات المقررة على مخالفة نصوص هذا القانون.

وأكد مشروع القانون أهمية تنظيم زراعة المحاصيل المختلفة للحفاظ على خصوبة وجودة الأراضي الزراعية، والحفاظ على الموارد المائية ونوعيتها وتقليل تكاليف الزراعة وأعمال خدمة المحاصيل وتنظيم الري والحد من إهدار المياه في زراعات تفتقد الجدوى الاقتصادية.

وساد التوتر في الجلسة البرلمانية خلال مناقشة القانون للدرجة التي وصلت إلى انفعال رئيس البرلمان، وتهديده برفع الجلسة العامة، بسبب مطالب النواب الحكومة بالتوسع فى زراعات الأرز، ووجه عبدالعال حديثًا غاضبًا قال فيه "إنتم عايزين مياه ولا مش عايزين .. سأنهى هذا النقاش وأرفع الجلسة، هدفى هو الحفاظ على المصالح العليا".

وقال على عبد العال رئيس مجلس النواب "إن الجميع يعلم أن مصر تعاني الآن من فقر مائي، والذى من شأنه ضرورة أن يتم الترشيد من زراعة المحاصيل التى تحتاج للمزيد من المياه"، فيما لفت إلى "أننا مطالبون  بالعمل على إعادة توزيع زراعة المحاصيل التى تحتاج  مياه كثيرة، أو سبل رى مختلفة من شأنها أن  تعدل من إطار استخدام المياه وبطرق أحدث"، قائلا "هذه الموضوعات معروفة للجميع وعلينا أن لا نسرف فى الحديث بشأنها".

وبعد الموافقة النهائية على القانون ثارت المعارضة البرلمانية التي أحتجت على ورود نصوص تجيز للقاضي "حبس الفلاحين"، حال خالفوا قرارات الوزير بتحديد مناطق بعينها لزراعات معينة، وفق السياسات المحددة التي تضعها الدولة، فىما يعرف بـ" الدورة الزراعية".

ورفض رئيس المجلس الدكتور على عبد العال، طلبات بعض النواب، بإعادة فتح النقاش بشأن مشروع تعديل قانون الزراعة فيما يتعلق بتحديد المحاصيل الزراعية، والنص على عقوبة بالحبس لمن يخالف ذلك، وخفف عبد العال من حدة التوتر الذي تصاعد، ليفسر "أن عقوبة الحبس في القانون، أمر تهديدي وليس وجوبي، وأمر متعارف عليه قانونيا، وأن القانون تمت الموافقة عليه نهائيا، وأضاف موجها حديثه للنواب، لن تكونوا أكثر خوفا وحرصا مني على الفلاح".

وكان ممثل المعارضة البرلمانية هيثم الحريرى، عضو المجلس، طالب بإلغاء عقوبة الحبس، منتقدًا موافقة الأغلبية على ذلك النص، قائلا بغضب "كيف نقر نص ينظم مسألة "حبس الفلاح"، ليرد عليه ممثل الحكومة عمر مروان، وزير مجلس النواب، أن الحبس هنا، أمر جوازى وليس وجوبى، ويعود لتقدير القاضي.