معهد التمويل الدولي

كشف عدد من خبراء الاقتصاد، عن رؤيتهم لكيفية تنشيط الحكومة للقطاع الخاص، موضحين أن مصر لم تتأثر بالاضطرابات التي تعرضت لها الأسواق الناشئة في العديد من الدول، جاء ذلك على خلفية تقرير معهد التمويل الدولي، الذي انتقد الخطوات التي تتخذها الحكومة لدعم القطاع الخاص.

وفي هذا الإطارصرح الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أنه أصبح تفعيل دور القطاع الخاص في مسيرة الاقتصاد الوطني أمرًا ملحًا خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، لافتًا إلى أن الارتقاء بالاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة لا يمكن أن يتحقق دون بناء شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، يكون بمقتضاها القطاع الخاص المحرك الرئيسي لمختلف النشاطات الاقتصادية وبناء الاستراتيجيات وسياسات الإصلاح الاقتصادي.
 
وأضاف "النحاس"، أن الاضطرابات التي طرأت على الأسواق المالية الناشئة لم تنتقل إلى مصر، لعدة أسباب كان على رأسها أن مصر بدأت برنامج الإصلاح الاقتصادي منذ عامين، واستطاعت السيطرة علي عجز الدين، كما استطاعت تحسين معدلات السياحة والتصدير، ما حسن من ميزان المدفوعات، الأمر الذي جعلها أكثر قدرة علي تحمل الصدمات التي نشأت من اهتزاز الأسواق، وكذلك تأثر هذه الأسواق برفع الويلات المتحدة الأميركية لأسعار الفائدة، وسحب الأموال من الأسواق الناشئة إلي الأسواق المتقدمة.
 
وفيما يخص تأثر مصر بالأسواق الناشئة، قالت الدكتورة يمنى الحماقي، أستاذ الاقتصاد في جامعة عين شمس، إن 80% من أسواق العالم أسواق ناشئة، والأسواق المتقدمة قليلة جدًا، كما أن تلك الأسواق دائمًا لديها طفرات في النمو والتطور، ولكن بها ركود اقتصادي، موضحًة أن مصر من أفضل الدول في الأسواق في العالم، وهذا ما يظهر عن طريق سوق المال، والاحتياطي النقدي الأجنبي، والتقارير الدولية لصندوق النقد الدولي، وتقارير مراكز الأبحاث العالمية على مستوى العالم، والتي تحدد التطور الاقتصادي للدول.
 
وأضافت، أن هناك اعتقاد من جانب عدد كبير من المحللين  ببوادر أزمة عالمية مالية ستحدث خلال الفترة المقبلة، ستبدأ بالأسواق الناشئة، وتنتهي بالأسواق الكبيرة، وذلك كنتيجة للحرب التجارية الدائرة بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، وذلك على عكس ما حدث بالأزمة المالية العالمية فى 2008، والتي بدأت بالأسواق المتقدمة، وانتهت بالأسواق الناشئة.
 
يذكر أن معهد التمويل الدولي، التابع للبنك الدولي أشار في تقرير له، إلى أنه من المتوقع أن يواصل الاقتصاد المصري نموه المستمر خلال العامين الجاري والمقبل على أن تبلغ وتيرة النمو في 2018 نحو 5.2% ترتفع إلى 5.6% العام المقبل، وعزا التقرير تسارع وتيرة النمو إلى قفزة في إيرادات السياحة وزيادة إنتاج الغاز الطبيعي مع توقعات ببدء التصدير العام المقبل.
 
كما توقع معهد التمويل الدولي أيضًا أن يسهم تحسن الأوضاع المالية وتسارع وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى هبوط نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وأضاف أنه بالرغم من زيادة مدفوعات الفوائد وخدمة الدين، إلا أنه من المرجح أن تسهم الإصلاحات المستمرة كخفض الدعم وتقليل عجز الموازنة في تخفيف الأثار الناجمة عن ذلك الأمر، ويتوقع معهد التمويل الدولي، أن يتراجع عجز الموازنة إلى 8.4% خلال العام المالي الجاري، على أن تحقق الموازنة فائضًا أوليًا قدره 2.1% من الناتج المحلي الإجمالي.
 
ويرى التقرير أن تأثر مصر بالأزمة التي تضرب تركيا وغيرها من الأسواق الناشئة كان محدودًا، فيما يختلف هذا التقرير بصورة جذرية عن تقرير آخر في أيلول/ سبتمبر الماضي، وضع مصر كأحد أكثر أسواق الشرق الأوسط عرضة للتأثر بأزمة الأسواق الناشئة على أساس أن مصر مستورد للنفط، ويبدو أن تقرير الشهر الماضي لم يأخذ في الحسبان صادرات الغاز المتوقعة كما فعل هذا التقرير.
 
وانتقد التقرير الخطوات التي تتخذها الحكومة لدعم القطاع الخاص، إذ قال إن الاقتصاد المصري لا يزال مكبلاً بقطاع عام متضخم وغير فعال ولا يستجيب لإشارات السوق، موضحًا أنه يتعين على مصر أن تجعل اقتصادها أكثر استجابة لقوى السوق، فالقوانين والتشريعات التي تنظم بيئة الأعمال والاستثمار تحتاج إلى تعديلات لتتماشى مع أفضل الممارسات في الأسواق الناشئة الناجحة.
 
ويرى معهد التمويل أنه على الرغم من استقرار سعر صرف الدولار حول مستويات 18 جنيه إلا أن الجنيه المصري لا يزال مقومًا بأقل من قيمته الحقيقية، وبالنسبة لاقتصاديات الشرق الأوسط بوجه عام، يرى التقرير أن دول الخليج ستقود قاطرة النمو الإقليمي بفعل ارتفاع  أسعار النفط.