القاهرة – عصام محمد
كشف النائب العام المستشار نبيل أحمد صادق، بأنه وقّع مع نظيره الصيني تساو جيانغ مينغ، مذكرة تفاهم حول التعاون وتبادل المعلومات القانونية وتنفيذ الإنابة القضائية بما يتفق مع القوانين المحلية والدولية خلال لقاء ثنائي جمعهما على هامش المؤتمر السنوي الثاني والعشرين والاجتماع العام للجمعية الدولية للمدعين العموميين المنعقد حاليًا في مدينة بكين، معلنًا في تصريحات صحفية في الصين، الأربعاء، وفي أول لقاء إعلامي له، بأنّ الاجتماع تناول التعاون في مجال مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود ومكافحة التطرّف بكل صوره وأشكاله، مشيرًا إلى أنّ الجريمة المتطرّفة خرجت عن نطاق المحلية وأصبحت جريمة عابرة للحدود، وأصبح لا يمكن بحال من الأحوال لأي دولة أن تواجهها بمفردها، وبالتالي فإن التعاون القضائي الدولي في هذا الشأن أصبح ضرورة ملحة، مضيفًا أنّه إيمانًا منها بأن مواجهة التطرّف والتغلّب على الجرائم المتطرّفة لن يكون إلًا من خلال التعاون الدولي، حيث قامت مصر بالفعل بإبرام الكثير من الاتفاقيات مع دول العالم في أوروبا وآسيا وأفريقيا، ودول عربية، وتسعى إلى زيادتها.
وأشار صادق إلى أنّ توقيع مذكرة التفاهم مع الصين تكتسب أهمية خاصة بالنظر إلى أنها أظهرت رغبة أكيدة في تعميق التعاون في هذا المجال ليكون إضافة إلى التعاون القائم بالفعل بين البلدين في مجال تبادل التقنيات الحديثة والتي ترغب مصر في الاستفادة من الخبرة الصينية فيه على نطاق أوسع، موضحًا أنّ مصر التحقت كعضو في الجمعية الدولية للنواب العامّين منذ ثلاث سنوات، وتمّ توجيه الدعوة إلى الجانب المصري لحضور الاجتماع الحالي، حيث طرحت للمناقشة الكثير من المواضيع شديدة الأهمية التي تناولت مواكبة التحديات في عصر الكمبيوتر والمعلوماتية، مؤكدًا بأنّ النيابة العامة في مصر ليست بمنأى عن هذا الأمر، فهي تتعامل بالفعل مع ما يستجد من تطورات في العالم في ذلك المجال، خاصة أنه حاليًا أصبح هناك جزء كبير جدًا من الأدلة في شكل رقمي، مضيفًا أنّه، إلى جانب هذا الموضوع، تمّت مناقشة جزئية خاصة بحماية أعضاء النيابة العامة أثناء العمل وإقامة شبكة دولية للمعلومات المتعلقة بقضايا التطرّف لتكون متاحة لأعضاء الجمعية في كافة بلدان العالم، بحيث يسمح بتسهيل الوصول للمعلومات والبحث في معلومات الطب الشرعي الرقمية، أي تلك التي تؤخذ من خلال الكمبيوتر ومن خلال وسائل الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي والتي تعد جزءًا مهمًا فيما يتعلق بمجابهة الأشكال الجديدة للتطرّف الذي أصبح يعتمد بصورة كبيرة على التكنولوجيا والإنترنت في نقل أفكاره وأوامره وفي تجنيد عملائه ووضع خططه.
ولفت النائب العام إلى أنّ جرائم التطرّف لم تعد تقتصر على انتقال المتطرّفين بأسلحتهم من دولة إلى أخرى لارتكاب جرائمهم بل ظهر الآن نمط جديد من التطرّف من خلال بث الأفكار المتطرفة باستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي دون وجود اتصال مادي مباشر بين المتطرّفين، ومن خلال الإنترنت يتم التأثير على آخرين وتجنيدهم، وهذا يوفر على قيادات الجماعات المتطرّفة والمروجين لأفكار التطرّف الانتقال لنشر أفكارهم المسمومة، بحيث تنتشر هذه الأفكار في غضون لحظات عبر الإنترنت، وهذا أشدّ خطورة من الانتقال المادي، حيث يمكن للمتطرّفين أن يبثوا أفكارهم ويرسلوا أوامرهم إلى أشخاص آخرين لم يتقابلوا معهم على الإطلاق من خلال الإنترنت، وتجنيدهم لتنفيذ العمليات المتطرّفة.
وذكر المستشار أنّ هذا الموضوع على وجه الخصوص كان محل بحث واهتمام كبيرين خلال مناقشات المؤتمر الذي شارك فيه ممثلو 98 دولة على مستوى نواب العامّين ونواب العامّين المساعدين ومديري النيابات، مشيرًأ إلى أنّه كيف أن العالم يتجه الآن وبخطوات سريعة إلى ميكنة أعمال القضاء، معلّقًا بقوله "إننا في مصر بدأنا هذا منذ فترة طويلة ولكن ولكي تتم عملية الميكنة هذه على النحو الأفضل فإنه يجب أن يكون هناك دومًا تعاون مع البلدان الأخرى لمواكبة أحدث التطورات في هذا المجال بشكل مستمر"، مضيفًا أنه من ضمن المواضيع المهمة التي يتناولها المؤتمر موضوع الملاحقة الجنائية لخدمة المصلحة العامة، وتعزيز التعاون الدولي بين النيابات في مجالات مختلفة من بينها الملاحقة القضائية والاتجار في البشر والملاحقة الجنائية في المدن الكبيرة.
وأعرب صادق عن شكره للجانب الصيني على حفاوة الاستقبال، موضحًأ بأنّ النائب العام الصيني وبالرغم من مسؤولياته الكثيرة وجدوله المزدحم، إلّا أنه كان يتابع تنظيم هذا المؤتمر الضخم، كما أنه حرص على أن يقتطع جزءًا من وقته ليتم تخصيصه للنائب العام المصري لما يوليه من اهتمام كبير لمصر، وذكر في كلمته خلال اللقاء أهمية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وأكد أن تعزيز التعاون مع النيابة العامة المصرية يعتبر تجسيدا لتلك الشراكة، وأعرب عن تقدير الجانب الصيني للخبرة الكبيرة لدى النيابة العامة المصرية في مجال التحقيق بالقضايا المتعلقة بالتطرّف، خاصة أن مصر والنيابة العامة المصرية واجهتا جرائم متطرّفة عديدة بصور مختلفة كثيرة، وأصبح لدى مصر كوادر من الخبراء ذوي المقدرة العالية في تحقيق قضايا التطرّف على وجه الخصوص، مشيرًا إلى أنه تمّ التأكيد خلال لقائهما الثنائي على دور مصر الاقليمي، حيث تحدث عن كونها دولة محورية في الشرق الأوسط، وبالتالي، فإنه يهمه أن يكون هناك اتفاقيات تعاون معها، لافتًا إلى أنّ الجمعية الدولية تنظر إلى مصر نفس النظرة، حيث تمت مناقشات خاصة داخل الجمعية حول عقد مؤتمرات إقليمية لها في مصر مستقبلًا، خاصة مؤتمرات في مجال مكافحة التطرّف وقطع مصادر تمويله.