مجلس النواب المصري

لا حديث داخل أورقة مجلس النواب المصري، وبين قيادات الأحزاب داخل الغرف المغلقة، وبين العامة من المواطنين في الشارع المصري، يعلو عن صوت التعديلات الدستورية المرتقبة التي ستشهدها مصر خلال الشهور الثلاثة المقبلة، والتي ازداد الحديث عنها هذه الأيام بعد اتجاه عدد من الصحفيين المقربين من دوائر صُنع القرار في مصر، إلى فتح ملف التعديلات الدستورية عبر مقالات في عدد من الصحف القومية لسان حال الدولة،  كان آخرهم ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم المصرية، والصحفي المُقرب من الرئيس عبدالفتاح السيسي عبر عنوان افتتح به مقاله الأخير "عام الإصلاح السياسي الذي تأخر كثيرًا"، تحدث فيه عن أهمية إجراء تعديلات على الدستور الحالي للبلاد، وآخر وهو الصحفي وجدي زين الدين، رئيس تحرير جريدة الوفد، لسان حال حزب الوفد العريق، الذي يمثل المعارضة في مصر، تحدث هو الآخر عن أهمية إجراء تعديلات دستورية بل ذهب إلى أبعد من ذلك، إلى ضرورة كتابة دستور جديد للبلاد، ولكل منهما مبرراته.

أقرأ أيضا: مطالب إحالة قضايا الإرهاب للمحاكم العسكرية تفتح بابًا لتعديل الدستور المصري

وجرى العُرف في مصر، طوال الستين عامًا،  عندما يرغب نظام الحكم في أمر ما يتعلق بالدستور، يمهّد له للرأي العام عبر المنصات الإعلامية المحسوبة عليه، وهو ما يعرفه دارسي العلوم السياسية بـ"قياس نبض" الشارع المصري حول هذا الأمر.

وتأتي رغبة البعض من السياسيين والمهمومين بالشأن المصري، في إجراء تعديلات على الدستور المصري الحالي، والتي هي في الأساس تعكس رغبة دوائر صُنع القرار، أن ما تشهده البلاد في الداخل والخارج من تحديات تستلزم إجراء تعديل دستوري يتناسب مع طبيعة المرحلة الراهنة لمصر، في حين يرى البعض الآخر، أن الدستور المصري الحالي والذي تم التصويّت عليه في استفتاء شعبي في مطلع عام 2014، تمت كتابته على وجه من السرعة، دون قراءة متأنية للتحديات التي ستواجه البلاد في المستقبل القريب، ولم يأخذ في الاعتبار المستجدات التي ستتطرأ على المنطقة، وبالتالي أصبح إجراء تعديلات على بعض مواده أمر تحكمه الضرورة.

في حين يرى اتجاه ثالث، وهو يمثله قطاع عريض من الشارع المصري، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي، نجح في الخروج بالبلاد من النفق المظلم الذي كادت أن تدخل فيه خلال سيطرة جماعة الإخوان المحطورة على مقاليد حكم البلاد، ولولا ثورة 30 يونيو/حزيران، وتحرك القوات المسلحة لكادت مصر أن تسقط في براثن الفوضى والتطرف بغير رجعة.

وبالتالي يرى أصحاب هذا الاتجاه، لابد من تعديل المادة المتعلقة بطريقة انتخاب رئيس الجمهورية، وهي المادة "140" ، والتي تنص على أن:" يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة. وتبدأ إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء مدة الرئاسة بمائة وعشرين يومًا على الأقل، ويجب أن تعلن النتيجة قبل نهاية هذه المدة بثلاثين يوما على الأقل، ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة". ويطالبون بمّد مدة الرئاسة 6 سنوات بدلًا من 4 سنوات، والسماح للرئيس الترشح لدورات أخرى بدلًا من دورتين فقط.

ألا أن العقبة التي تقف أمام المطالبين بتعديل المادة "140" من الدستور، هي أن الدستور حظرّ تعديل المادة المتعلقة بطريقة انتخاب رئيس الجمهورية، بموجب نص المادة "226" ، والتي تنص على أن: "في جميع الأحوال، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية أو المساواة، ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات".

خبراء في القانون ونواب في البرلمان المصري، أكدوا على أنه يجوز تعديل الدستور، فهو ليس قرآن ولا إنجيل على حد قولهم، وبالتالي وفقًا للتحديات الراهنة يجوز إجراء تعديل على ما تضمنه من مواد سواء بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو بناء على طلب يتقدم به ثلثي نواب البرلمان.

الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري، يرى أن الدساتير ترجمة لرغبات وتطلعات الشعوب، وإذا رأي ممثلي الشعب، وهم نواب البرلمان، أن هناك حاجة لإجراء تعديل في عدد من مواد الدستور، فاليس هناك أي مانع، طالما سيخضع هذا الأمر في النهاية إلى رغبة الشعب، الذي من حقه وحده أن يوافق على هذه التعديلات أو يرفضها.

النائب إسماعيل نصر الدين، عضو مجلس النواب، قال أن التحديات التي تعيشها مصر تحتدم على الجميع الوقوف خلف الدولة المصرية، ويضيف:" هذه التحديات سواء على الصعيد الاقتصادي أو الأمني لن يمكن مواجهتها إلا من خلال إجراء تعديل على بعض مواد الدستور"، متابًعا:" أنّ هناك أكثر من 15 مادة تحتاج إلى إجراء تعديل عليها".

وحول المواد التي تحتاج إلى إجراء تعديل، أوضح "نصر الدين"، أنها المواد" 140، 141، 147، 226"، وهي المواد المتعلقة بشروط انتخاب رئيس الجمهورية، والسلطات المخوّلة له".

النائب علاء عابد، عضو مجلس النواب، يرى أنّ الدساتير تُكتب وفقًا لطبيعة الحالة التي تعيشها الدولة، ويتم تعديل بعض المواد التي تضمنها وفقًا لطبيعة كل مرحلة، ونحن هنا خلال الفترة الراهنة، نجد أن البلد مرّت من تحدي هو الأصعب خلال السنوات الأخيرة، ونجحنا في استعادة الأمن والانضباط، ومكانتا الإقليمية والدولية، ونحن نسير الآن نحو التنمية والاستقرار، وبالتالي فإن المعطيات التي كانت تعيشها الدولة المصرية خلال عام 2013 عند كتابة مواد الدستور الحالي، لم يعد لها مجالًا الآن، ومن هنا أصبح إجراء تعديلات على بعض المواد مسألة مرتبطة بطبيعة المرحلة التي تعيشها مصر الآن في ضوء المعطيات الجديدة.

قد يهمك ايضا :

الرئيس عبد الفتاح السيسي يوقع عدد من الاتفاقيات بين مصر وشركات صينية

عبد الفتاح السيسي يٌجري محادثات مهمة مع رئيس النمسا