القاهرة - محمود حساني
بدأت تقفز على السطح من جديد ، فكرة المراجعات الفكرية للمتهمين داخل السجون ، أسوةً بما حدث في فترة التسعينات مع سجناء " الجماعة الإسلامية" عقب الأحداث المتطرفة التي شهدتها البلاد آنذاك ، وأسفرت نتائجها عن استقرار أمني شهدته البلاد وتوقف تام للعمليات المتطرفة ، وخروج العشرات من المتهمين من السجون بعد إعلانهم تخليهم وتراجعهم عن الأفكار التي كانوا يتبنوها .
غير أن هذه المرة تتم المراجعات الفكرية مع عناصر جماعة الإخوان المحظورة، خاصةً صغار السن من الشباب المُغرر بهم ، والذين تم توقيفهم في أحداث سياسية بعد ثورة 30 حزيران/يونيه .
وتأتي هذه المراجعات الفكرية للشباب الإخوان ، تزامنًا مع الدعوات التي تُطلق من وقتٍ إلى آخر من عدد من المسؤولين الحكومين ، بشأن عزم الدولة إجراء مصالحة مع عناصر جماعة الإخوان ، الذين لم يتورطوا في أحداث عنف ، كان آخر هذه الدعوات ، ما صرح به وزير الشؤون النيابية المصرية ، المستشار مجدي العجاتي ، خلال حوار متلفز له الشهر الماضي ، أن قانون العدالة الإنتقالية ، الذي سيصدره البرلمان المصري خلال الفترة المقبلة ، يلزم على مؤسسات الدولة إجراء مصالحة مع جميع أفراد المجتمع ، بما فيهم جماعة الإخوان ، مُشددًا على أن المصالحة قاصرة على من لم يتورطوا في أعمال متطرفة أو أحداث عنف.
وأوضحت مصادر أمنية رفيعة ، أن المراجعات الفكرية التي تُجرى داخل السجون المصرية مع شباب جماعة الإخوان ، تتم من خلال عدد من علماء الأزهر الشريف ، أبرزهم مستشار رئيس الجمهورية ، الشيخ أسامة الأزهرى، وأستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر ، الدكتور عبد الله النجار، وأستاذ العلوم الشرعية في جامعة الأزهر ، الدكتور سعد الهلالي ، حيث يتم تنظيم لقاءات وندوات بصفة دورية ، يلتقون من خلالها مع شباب جماعة الإخوان .
وأوضحت المصادر أن اللقاءات والندوات ، تتركز على دعوة شباب الجماعة لنبذ العنف والاستدلال بالأدلة الشرعية على شرعية النظام المصري باعتباره النظام الحاكم ،ويجب السمع له والطاعة، وعليهم أن يبتعدوا عن السياسة ويتفرغوا للعبادة والعمل الدعوي.
وأضافت المصادر ، في تصريحات خاصة لـ " مصر اليوم " ، أن المراجعات الفكرية التي تُجرى داخل السجون ، تتم على مراحل بدايتها هى اللقاءات مع العلماء وشيوخ الأزهر لتغيير الأفكار الدينية المترسخة لديهم من منطلق شرعى، ثم تأتي المرحلة الثانية عن طريق جلسات مع قيادات الأجهزة الأمنية، وتكون فى أغلبها نوعًا من الترغيب والحديث فى الوضع السياسي والوعد بالإفراج عنهم إذا ما اقتنعوا بالإقلاع عن العنف والتزموا بيوتهم.
وأشارت المصادر ، أن عمليات المراجعات الفكرية ، لاقت قبول واستحسان قطاع عريض من شباب جماعة الإخوان في السجون ، وبدءَوا في التفاعل معها ،واعترفوا بأنهم خضعوا للتضليل من قبل قيادات الجماعة من خلال معلومات مغلوطة ، واستطاعوا أن يستقطبوهم بالانضمام إليهم ، من خلال الشعارات الدينية التي كانوا يرفعونها .
وأشاد أستاذ علم الاجتماع في جامعة القاهرة ، الدكتور علي توفيق ، بفكرة المراجعات الفكرية التي تُجرى داخل السجون مع شباب جماعة الإخوان ، لإثنائهم عن الأفكار المتطرفة التي يتبنوها .
وأكد أستاذ علم الاجتماع لـ " مصر اليوم" ، على أن الفكر المتطرف لا يعالج إلا بفكر آخر يفنده ، مضيفًا، وأن هذه المراجعات أكبر دليل على حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على احتواء جميع أبناء الوطن.
ويقول الباحث في الحركات الإسلامية ، جمال عيد ، أن المراجعات الفكرية التي أُجريت داخل السجون خلال فترة التسعينيات حققت النتائج المرجوة منها ، وشهدنا استقرار أمني كبير وتوقف تام للحوادث والعمليات المتطرفة ، مطالبًا بضرورة أن يصاحب هذه المراجعات الفكرية ، الإفراج عن هؤلاء الشباب من السجون ، بشرط أن يعلنوا صراحةً عدولهم عن الأفكار المتطرفة التي كانوا يتبنوها في الماضي.