القاهرة- مينا جرجس
حذَّر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتطرفة، التابع لدار الإفتاء المصرية، من تصاعد أزمة مسلمي الروهينغا والاضطهاد الذي يتعرضون له في ميانمار، الذي أدى إلى استغلال الجماعات المتطرفة للأزمة، مما يعني تقويض الإنجازات تحققت دوليًّا في مجال مكافحة التطرف، خاصة أن الجماعات المتطرفة تستغل مثل هذه الأزمات للتمدد في مناطق جديدة وتجنيد مزيد من العناصر، تحت مزاعم التخلص من اضطهاد "الكفار والمشركين".
ولفت إلى أن أزمة اللاجئين الروهينغا في بنغلاديش تعد مثالاً حيًّا على هذا الاستغلال، فعلى الرغم من استمرار بنغلاديش في استقبال لاجئي الروهينغا الفارين من القتل والاضطهاد في ميانمار، فإن لديها مخاوفَ أمنية من استمرار الأزمة التي تدفع مختلف التنظيمات المتطرفة الإقليمية والعالمية إلى استغلال القضية لأغراض التجنيد والدعاية، والتي يمكن أن يكون لها آثار سلبية على الأمن الداخلي للبلاد، فضلاً عن تقويض الأمن والسلم العالميين. وأضاف أن أزمة الروهينغا أدت إلى مسارعة الجماعات المتطرفة إلى اغتنام الفرصة الناتجة عنها، وبذلك أصبحت بنغلاديش تواجه تهديدًا من تنظيم "داعش" والتنظيمات المشابهة، ومع تفاقم الأزمة في ولاية راخين في ميانمار، فإن مستقبل مكافحة التطرف في بنغلاديش يبدو قاتمًا.
وأوضح المرصد أن اندلاع العنف في ولاية راخين في ميانمار، الذي أدى بدوره إلى تدفق اللاجئين الروهينغا إلى بنغلاديش، جعل الجماعات المتطرفة تعمد إلى تطوير نفسها لتتوافق مع قضية الروهينغا، مما زاد العبء الأمني على بنغلاديش، التي تعاني بالفعل من أزمة اللاجئين على حدودها. وأكد مرصد الفتاوى التكفيرية أن استغلال التنظيمات المتطرفة لمحنة الروهينغا لم يكن بالأمر الجديد، حيث حدث ذلك بين عامَي 2012 و 201، إلا أن الأزمة هذه المرة تأتي في ظل تداعي تنظيم "داعش" الذي فقد الكثير من أراضيه التي يسيطر عليها في العراق وسورية وليبيا، مما يدفعه إلى التوسع في جنوب شرق آسيا وجنوبها، كما يدفعه إلى الانخراط في صراع ولاية راخين.
وأضاف المرصد أن التنظيم المتطرف سلط الضوء بانتظام على محنة الروهينغا في مختلف منشوراته، خاصة مجلة "دابق"، التي أكدت أن التنظيم سيركز على ميانمار، وذكرت أيضًا أن التنظيم يهدف إلى إنشاء قاعدة له في بنغلاديش واستخدامها كمنصة لشن هجمات على ميانمار. ولفت المرصد إلى أن الأمر لم يتوقف على تنظيم "داعش" وحده، فقد دخل إلى الصراع أيضًا تنظيم "القاعدة"، الذي أكد في بيان له استهدافه جيش ميانمار، كما حث على دعم المسلمين أقلية الروهينغا.
وأصدر تنظيم "القاعدة" بيانًا يدعو فيه إلى شن هجمات انتقامية لمعاقبة حكومة ميانمار على اضطهاد أقلية الروهينغا المسلمة، وحث مسلمي العالم، وخاصة في بنغلاديش والهند وباكستان والفلبين، على دعم الروهينغا في ميانمار ماديًّا ومعنويًّا، وهو ما يرجح إمكانية استخدام الجماعات المسلحة المحلية والأجنبية للأراضي البنغالية. وإضافة إلى ذلك، تعتقد بعض الجماعات المسلحة البنغالية أن حماية المسلمين الذين يواجهون مشاكل في المنطقة "فرض عين" عليها، ومن ثَمَّ فإن العنف المتواصل ضد الروهينغا سيخلق تحديًا أمنيًّا جديدًا، إذا ما أرادت تلك الجماعات ضرب ميانمار، واستخدام جنوب شرقي بنغلاديش قاعدةً للهجمات. ودعا مرصد الفتاوى التكفيرية الهيئات والمنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، إلى ضرورة التحرك الفوري واستخدام كل الوسائل الممكنة للضغط على سلطات ميانمار وحكومتها لوقف عمليات الإبادة الجماعية والاعتداءات الوحشية والانتهاكات بحق مسلمي الروهينغا.