نور سلطان ـ مكسيم محمد
أعلن الرئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف، السبت، يوم حداد وطني ، الاثنين المقبل على أرواح ضحايا أعمال الشغب في البلاد، فيما اعتقلت السلطات رئيس جهاز أمن الدولة المقال كريم ماسيموف بتهمة الخيانة، وناقش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأزمة مع توكاييف واقترح عقد قمة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي، والتي أرسلت قوات لدعم السلطات الكازاخية في مواجهة الاضطرابات الحالية. وقال الرئيس توكاييف إن السلطات استعادت ما سماه النظام الدستوري في معظمه بعد أيام من الاضطرابات التي أسفرت عن مقتل 26 شخصا وإصابة المئات واعتقال الآلاف. وذكر توكاييف أنه أعطى أوامره بإطلاق النار على من وصفهم بالمجرمين من دون سابق إنذار.
وقال الرئيس الكازاخي إن من وصفهم بالإرهابيين نفذوا هجمات على ألماتي -أكبر مدن البلاد- عبر 6 مراحل، وأكد أن البلاد واجهت "مجموعات إرهابية مدربة جيدا في الخارج".
ومازالت الاشتباكات ما زالت متواصلة مساء السبت، بضواحي مدينة ألماتي على طول الطريق بينها وبين العاصمة القيرغيزية، وتم إغلاق مطار ألماتي الدولي إلى أجل غير مسمى.
وقالت وزارة الداخلية في بيان السبت، إن عدد المعتقلين في الاضطرابات الحالية ارتفع إلى 4 آلاف و266 بمن فيهم مواطنو دول أخرى، وأضافت أنه تم ضبط مستودع أسلحة في منطقة جامبيل، ومنتجات مسروقة من مبنى خدمة السيارات في ألماتي. وأعلن جهاز أمن الدولة الكازاخي، السبت، اعتقال رئيس الجهاز المقال كريم ماسيموف بتهمة الخيانة، وأضاف الجهاز في بيان له أن ماسيموف اعتقل أول أمس الخميس بعد إقالته فورا، وإن شخصيات سياسية وأمنية أخرى اعتقلت أيضا ولم يكشف عن أسمائها بعد لضرورات التحقيق، وفق البيان.
وأقيل صمد أبيش نائب رئيس لجنة الأمن القومي من منصبه، وهو ابن أخت الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف وشغل ماسيموف سابقا مناصب حكومية كثيرة، أبرزها رئاسة الحكومة، وبعد استقالة الرئيس الكازاخي السابق نزارباييف -الذي احتفظ لنفسه برئاسة مجلس الأمن القومي وبلقب زعيم الأمة- عين ماسيموف رئيسا لجهاز أمن الدولة في العام 2016، ويعد ماسيموف من المقربين من الرئيس السابق نزارباييف. وقال حزب "نور وطن" (الحزب الحاكم في كازاخستان) السبت إن مقاره في معظم المدن الرئيسية تعرضت للتدمير والإحراق. وقالت الخارجية الروسية مساء السبت "نرصد تحسنا في الوضع بكازاخستان وعودة عمل المؤسسات الاقتصادية والخدمية تدريجيا".
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي سيطرت على مطار ألماتي، ثم وضعته تحت سيطرة قوات الأمن الكازاخية. وقالت الوزارة إن 20 طائرة شحن عسكرية ستواصل اليوم نقل القوات الروسية وعتادها إلى كازاخستان. وأجرى الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والكازاخي توكاييف اتصالا هاتفيا مطولا، ناقشا فيه الإجراءات المشتركة ضمن تفويض منظمة الأمن الجماعي لمكافحة الإرهاب، وفق ما أعلنه الكرملين. كما عبّر توكاييف عن امتنانه للمساعدة التي قدّمتها منظمة معاهدة الأمن الجماعي لكازاخستان
وأضاف الكرملين أن توكاييف أطلع بوتين على تطورات الأوضاع في بلاده وأكد أن الأمور تتجه نحو الاستقرار. وشدد الكرملين على أن بوتين يدعم مقترح توكاييف بعقد قمة عبر الفيديو في الأيام القادمة لقادة منظمة معاهدة الأمن الجماعي، والتي أرسلت -وما تزال- قوات لحفظ السلام إلى كازاخستان بطلب من رئيسها توكاييف.
وكانت روسيا قد شكلت هذه المنظمة في العام 2002 بمعية عدد من جيرانها بما فيهم كازاخستان لتكون بمثابة حلف سياسي عسكري للحفاظ على أمن واستقرار المنطقة. ونشب سجال بين وزارة خارجيتي روسيا وأميركا بشأن الأزمة الكازاخية، إذ وصفت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا تصريحا لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأنه يتّسم بالفظاظة، بعد أن قال إن الروس إذا دخلوا بلدا، فمن الصعب إخراجهم منه، في إشارة إلى إرسال موسكو قوات دعم للسلطات الكازاخية. فردّت المتحدثة الروسية على كلام بلينكن بالقول إنه "إذا دخل الأميركيون بيتك، فمن العسير عليك البقاء على قيد الحياة وعدم التعرض للسرقة أو للاغتصاب". وقالت وزارة الدفاع في قرغيزستان المجاورة لكازاخستان، الجمعة، إنها أرسلت 150 جنديا و8 مركبات مدرعة و11 مركبة محملة بالمعدات إلى جارتها ضمن قوة حفظ السلام التابعة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي. وأوضح بيان للوزارة أن مهمة الجنود هي حماية المرافق ذات الأهمية الخاصة والإستراتيجية في كازاخستان.
وأكد رئيس اللجنة التنفيذية لرابطة الدول المستقلة سيرغي ليبيديف، أن "المظاهرات في كازاخستان معدة مسبقاً لزعزعة استقرار الوضع في البلاد، ومنظموها تلقوا دعماً من الخارج".
وقال ليبيديف في بيان نشر عبر الموقع الرسمي للجنة: "إن اللجنة التنفيذية لرابطة الدول المستقلة، حيث يعمل ممثلو جميع بلدان الكومنولث في فريق دولي، تتابع عن كثب تطور الوضع في الجمهورية الشقيقة، ونحن متحدون للقيام بكل ما هو ضروري ليس فقط للحفاظ على البلدان، بل لزيادة تحسين وتقوية كومنولث الدول المستقلة". وتابع البيان أن قيادة اللجنة تحافظ على اتصالات العمل الضرورية مع ممثلي دول رابطة الدول المستقلة، في محاولة لتقديم الدعم المعنوي والتنظيمي لكازاخستان. وأضاف ليبيديف: "أنا شخصياً، وجميع الزملاء مؤيدون تماماً للإجراءات التي اتخذتها قيادة كازاخستان والدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي لحماية النظام الدستوري واستعادة القانون والنظام في الجمهورية".
وأعرب ليبيديف عن تخوفه من مثيري الشغب بالقول إنّه "من الواضح أن العناصر الهدامة، قطّاع الطرق استعدوا مسبقاً لمظاهرات حاشدة من أجل زعزعة استقرار الوضع في البلاد، وتلقوا دعماً من الخارج". كما عبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن قلق الاتحاد الأوروبي من التطورات، ودعت إلى ضمان حقوق المواطنين وأمنهم في كازاخستان. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس عبر عن قلق بلاده من الأحداث في كازاخستان، وقال إن الوزارة ستراقب عن كثب أي انتهاكات لحقوق الإنسان من جانب قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي في البلاد.
كما نفى البيت الأبيض أن تكون الولايات المتحدة على أي صلة بالتطورات الأخيرة في كازاخستان التي تشهد أزمة وموجة احتجاجات واسعة في البلاد منذ 2 كانون الثاني/ يناير الجاري .
وقال مسؤول رفيع المستوى في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، خلال مؤتمر صحفي عبر الهاتف السبت: "لا علاقة لنا بتطورات الأحداث هناك. هذا السؤال ليس للولايات المتحدة".
كما أضاف المتحدث، أن الأسئلة حول التأثير المحتمل للأحداث في كازاخستان على الأوضاع حول أوكرانيا والمفاوضات الروسية الأمريكية “يجب توجيهها إلى الكرملين”.وأجرى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني اتصالا هاتفيا مع رئيس كازاخستان، تناولا فيه تطورات الأوضاع في كازاخستان. وأضافت الوكالة أن الرئيس الكازاخستاني أطلع أمير قطر على الجهود المبذولة لتهدئة الأوضاع في كازاخستان، وتعزيز الأمن والاستقرار فيها. وأعرب أمير قطر عن ثقته في قدرة السلطات الكازاخستانية على تجاوز هذه الأزمة وإعادة الأمور إلى طبيعتها.
وتزايدت الدعوات الدولية لخفض التصعيد ولحل سلمي للأزمة في كازاخستان، إذ قالت كريستانا هوفمان نائبة المتحدث باسم الخارجية الألمانية إن حكومتها تراقب التطورات في كازاخستان، وتحث الأطراف المعنية على وقف التصعيد وإيجاد حل سلمي. بدورها، أعلنت الصين دعمها إرسال دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي بقيادة روسيا قوات حفظ سلام إلى كازاخستان، قائلة إنها "تدعم جميع جهود السلطات الكازاخية لإنهاء الاضطرابات في أقرب وقت ممكن". وأعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، السبت، مقتل أحد مواطنيها في اشتباكات وقعت خلال احتجاجات تشهدها كازاخستان منذ أيام. وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيان لها ، إن مواطنها ليفان كوجيشفيلي البالغ من العمر 22 عاما، كان يعيش في كازاخستان بالسنوات الماضية.
وأضاف البيان أن الشاب قُتل بنيران حية في ألماتي كبرى المدن الكازاخية، دون توضيح ما إن كان من المشاركين بالاحتجاجات أم لا. ولفت إلى أن وزارة الخارجية على اتصال بوالديه في كازاخستان وأفراد أسرته في إسرائيل، وتعمل على نقل رفاته لدفنها في الكيان الاسرائيلي. ووفق الخارجية الإسرائيلية، فإن التحذير من السفر لكازاخستان ساري المفعول منذ الخميس. كما أوصت الإسرائيليين بتجنب السفر غير الضروري إلى هذا البلد الواقع في آسيا الوسطى وتجنب النقاط الساخنة المحتملة هناك. وتهز كازاخستان، أكبر دولة في آسيا الوسطى، حركة احتجاج بدأت الأحد في المقاطعات بعد زيادة أسعار الغاز، ثم امتدت إلى مدن أخرى وخصوصا إلى ألماتي، العاصمة الاقتصادية للبلاد، حيث تحولت التظاهرات إلى أعمال شغب أدت إلى سقوط قتلى.
والجمعة، رفض رئيس البلاد قاسم جومرت توكاييف أي إمكانية للتفاوض مع المحتجين وسمح لقوات الأمن بـ"إطلاق النار بهدف القتل" لوضع حد لأعمال الشغب. وأدت أعمال الشغب التي تخللها تبادل إطلاق نار بأسلحة نارية، إلى سقوط عشرات القتلى وأكثر من ألف جريح بحسب السلطات. وبدأت الاحتجاجات الجماهيرية في كازاخستان في الأيام الأولى من العام الجديد، إذ احتج سكان مدينتي جاناوزين وأكتاو في منطقة مانغيستاو، وهي منطقة منتجة للنفط في غرب كازاخستان، على مضاعفة أسعار الغاز. وانتشرت المظاهرات في مناطق أخرى من البلاد بما في ذلك ألما آتا، أكبر مدينة في كازاخستان، بينما اندلعت اشتباكات دامية واسعة أدت إلى مقتل عشرات الأشخاص وإصابة الآلاف بما في ذلك في صفوف المحتجين وقوات الأمن.
وأمر رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف، الجيش بإطلاق النار على المسلحين، قائلاً عبر مقابلة تلفزيونية إنه "أعطى الأمر لأجهزة إنفاذ القانون والجيش بفتح النار على المسلحين".
وفي ظل هذه التطورات أعلن رئيس كازاخستان، قاسم جومارت توكايف، إقالة الحكومة وترؤسه مجلس الأمن وفرض حالة الطوارئ على المستوى الوطني، كما وجه دعوة رسمية إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي لإرسال مهمة حفظ سلام إلى البلاد. والجمعة قال توكايف إنه تمت استعادة النظام الدستوري بشكل أساسي في جميع مناطق البلاد، والسلطات المحلية تسيطر على الوضع.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
رئيس كازاخستان يدعو للقضاء على "الإرهابيين" وسط مخاوف أممية وتحذيرات من تدخل روسيا