القاهرة – محمد التوني
استقبلتني ضحكته مرتين، الأولى يوم أن ذهبت لزيارته في مستشفى معهد ناصر أكتوبر2010، بعد إصابته في حادث قاسِ أدى إلى بتر ساقه وهو ابن الأحد عشر عامًا، والمرة الثانية منذ أيام بعد أن أصبح شابًا مميزًا في الثامنة عشرة من عمره، ولم يستطع فقط تخطي إعاقته، لكنه تجاوز ذلك بكثير، حيث يمارس حياته بشكل طبيعي، ويقوم بأنشطة لا يقوى عليها الكثير من الأصحاء.
ودخل دائرة الضوء حينما أصبح نجم مؤتمر الشباب في الإسكندرية في يوليو الماضي، بعدما قام بجولة في 5 محافظات على دراجته وعاد ليقدم للرئيس السيسي طلبات ومشاكل سكانها، لينال إعجاب الرئيس وثناءه ويخطف قلوب المصريين جميعًا، إنه ياسين الزغبي، الذي يرفض اعتبار نفسه شابًا استثنائيًا، ويردد دائمًا "أنا لا أفعل شيئًا غير عادي، وأعيش حياتي بشكل طبيعي"، ورغم ذكائه وحيويته ونشاطه فهو قليل الكلام، حكيه مختصر وحديثه مقتضب.
وفي هذا الحوار مع ياسين الزغبي، تحاول "الأهرام" اقتناص الكلمات، لمعرفة المزيد عن تجربة هذا الشاب، الذي بدأت قصته برحلة إلى شرم الشيخ حرمته ساقه في تجربة مؤلمة، وكيف وصل إلى مؤتمر الشباب، ليصبح اليوم نموذجًا وقدوة بجولاته ورحلاته في أنحاء البلاد حاملًا هموم الناس ومشاكلهم، وليتحدث عن خططه ومشاريعه في المرحلة المقبلة.
بعد أن لُقب ياسين بـ"الأيقونة"، واعتبره الكثيرون قدوة للشباب في مثل عمره، كان لا بد من سؤاله عن كيفية تغلبه على ما حدث له من تجربة قاسية في عمر الـ11 عامًا، بعد أن فقد ساقه نتيجة رعونة سائق زورق بحري، وكيف استطاع أن يتجاوز الواقع الصعب ويخطو إلى طريق النجاح والأمل والإنجاز.
وبشأن فكرة جولة المحافظات وجمع مشاكل المواطنين، كيف نشأت، قال الزغبي: "إنها فكرة نبتت في ذهنه هو ومجموعة من أصدقائه، من بينهم المخرج أحمد عادل، الذي كان قد تعرف عليه في أثناء تصوير أحد الإعلانات التليفزيونية: "كان نفسنا نعمل حاجة مع الناس وعن مشاكلهم، وقال لي عادل ما تيجي نعملها في فيلم تسجيلي ونحاول أن نقدمها في مؤتمر الشباب".
وكانت مجرد أمنية وحلم تحول إلى حقيقة، كما يشرح ياسين: "قمنا بالجولات قبل المؤتمر بنحو أسبوعين في 5 محافظات، هي الإسكندرية وكفرالشيخ والبحيرة والغربية ومرسى مطروح، وكنا نأخذ تصاريح وموافقات.. وطبعًا ده كان بيوصل للمسؤولين، وكان الهدف يقترب أيضًا.. وعن طريق بعض الأصدقاء وصل الموضوع للحكومة ولشباب البرنامج الرئاسي لإعداد القادة من منظمى المؤتمر. كنا عايزين نوصل صوت الناس البسيطة دي واحتياجاتها في مؤتمر الشباب.. ولم نكن نضمن شيئًا، لكننا استطعنا تحقيق الصعب وأصبح الحلم حقيقة".
وفيما يتعلق بأبرز المشاكل التي حملها ياسين إلى منصة المؤتمر، أوضح الزغبي أنه نقل معاناة بعض أهل الإسكندرية الذين تهدد قوة النوة بهدم منازلهم، وإلقائهم في الشارع، وكيف أن قرية كاملة "شخلوبة" في كفرالشيخ يعاني أهلها بسبب تلوث البحيرة التي يعتمدون عليها في قوت يومهم بسبب مياه الصرف.
كذلك مشكلة أخرى تؤرق أهالي رشيد بسبب أسلاك الضغط العالي وقربها من البيوت السكنية، وبدأ بالفعل نقلها وحل المشكلة، بالإضافة لعدد آخر من المشاكل أقوم بتوصيلها في أظرفها المغلقة للمسؤولين، وبشأن وعد الرئيس بالمتابعة وحل المشاكل، قال: "فعلًا أتابع مع المسؤولين ومع الأهالي الكثير من المشاكل حتى نصل للحلول، كما أن الدكتور هشام الشريف، وزير التنمية المحلية، مهتم جدًا من وقت المؤتمر بالتواصل معي، وقال إننا يجب أن نلتقي ونقوم بجولات في المحافظات، وهو ما حدث بالفعل، حيث اتصل بي مكتبه، وشاركته في جولة إلى محافظة الفيوم وقراها، وتحاورت مع شباب جامعة الفيوم، وأيقنت هناك أن معظم المشاكل متشابهة في القرى، فالغالبية لديهم مشاكل في الصرف الصحي أو الكهرباء أو معاناة من نقص عدد وإمكانات مراكز الشباب، وقمت بتوصيلها للوزير، وأذهب للوزارة مرة أو مرتين أسبوعيًا لمتابعة حل المشاكل".
وفيما يتعلق بأكثر المشاكل التي تواجه الشباب من وجهه نظره، أكد الزغبي أن المشاكل كثيرة في هذه المرحلة سواء، فيما يخص صعوبة الدراسة والتوظيف، أو فقدان مصدر الرزق بسبب الأحداث والظروف الاقتصادية، لكنه يرى أن الشباب الأصغر سنًا أكثر قدرة على التصرف وإيجاد طرق لكسب العيش، لكن المشكلة تزداد تعقيدًا مع من يعولون أسرًا ويعانون شظف العيش أو مشاكل في العمل.
وبشأن فائدة مؤتمرات الشباب في رأيه، أشار الزغبي إلى أن: "الشفافية.. كل مسؤول يخرج إلى الجمهور ليقول ماذا أنجز وخططه المستقبلية والمشاكل التي تواجهه، ونحن لم يكن لدينا هذا النوع من الشفافية، وحتى لو لم تتحقق بنسبة 100%، لكن مش مشكلة، فنحن نخطو أولى خطواتنا على هذا الطريق.. مثل هذه المؤتمرات تعد فرصة للتواصل بين الناس لمعرفة ما يحدث والتعرف على الجديد".