القاهرة- محمود حساني
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن مواجهة التطرف تستلزم استراتيجية دولية شاملة، لا تقتصر على الجوانب الأمنية والعسكرية، وإنما تمتد لتشمل العمل على هدم الأسس الفكرية التي يستند إليها الفكر المتطرف، وذلك من خلال تطوير وتحديث التعليم، بالإضافة إلى تجديد الخطاب الديني لتعزيز القيم السمحة للأديان، وبحيث يتم ترسيخ قيم التعايش المشترك والتسامح، مؤكدًا على أن تحقيق النصر في المعركة يتطلب تكاتف جهود المجتمع الدولي على كل المستويات والتعامل مع كل الجماعات المتطرفة وفق معيار واحد يستهدف تجفيف منابع تمويلها وإيقاف إمدادها بالسلاح والمقاتلين.
جاء ذلك خلال استقبال الرئيس السيسي، السبت، وزير خارجية المملكة المتحدة، بوريس غونسون، وذلك في حضور وزير الخاريجة سامح شكري، بالإضافة إلى سفير المملكة المتحدة في القاهرة.
ورحّب الرئيس في بداية اللقاء، بوزير الخارجية البريطاني في زيارته الرسمية الأولى إلى مصر، معربًا عن تطلع مصر لتحقيق نقلة نوعية في العلاقات بين الدولتين على كل المستويات، خاصة تعزيز التعاون الاقتصادي، وزيادة استثمارات الشركات البريطانية في مصر.
وفي هذا الإطار قام الرئيس باستعراض خطوات برنامج الإصلاح الاقتصادي الجاري تنفيذه، مشيرًا إلى ترحيب مصر بالدعم الذي قدمته بريطانيا إلى مصر في التوصل للاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
كما أكد الرئيس حرص مصر على تعزيز التعاون مع بريطانيا في مجالات مختلفة خاصة التعليم سواء الجامعي أو ما قبل الجامعي، فضلًا عن تشجيع الاستثمارات البريطانية القائمة في مصر والتطلع لزيادتها وتوسيع أنشطتها خلال المرحلة المقبلة، لا سيما في محور تنمية قناة السويس.
من جانبه أعرب وزير خارجية المملكة المتحدة عن تقديره لما يربط مصر والمملكة المتحدة من علاقات طويلة ومتميزة، مشيرًا إلى تطلع بريطانيا لدفع علاقات التعاون بين الدولتين والارتقاء بها إلى آفاق أرحب، مؤكدًا تقدير بلاده للقرارات الشجاعة التي اتخذتها مصر في مجال الإصلاح الاقتصادي وما تتحمله من تبعات وتحديات في هذا الشأن.
وأشار وزير الخارجية البريطاني إلى تطلع بلاده لتطوير علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري مع مصر بقوة، مشيرًا إلى أن بريطانيا باعتبارها أحد أكبر الدول ذات الاستثمارات في مصر حريصة على دعم الاستقرار والتنمية في مصر، ومنوهًا في هذا الإطار إلى تقدير بريطانيا للتعاون المثمر مع الأجهزة المصرية المعنية بأمن المطارات، وحرص الجانبين على مواصلة العمل من أجل استئناف رحلات الطيران البريطانية إلى شرم الشيخ، كما تطرق اللقاء كذلك إلى مناقشة سبل تعزيز التنسيق بين البلدين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها التطرف.
وفي هذا الإطار أشار وزير الخارجية البريطاني إلى الأهمية الاستراتيجية التي تتميز بها مصر ودورها القيادي في المنطقة، مؤكدًا ضرورة تعزيز التشاور بين البلدين بما يتواءم مع طبيعة التحديات التي تواجه المنطقة والعالم.
وأكد الوزير غونسون دعم بريطانيا الكامل إلى مصر في جهودها لمواجهة وحصار التطرف الذي يمثل تهديدًا عالميًا يتعين القضاء عليه، مشيرًا إلى أن بلاده تثمن كذلك الجهود التي تقوم بها مصر لتسوية الأزمات القائمة في الشرق الأوسط، وخاصة الأزمة الليبية، بهدف ترسيخ الاستقرار وتوفير المناخ اللازم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وذكر السفير علاء يوسف أنه تم خلال اللقاء كذلك بحث التطورات الجارية في الشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية، والأوضاع في ليبيا واليمن، فضلًا عن آفاق الدفع قدمًا بعملية السلام، وجهود مكافحة التطرف، حيث أكد الرئيس ضرورة استعادة الاستقرار في المنطقة، والحفاظ على الدولة الوطنية ومؤسساتها من أجل الحفاظ على وحدة أراضيها وصيانة مقدرات شعوبها، فضلًا عن سد الفراغ الذي تقوم باستغلاله الجماعات المتطرفة في التمدد والانتشار.
وتتمتع العلاقات المصرية البريطانية التى ترجع إلى أكثر من مئة عام بالتقارب في وجهات النظر على الصعيد السياسي تجاه العديد من قضايا السياسة الإقليمية والدولية التي تحظى باهتمام مشترك، ويأتي على رأسها التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية، وعلى المستوى الاقتصادي تعد بريطانيا أكبر مستثمر أجنبي في مصر، كما لعبت بريطانيا دورا إيجابيا في دعم المطالب المصرية خلال المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول إبرام اتفاقية المشاركة المصرية-الأوروبية، كما أن العلاقات الثقافية والتعليمية دومًا متميزة خاصة مع إنشاء الجامعة البريطانية في القاهرة في سبتمبر 2005، حيث قام بافتتاحها رسميا الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني في آذار/مارس 2006.