القاهرة ـ هاشم يوسف
يمثل الأحد للاعبين المسلمين صعوبة بالغة مع انطلاق الدور الثاني من بطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليًا في البرازيل 2014، كونه أول أيام شهر رمضان، وهو ما يزيد من صعوبة مهمة من يرغب في أداء فريضة الصوم خلال المباريات، وسط اتبّاع اللاعبين المحترفين برنامجًا غذائيًا صارمًا، إضافة إلى الطقس الحار، وارتفاع نسبة الرطوبة في البرازيل.
وإضافة إلى لاعبي المنتخب الجزائري، سيلعب اللاعبون المسلمون في منتخبات بلجيكا موسى ديمبيلي ومروان فيلايني وعدنان يانوزاي، وفرنسا كريم بنزيما ومامادو ساخو، وموسى سيسوكو، وسويسرا شيردان شاقيري وكوكهان إنلر وآدمير محمدي، وألمانيا مسعود أوزيل وسامي خضيرة وشوكردان مصطفى، ونيجيريا أحمد موسى مع فرقهم في الدور الثاني للبطولة.
وهناك مخاوف لدى بعض اللاعبين من أن الصوم قد يؤدي إلى خفض مستوى أدائهم في المباريات، لكن رئيس المنسقية الدولية للشؤون الدينية الجزائرية جلول هاشمي أكد ضرورة أن يصوم لاعبو المنتخب الجزائري في مبارياتهم المقبلة خلال شهر رمضان بسبب قصر النهار وانخفاض درجة الحرارة نسبيًا في البرازيل التي تستضيف المونديال العالمي.وكان هاشمي تقدم بطلب لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم من أجل إقامة مباريات المنتخب الجزائري مساء، في حال تجاوزه الدور الأول من البطولة.
وربما يكون للصوم تأثير على الأنظمة الغذائية للاعبين في ظل ارتفاع الحرارة ونسب الرطوبة المصاحبة لبعض المباريات في البرازيل.
وقالت خبيرة التغذية في إنكلترا، إيما جاردنر، إن التحدي الرئيسي سيكون محاولة الاحتفاظ بالماء داخل الجسم بشكل يومي، ثم الاحتفاظ بمستويات معينة من الطاقة.
وأضافت أن التكوين العضلي أيضا من ضمن الأمور المهمة. توصلت البحوث إلى أنه يمكن للأشخاص فقدان بعض التكوين العضلي خلال رمضان على الرغم من أن هذا يحدث في بداية الشهر.
وتبدو تعليقات جاردنر متعارضة مع كبير الأطباء في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جيري دفوراك، الذي قال إن صيام اللاعبين لن يعرضهم لتدهور في حالتهم البدنية.
وأضاف في إفادة صحافية "أجرينا دراسات شاملة على لاعبين خلال شهر رمضان، وخلصنا إلى أنه إذا ما طبق اللاعبون نظاما ملائما خلال شهر رمضان فإنهم لن يعانوا من أي تراجع في أدائهم البدني".
وأعلن الألماني مسعود أوزيل أنه لن يكون بوسعه الصيام.
وأضاف "رمضان سيبدأ السبت، لكني لن أصوم لأني أؤدي عملي".
وسبق لجاردنر خبيرة التغذية أن عملت عن كثب مع لاعب في منتخب بريطانيا للهوكي صام رمضان خلال بطولة كبرى. ووصفت جاردنر متابعتها لهذا اللاعب بأنها كانت أشبه "بدراسة حالة" للتعرف على الأمر.
ويؤثر فقدان السوائل بنسبة 1 أو %2 من وزن الجسم في مشاكل تتعلق بالتركيز.
ويرى الفرنسي كلود لوروا، الذي سبق ودرب لاعبي منتخب عُمان خلال فترة رمضان، أن "الالتزام التام بصيام رمضان خلال كأس العالم يبدو أمرا صعبا للغاية. ويسأل "كيف سيتصرف اللاعبون في مباراة الساعة 1:00 بعد الظهر (بالتوقيت المحلي)، أو حتى مباراة الساعة 5:00 عصرا؟ وكيف سيتعاملون مع النقص بالمياه؟" مضيفا أن "الأمر مستحيل وخطير".
وبالنسبة إلى مونديال البرازيل، سيستعين لاعبو الجزائر بالطبيب حكيم شلبي، الذي أصبح بفضل إنجازاته في مستشفى إسبيتار في العاصمة القطرية الدوحة، أحد مرجعيات الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في موضوع صوم اللاعبين.
ويوضح شلبي أن الصيام يشكل "مرحلة يزداد فيها خطر الإصابة، خصوصا على مستوى أسفل الظهر والمفاصل والعضلات"، وهذا يعود تحديدا إلى عامل جفاف الجسم وليس النقص في الغذاء.
ويضيف الطبيب المختص "يجب تغيير مستوى التغذية، ويجب أيضا تعديل كمية الغذاء بما يسمح بالتأقلم مع التمارين، وعلى اللاعبين أيضا أن يشربوا الكثير من السوائل، وأنصحهم بتمديد فترة القيلولة بعد الظهر لتعويض جزء من الوقت المخصص للنوم".
هذه النصائح تؤكدها خبرة مجيد بوقرة، قائد منتخب الجزائر، الذي يقول: "أصعب ما في الأمر مسألة الجفاف، ولكن لا بأس، فالطقس جيد، وبعض اللاعبين يمكنهم إرجاء صيامهم، أما أنا، فسأقرر بناء على حالتي البدنية، لكن أظن أني سأصوم".
وأضاف في البرازيل، يجد المسلمون الذين قرروا الالتزام بصيام رمضان وفق التوقيت المحلي عاملا مساعدا مع غياب الشمس قرابة الخامسة والنصف عصرا، ليحين موعد الإفطار باكرا. أمر لم يكن متاحا لرياضيي أولمبياد لندن الذين كان عليهم انتظار الثامنة والنصف مساء أو حتى التاسعة ليحين موعد الإفطار.
غير أن الصيام قد يكون في بعض الأحيان مصدر إلهام ومحفزا للاعبين، فالموضوع "نفسي، وهذا ما يجب على اللاعبين أن يظهروه للمدربين غير الموافقين على فكرة الصيام، أنهم جاهزون للعب 200 في المائة"، بحسب شلبي، الذي يلفت إلى أن هذا الموقف قد لا يعجب البعض.
ويوضح الطبيب السابق في باريس سان جرمان، بطل فرنسا راهنا، أنه خلال إقامته في أوروبا، كان غالبا ما يطلب منه "حث اللاعبين على عدم الصيام". ويضيف: "إلا أن الغريب أن هناك رياضيين يسجلون نتائج أفضل خلال رمضان بسبب رغبتهم في الالتزام بالصوم، وهو ما قد يشكل عاملا مساعدا على الصعيد النفسي".