الجزائر ـ مصر اليوم
انتهى سيناريو إهانة وتهميش أبطال الجزائر من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين حققوا نتائج مذهلة عالميا، الأحد، بإنهاء مهام الأمين العام لوزارة الشباب والرياضة، وهو القرار الذي اتخذه الوزير الأول بأمر من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. وقد عرفت الجزائر، خلال الأسبوع الماضي (من 24 آب/ أغسطس إلى 5 أيلول/ سبتمبر)، حالة من الحسرة الممزوجة بمشاعر الغيرة غير المسبوقة على ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة بعد النتائج المشرفة التي حققها هؤلاء خلال فعاليات الدورة 16 للألعاب البارالمبية بطوكيو.
وفي رصيد الجزائر حتى الآن 12 ميدالية عالمية، مما يضعها في المرتبة الأول أفريقيا وعربيا من حيث عدد الميداليات، بـ12 ميدالية، وفي المرتبة الثانية في ذات التصنيف بعد تونس، من حيث نوعية الجوائز بحسب الترتيب الرسمي الألعاب البرالمبية.
وقد رافقت هذه النتائج قصص للاعبين لم يستسلموا للصعوبات والعراقيل وحتى نظرة الاستهزاء التي حاصرتهم من قبل بعض المسؤلين على الرياضة الجزائرية.
وتأسف الجميع لطريقة التعامل مع أصحاب الهمم العالية، سواء أثناء التحضيرات أو قبل السفر وحتى حين عودتهم إلى أرض الوطن، حاملين معهم انتصارات كبيرة.
هذا الأمر دفع بوزير الشباب والرياضة عبد الرزاق سبقاق للتعليق قائلاً: "مصدوم من طريقة استقبال الرياضيين المشاركين في الألعاب البارالمبية، ما يصدمني في الواقع هو كيف يُمكن أن لا تكون الوزارة على علم بوصولهم وكيف لا يتم ترتيب الأمور من أجل تخصيص حافلة تُناسب احتياجاتهم وترقى للاجتهاد الذي بذلوه من أجل الجزائر في طوكيو".
ويرى البطل العالمي في رياضة الكاراتيه الجزائري حمزة عصماني أن الأمر راجع لنظرة المجتمع ككل لذوي الاحتياجات الخاصة.
وقال البطل العالمي عصماني : "هناك نظرة احتقار تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا ما يفسر عدم اهتمام المسؤلين بهم واعتبارهم رياضيين من الدرجة الثانية رغم أن ما يقومون به من مجهود هو ضعف ما يقوم به الرياضيين الأصحاء على أرض الميدان".
وعن هذا المشكل تحديدا قال عصماني: "لاحظوا جيدا كيف نتعامل نحن البشر مع ذوي الاحتياجات الخاصة، أطفالنا لا يلعبون معهم، لا نجلس معهم في المقاهي، نشعر بالخجل عند مصاحبتهم، كل هذه النظرة السلبية يجب أن تتغير والأمر يحتاج لتضافر الجهود".
وتأسف حمزة للطريقة التي تتعامل فيها القوانين الرياضية في الجزائر مع حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وقال :"لماذا منحة الرياضيين الأصحاء هي ضعف منحة ذوي الاحتياجات الخاصة".
ومن أكثر القصص التي هزت مشاعر الجزائرين، حكاية اللاعبة صافية جلال التي كانت من بين الأوائل الذين استطاعوا تحطيم الأرقام القياسية في طوكيو.
وأوضح زوج البطلة العالمية، أن صافية هي أم لأربع أبناء، ولم يمنعها حرصها على رعاية عائلتها والاهتمام بهم من مواصلة الرياضة وتحقيق التفوق في مجال صعب وسط ظروف معقدة مع قلة الإمكانيات.
وقال كمال بلعمري: "التحضيرات لم تكن لشهر أو شهرين، فهي كانت تقوم بالتحضير لهذا الموعد منذ أكثر من من خمسة سنوات، وسط متاعب كبيرة".
ويبدو أن النتائج التي حققها أبطال الجزائر، ستدفع بتغيير الكثير من تلك الذهنيات التي ظلت تنظر بعين الاحتقار لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو الأمر الذي تجسد في توجيه عدد من نواب البرلمان لأسئلة كتابية لوزير الشباب والرياضة.
وقال النائب البرلماني عز الدين خلوفي: "الاستقبال كان مهينا لأبطالنا في الألعاب شبه الأولمبية، ونحن نطالب بمعرفة الإجراءات المستعجلة التي يجب اتخاذها لرد الاعتبار لذوي الهمم والاحتياجات الخاصة، وذلك لتفادي تكرار السيناريو في المستقل".
وقد جاءت نتائج الجزائر في الألعاب البارالمبية جد مشرفة على جميع المقاييس (المركز الـ28 عالميا (بـ4 ذهبيات و4 فضيات و4 برونزيات)، حيث حقق اللاعب اسكندر جميل عثماني ميدالية ذهبية في سباق 400م وتحطيم الرقم القياسي العالمي بـ46.70 ثانية.
وفازت اللاعبة صافية جلال بميدالية ذهبية في رمي الجلة وتحطيم الرقم القياسي العالمي بـ11.29 متر، كما فازت اسمهان بوجعدار بميدالية ذهبية في رمي الجلة وتحطيم الرقم القياسي البارالمبي بـ7.10 متر.
ويؤكد المدرب الرياضي ثامري محمد الأمين أن هذا الفوز يحمل معه حكاية أبطال حقيقيين، وقال لموقع سكاي نيوز عربية: "لكل واحد منهم قصة مختلفة، كنا نتوقع نتيجة جيدة ولكن ليس إلى حد تحطيم الرقم العالمي".
وأكد الأمين أن ما حققه ذوو الاحتياجات الخاصة لا يقل أهمية على إنجازات الأصحاء، ويجب منحهم الفرصة الكاملة في العيش وتوفير الظروف لهم وتذليل الصعاب.
وقال المدرب الرياضي الجزائري: "للأسف، هناك قلة الاهتمام بهم وهذا درس لنا جميعا".
والمثير للانتباه، في حكاية الجزائر مع البارالمبياد هذه السنة، أنها تأتي بعد انتكاسة كبيرة عرفها الوفد الجزائري في أولمبياد طوكيو، َوذلك قبل أسابيع وفي نفس المكان، حيث عاد الوفد في تلك المنافسة بخفي حنين، وهو ما دفعهم لإلقاء اللوم على وزارة الشباب والرياضة واتهامها بالتقصير وعدم وتوفير الظروف الصحية لهم خلال فترات التدريب.