مصطفى حسني

شهدت أروقة معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي يمتد إلى منتصف الشهر الجاري، محاضرة للداعية المصري الشاب مصطفى حسني بعنوان "كيفية قراءة الرسالة الربانية في الحياة اليومية"، التي أدارها عمرو مهران، وتخللها الكثير من الوقفات في القرآن الكريم والحديث الشريف والنصوص العلمية لعلماء الشريعة الإسلامية.

واستهل حسني حديثه بأهمية التفريق بين التنشئة الاجتماعية الحالية للأبناء وما ينبغي أن تكون عليه النشأة الحقيقة المستمدة التي دعت إليها الشريعة الإسلامية، حيث تسعى الأولى إلى تعليم المبادئ الدينية بشكل آلي ومجرد منذ الصغر، حيث يفهم الوالدان والمربون أنَّ على الابن أن يتعلم الامتناع عن شيء، والتمسك بشيء آخر، بينما يتعيَّن على الأسر أن تغرس في نفوس الأبناء حب المعرفة بالله، وطريقة الوصول إليه في ضوء تلك المعرفة لتكون المهمة أنضج والنتائج أكبر.

وبيَّن حسني أنَّ "الجميع يسعى إلى مرضاة الله سبحانه، ولاشك أنَّ هذا الرضا يحتاج إلى طريق لكي يوصل إليه بالخطوات اللازمة التي أرادها لعباده وأنزل من أجلها الكتب، وبعث الرسل، ومن هنا أشار حسني إلى أنَّ الله سبحانه ليس هو الدين، كما أنَّه ليس هو الإسلام، مع أنه مُنزَّل منه، وذلك لأنَّ الدين والإسلام هما جوهر الطريق الموصل إليه، ولكي يتم هذا الوصول لابد من المعرفة، فبالمعرفة يتعلق الشغف، فيُنسي الإنسان مشقة الطريق لأن نهايته ستكون سعيدة".

وأكد الداعية المصري الشاب مصطفى حسني، أنَّ "العبادة التي يمارسها الفرد لكي يتقرب بها إلى ربه، يتعيَّن أن تؤدى مع الحب لكي يتم ذلك القرب، وذلك حينما يفهم الإنسان أنَّها ليست مجرد حركات وتصرفات معينة حسب نوع العبادة ويمكن أن يقوم بها الإنسان المسلم للتعبير عن عبوديته، وهذا الحب شعور داخلي ينمو مع الزمن، والإصرار على طلب الرضا والتوفيق حتى يصل الإنسان إلى مرحلة العبودية الكاملة التي تقوم على ذكر الله سبحانه حتى في حال النوم والأكل والشرب والاختلاط مع الناس".

وأشار حسني إلى مفهوم قرب الله سبحانه من عبده بالقول:"إنَّ قرب الله سبحانه يشمل جميع خلقه، ولا يستثني منهم أحدًا، وهذا القرب ليس قربًا ماديًا، وإنما قرب متعلق بالمعرفة بحال الإنسان، والإحاطة به في جميع أحواله التي تتوزع بين الطاعة والمعصية، أو أحواله الإنسانية التي تتعلق بعوارض نفسية كالفرح والحزن والغضب والرضا وغيرها، وهو قرب يعكس رفق الله بعباده، ويعلمهم على أنه حاضر معهم لأنه لم يخلقهم عبثًا، فقد خلقهم له، وخلق من أجلهم كل شيء، وهو كفيل بما يحبون ويكرهون، وقيوم بما يحتاجون".

وتابع "من خلال القراءات العميقة للشريعة الإسلامية يفهم الإنسان أنَّ الله سبحانه حاضر معه في أربعة أحوال، فهو حاضر معه في الطاعة، وحاضر أيضًا في المعصية، وحاضر في البلاء، وحاضر مع النعمة التي تصيبه، وتدور أنواع الحضور حول الرحمة الأزلية التي تميز بها الخالق الرحيم، وتفسر فلسفة القرآن الكريم الذي يؤكد أنه سبحانه لن يترك عباده لأنهم يحتاجون اليه وإن كانوا لا يشعرون، أو كانوا غافلين، فهم يأكلون ويشربون وينامون ويؤدون أعمالهم وأشغالهم، ولا غنى لهم عنه في كل ذلك".

واختتم حسني حديثه بالإشارة إلى أنَّ "حضور الله في طاعة العبد كي يعرف رضا عبده عنه كما تشير الآية "رضي الله عنهم ورضوا عنه"، وحضوره في معصية العبد لكي يدافع عنه، فيعيده ويرحمه، ويفتح باب التوبة إليه، وهو حاضر في البلاء ليكون في عون عبده، ويكشف ما حل به مما كسبت يداه من الشر، أو من أقدار الدنيا التي تبتلي حتى الصالحين ليرفع منازلهم، وحضوره في النعمة مع العبد، لكي يديم بركتها، ويلهم شكرها فيجعل من الشكر سببًا للاستمرار، فيضيف علامة أخرى من علامات التعرف إليه، لنعود إلى أنَّ المعرفة تبقى العامل الأهم في حضور الله بحياتنا، لنعمل بما يليق بهذا الحضور حتى يرضى ويكون الإنسان من الفائزين".