القاهرة ـ مصر اليوم
قالت الباحثة الأثرية نادية عبد الفتاح، إن لشهر رمضان في مصر بهجة وعظمة، وعلى مدى التاريخ كانت تسبقه استعدادات وترتيبات تبشر بقدومه الذي يبعث البهجة والانشراح لما كان فيه من خير وفير للمصريين. وعرضت عبد الفتاح، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط الثلاثاء، أبرز تلك الاستعدادات لاستقبال شهر رمضان خاصة في القرن الـ١٩ ومنها قيام نظار الأوقاف منذ شهر شعبان بتنفيذ شروط الواقفين على المساجد من تجديد الحصر، ونظافة المساجد وطلائها، وكل ما يلزم لزيادة الإضاءة فيها وإعداد القناديل اللازمة لإضاءة المنارات طوال الليل حتى السحور.
وأوضحت أن (سوق الشماعين) في منطقة النحاسين كان يحتفل بقدوم الشهر الكريم، بتعليق أنواع الفوانيس المصنوعة من الشمع على واجهات الدكاكين وعلى جوانبها، ومنها شموع للمواكب الكبيرة ، وكان وزنها حوالي 10 أرطال، وكانت تحمل على العجل، والذي يبلغ وزن الواحدة منها قنطارا.
وأضافت الباحثة الأثرية أنه كان يصدر مرسوم لصلاة التراويح والخروج ليلا، وتستمر تلك الدكاكين مفتوحة إلى منتصف الليل لكثرة ما يشترى من الشموع الموكبية الكبيرة ، ومن تلك التقاليد نشأت فوانيس رمضان حيث كان يقوم السمكرية بصناعة الفوانيس بأشكال مختلفة منذ شهر شعبان، ويزينون بها واجهات الدكاكين.
وتابعت أن استعدادات المصريين لاستقبال رمضان، شملت قيام الدكاكين بفرش جميع أنواع الياميش مثل قمر الدين، والتي كانت موجودة بكثرة عند سوق السكرية داخل باب زويلة، فيتسابق الشعب إلى الاغتراف منها، لرخص ثمنها ويتمتع بها الغني والفقير وتقدم للضيوف، ويوزع منها على أطفال الحارات عندما يطوفون على المنازل بفوانيسهم الموقدة ليحيوا أصحابها.
وأشارت عبد الفتاح إلى أن وكالة قصون بشارع باب النصر، والتي لم يتبق منها حاليا غير باب الوكالة وأصبح مكانها مدرسة ابتدائية ، كانت مقرا لتجار الشام يقيمون بها ببضائعهم من بلاد الشام مثل ( الزيت والصابون والفستق والجوز واللوز والخروب) ، ولما خربت الوكالة انتقلت تجارة المكسرات منها إلى وكالة مبطخ العسل بشارع التمبكشية بالجمالية.
وكشفت عن قيام أغنياء مصر والأقاليم، ضمن تقاليد الاحتفال بقدوم شهر رمضان، بجلب المقرئين الذين كانت ترتفع أجوروهم في الشهر الفضيل، بسبب إقبال الأغنياء عليهم حيث كانوا يتبارون في تعيين مجيدي قراءة القرآن الكريم في منازلهم طوال الشهر الفضيل، وكانت الأحياء تتجاوب فيها أصوات المقرئين طوال الشهر الكريم .
وأكدت عبد الفتاح أن منازل الأغنياء كانت مفتوحة طوال الليل تستقبل الوافدين لسماع أشهر المقرئين مع تقديم القهوة أو القرفة في الشتاء والمرطبات في الصيف.
وقالت الباحثة الأثرية إن منازل الأغنياء في شهر رمضان كانت مفتوحة أيضا لاستقبال الوافدين عليها للإفطار ولا فرق بين غني وفقير، وكان من عادة الأغنياء في مصر وجود مطبخين في كل بيت، أحدهما للرجال وآخر للنساء، فإذا حان وقت الإفطار امتدت الموائد وكانت مباحة لكل الناس، وكان لهم عادات وصدقات في المواسم ، كذلك في الأرياف كان يتم وقف عقارات وأطيان للصرف على الضيوف.
وأضافت أن المصريين كانوا حريصين على تشجيع الأطفال على الصيام، كما كان يتم تأنيب المفطرين بدون عذر شرعي ويتم تأديبه بالإضافة لما يلاقيه من استهزاء الأطفال والمنادة عليه " يا فاطر رمضان يا خاسر دينك.."، كما كانت الحكومة المصرية تعاقب المفطرين من موظفيها بغير عذر.
وأوضحت عبد الفتاح أن الحكومة في القرن الـ19 تنجز الأعمال الجارية لصرف قيمتها قبل حلول شهر رمضان، وكانت دواوين الحكومة تعطل فيه عدا الديوان الخارجي، والضبطية ، والجمرك ليفرغ المستخدمون للعبادة بشرط إنجاز ما لديهم من مواد متأخرة، وتصدر الأوامر بذلك من منتصف شهر شعبان، على أن لا يعطل من الدواوين إلا من أنجز جميع أعماله.
ولفتت إلى قيام المسحراتية بتذكير النيام بالسحور في فترات متفاوتة من الليل بأشعار جميلة حيث كانوا يقولون ( أيها النوام قوموا للفلاح واذكروا الله الذي أجرى الرياح، إن جيش الليل قد ولىّ وراح ، وتداني عسكر الصبح ولاح أشربوا عجلى فقد جاء الصباح..تسحروا رضي الله عنكم، تسحروا غفر الله لكم، تسحروا فإن في السحور بركة، تسحروا قال الله تعالى " الصوم لي وأنا أجزي به" ).
قد يهمك ايضا
وزير الأوقاف المصري يحذر من عدم الالتزام بالإجراءات الخاصة بمواجهة كورونا
وزير الأوقاف يشيد بجهود الداخلية في مواجهة المجرمين وتجار المخدرات