المُفكّر قاسم أمين ورجل الاقتصاد طلعت حرب

تمرّ الذكرى الـ157 على ميلاد محرر المرأة المفكر المصري الكبير الراحل قاسم أمين، إذ ولد في 1 ديسمبر في عام 1863م، ويعد أحد مؤسسي الحركة الوطنية في مصر وجامعة القاهرة كما يعد رائد حركة تحرير المرأة، ويرى قاسم أمين أن تربية النساء هي أساس كل شيء، وتؤدي لإقامة المجتمع المصري الصالح، وتخرج أجيالا صالحة من البنين والبنات، فعمل على تحرير المرأة المسلمة، وذاعت شهرته وتلقى بالمقابل هجوما كبيرا فاتهمه مهاجموه بالدعوة للانحلال.

تحدث أمين في الكتاب عن الحجاب، فرأى أن حجاب المرأة السائد ليس من الإسلام، وقال إن الدعوة إلى التحرر ليست خروجاً عن الدين. وتحدث أيضا عن تعدد الزوجات والطلاق، وقال إن العزلة بين المرأة والرجل لم تكن أساسا من أسس الشريعة، وأن لتعدد الزوجات والطلاق حدودا يجب أن يتقيد بها الرجل، ثم دعا إلى تحرير المرأة لتخرج للمجتمع وتلم بشؤون الحياة.
وزلزلت مصر وأثيرت ضجة وعاصفة من الاحتجاجات والنقد ورد على قاسم في السنة نفسها زعيم الحزب الوطني آنذاك مصطفى كامل حيث هاجمه وربط أفكاره بالاستعمار الإنجليزي، ورد عليه أيضا الاقتصادي المصري طلعت حرب بكتاب "فصل الخطاب في المرأة والحجاب" ومما قاله: "إن رفع الحجاب والاختلاط كلاهما أمنية تتمناها أوروبا"، ومحمد فريد وجدي بكتاب "المرأة المسلمة".
 تفجرت خصومة بين قاسم أمين وطلعت حرب، ظهرت عام 1889، بعد صدور كتاب الأول "تحرير المرأة" فرد عليه طلعت حرب بكتاب "تربية المرأة والحجاب"، فجاء في الكتاب الأخير أن الناس يرفضون أفكار قاسم أمين لأن رفع الحجاب والاختلاط أمنية تتمناها أوروبا منذ قديم الأزل لهزيمة مصر من خلال تحرر نسائها، وتابع طلعت حرب فى كتابه قائلا: "أسمينا الكتاب تربية المرأة والحجاب، وهو اسم كنا نتمنى أن يجعله حضرة قاسم بك أمين عنوانا لكتابه فإنه أليق من اسم تحرير المرأة"، وساند "حرب" فى خصومته لقاسم، الزعيم مصطفى كامل حيث أثنى عليه في مقال له فى جريدة اللواء عام 1900.
لم تكن خصومته الفكرية مع قاسم أمين على قضية التحرير الأدبى للنساء وإنما كانت تتمركز حول مخاطر هذه الطفرة الطارئة التى لا مبرر لها في حياة النساء وما وراء هذه الطفرة من شر قد يستغله الدخلاء لتحقيق مصالح مادية ومعنوية، خاصة وأنه يعتبر أن قاسم أمين قد انطلق فى قضية تحرير المرأة من المرجعية الغربية التي تسعى للنيل من الهوية الإسلامية.
 
كتاب تحرير المرأة
بالرغم من موقف طلعت حرب من دعوات قاسم أمين وكتاباته، إلا أن نقطة الخلاف كانت فى فكرة السفور الذي كان يعتبره البعض عائقاً لحرية المرأة وطالب بإزالته، فكان طلعت حرب يعتبر أن القضية الرئيسية لا تتعلق بحجاب المرأة إنما فى تعليمها، والتى أشار إليها فى كتاب "تربية المرأة والحجاب"، وبالرغم من أفكار طلعت حرب التى اعتبرها البعض نوعاً من الرجعية إلا أن البعض وصفها بأنها تميل إلى الاعتدال.
لكن المراجعات الفكرية لطلعت حرب، اختلفت بعد نحو 30 عاما من تلك المعركة الفكرية مع "أمين" اختلف رأيه وسارت كل أفعاله عكس اتجاه ما يقول، فكان أول الداعمين للسيدة لطيفة النادى، أول سيدة تقود طائرة وتحلق بها وحدها عام 1933، بل وبدأ اقتحام عالم التمثيل والسينما عام 1925، لاعتقاد بأن الفنون صناعة وطنية أصيلة، وإنشاء استوديو مصر عام 1934 لينتج عددا من الأفلام الكلاسيكية المصرية أهمها فيلم وداد لكوكب الشرق أم كلثوم.
وحسب الكتاب، يبدو أن طلعت حرب أدرك بعد ثلاثة عقود ألا يمكنه بناء مجتمع ونصف طاقته معطلة، وبعدما كان ينظر للمرأة على أن خلعها حجابها وعملها انتصار للاستعمار، راهن على المرأة وأوفد بعثات دراسية لأوروبا لتعلم فن الإخراج وصناعة السينما.

قد يهمك ايضا

إقبال جماهيري على حفلات "أم كلثوم" بتقنية الهولوجرام في القاهرة

جامعة القاهرة تُعلن الأسماء النهائية للمرشحين لمنصب عميد المعهد القومي لعلوم الليزر