القاهرة - مصر اليوم
بمناسبة الذكرى السنوية لوضع دُمية الأراجوز على قوائم الصون العاجل باليونيسكو، وتخليداً لهذا الفن الشعبي الذي يمثل أقدم وأصغر مسرح عرفه الفنان المصري، يأتي تنظيم مهرجان الأراجوز المصري، في دورته الثانية، الذي تقيمه فرقة «ومضة» لعروض الأراجوز وخيال الظل، بالتعاون مع بيت السناري الأثري، التابع لمكتبة الإسكندرية، وعدد من الهيئات والمؤسسات الثقافية المصرية.
يسعى المهرجان عبر فعاليات دورته الثانية - التي تستمر حتى 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي - إلى صون الأراجوز المصري، وإلقاء الضوء على هذا الفن كأحد عناصر التراث الإنساني، واستغلال النجاح الذي حققته الدورة الأولى من المهرجان العام الماضي في فتح الأفق أمام إبداع نصوص جديدة للأراجوز تجعله أكثر مواكبة للواقع، حيث تسعى الدورة الحالية إلى تقديم هذا الفن بطرق عصرية، قادرة على لفت انتباه الأجيال الحالية والمقبلة.
يقول مؤسس ومنظم المهرجان، الدكتور نبيل بهجت، رئيس قسم المسرح بجامعة حلوان، والمخرج المسرحي، ومدير ومؤسس فرقة «ومضة»: «بعد أن قمنا على مدار السنوات الماضية من خلال فرقة ومضة بصناعة أول أرشيف للأراجوز، ثم العمل على جمع وتوثيق وإحياء فن الأراجوز من خلال البحث عما بقي من فنانيه الشعبيين وتوثيق ما لديهم، ثم تقديم ملف الأراجوز إلى اليونيسكو، ونجاحنا في إدراجه على قوائم المنظمة ليصبح فنا عالميا ضمن التراث الإنساني العالمي، ثم حمل مسرح الأراجوز إلى أكثر من 30 دولة حول العالم من خلال المهرجانات والمؤتمرات المختلفة للترويج لتراثنا تحت شعار (أن لدينا ما يستطيع أن يعبر عنا)، جاءت المحطة الحالية التي قررنا فيها أن يتخطى الأراجوز المرحلة التاريخية وجعله أكثر واقعية وعصرية، وربطه بواقعنا وليس فقط كمفردة تراثية تدور في فلك الماضي فقط».
ويضيف «بهجت»، لـ«الشرق الأوسط»: «لتقديم الدمية التراثية بصورة عصرية بادرنا هذا العام بإنتاج (نِمر) جديدة - النمرة هي اسكتشات فنية ونصوص مسرحية غنائية تُقدّم على لسان الأراجوز بأسلوب كوميدي بسيط - لها علاقة بحاضرنا وواقعنا المعيش، بمعنى أنها تقف بقدم في التراث من حيث الشكل والتكنيك وبالقدم الأخرى في الواقع من خلال موضوعاتها، مثل (أراجوز السوشيال ميديا) الذي يعرض لأثر التواصل الاجتماعي على حياتنا، و(أراجوز التيك أواي)، الذي يتطرق لخطر الحياة الاستهلاكية على الصحة العامة، كما تأتي مبادرة فرقة ومضة هذا العام بطرح سمينار مع الشباب دارسي علوم المسرح للاستفادة من تصوراتهم الجديدة حول تطوير الدمية الشعبية ولإدماجهم بمسؤولية في قضايا التراث».
وللتأكيد على قيمة النموذج المُلهم الذي يمكن استلهام تجربته بما يحفز على الإنتاج والإبداع المتجدد وصناعة نهضة أدبية عصرية، يلقي المهرجان هذا العام الضوء على الرموز الإبداعية التي استلهمت الأراجوز في أعمالها، بشعار (الأراجوز مُلهماً)، فالمهرجان يشير إلى تجربة 3 من الرواد هم أبو السعود الأبياري وسيد حجاب وفؤاد حداد، الذين كانت لهم تجاربهم في إبداع مفردات فتحت أفق الخيال الشعبي حول الكتابة للأراجوز، وقدموا حلولا ورؤى بأدوات عصرهم.
وفي هذا الإطار أيضا، يتم تسليط الضوء على الكاتب المسرحي (لوركا) والجوانب الخفية في حياته كشاعر ومبدع إنساني، ومساهماته لمسرح الدمى، حيث كتب نص استخدم فيه الدمية الشعبية «كريستويبتا» شديدة الشبهة للأراجوز في مسرحيته «دمي الهراوة».
يتابع مؤسس ومنظم المهرجان: «ما نهدف إليه بالتطرق إلى إحياء قيمة النموذج الملهم هو كيف أننا يمكن تكرار تجربتهم بلغة حديثة، لكيلا نعيش في (النِمر) التقليدية نفسها للأراجوز، في محاولة لتشجيع الكتاب والمؤلفين لإنتاج الجديد منها، ولكي نؤصل فكرة أن التراث يمكن استغلاله وتقديمه برؤى عصرية، مع ربط الأراجوز بالتطور التكنولوجي لخدمة جهود صونه، إلى جانب طرح فكرة كيفية استغلال التراث كمصدر اقتصادي عبر تقديمه في أطر لافتة وشيقة، والاستثمار في عناصره المختلفة».
يذكر أنه إلى جانب عروض ونمر الأراجوز، يقام على هامش المهرجان مجموعة من الورشات والندوات حول استلهامات الأراجوز في السينما المصرية، كما تشد فرقة ومضة رحالها لمدينة الإسكندرية ليلتقي الأراجوز مع طلاب جامعة الإسكندرية في لقاء مفتوح ينقل لهم خبراته ويدربهم على أدواته، فيما يأتي ختام المهرجان بأكاديمية الفنون داخل المعهد العالي للفنون الشعبية، حيث يتم تنظيم سمينار علمي مع أساتذة المعهد من المختصين في الأدب والفنون الشعبية لمناقشة أبرز التحديات التي تواجه فن الأراجوز وسبل الحفاظ عليه، ويصدر المهرجان عدداً من المؤلفات التي تتعلق بالأراجوز المصري وتأثيراته وأشكال الكتابة الجديدة له منها كتاب (نمر الأراجوز الجديدة).
قد يهمك ايضا