القاهرة ـ مصر اليوم
دشّن مجموعة من الشباب المصريين المتطوعين، مُبادرة لرفع القمامة من محيط المباني الأثرية «المنسية» في العاصمة المصرية القاهرة، وركزوا نشاطهم على المباني المغلقة منذ سنوات طويلة. وبدأوا مشروعهم بتنظيف قُبة الحصواتي في منطقة الإمام الشافعي (جنوب القاهرة).وتزامنت جولات المتطوعين مع بدء إنارة قُبتي حوش الباشا، والإمام الشافعي ضمن الاستعداد لموكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري في التحرير إلى متحف الحضارة بالفسطاط، في الوقت الذي بدأت الإدارة العامة للقاهرة التاريخية عملية تنظيف أسطح البنايات الأثرية بشارع المعز التاريخي قبل دخول الشتاء.
واستغرقت عملية تنظيف قُبة الحصواتي وإزالة القمامة من محيطها يوماً كاملاً تضمن جولات لإجراء نقاشات مع سكان المنطقة، بهدف توعيتهم بمسؤوليتهم المجتمعية في الحفاظ على الآثار، والتشديد على عدم إلقاء القمامة بجانب المباني الأثرية، ووفق زيزو عبده، أحد مؤسسي المبادرة، فإنّ «السكان أبدوا تجاوباً وتعاوناً كبيرين، وتطوع بعضهم للمساعدة خلال عملية التنظيف، كما أحضروا المياه وأعدّوا الشاي لنا في منازلهم خلال فترات الاستراحة من التنظيف»، ويقول عبده لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «المشاركين في المبادرة مجموعة من الشباب من أعمار مختلفة، بعضهم طلاب في الجامعات، وأطباء ومهن متنوعة، جمعهم عشقهم للآثار حتى إنّ البعض يطلق علينا (مجاذيب القاهرة التاريخية)، لأنّنا نحب التجول بشكل دائم في حواريها وأزقتها ومعالمها غير الشهيرة».
ويستعد المتطوعون إلى الانتقال لعمليات نظافة مستمرة لمعالم أثرية أخرى في مناطق مختلفة بالقاهرة التاريخية، حسب عبده، الذي يضيف: «حصلنا على تصريح من وزارة السياحة والآثار المصرية لتنظيف المباني الأثرية، حيث رافقنا اثنان من مفتشي الآثار بالمنطقة، ونعتزم تنظيف أماكن أثرية أخرى عقب الحصول على التّصاريح اللازمة».ويعود تاريخ قُبة الحصواتي في مقابر الإمام الشافعي (جنوب القاهرة) إلى العصر الفاطمي، وتمثل نموذجاً معمارياً فريداً بطرازها المميز وتصميمها وزخارفها، وهي واحدة من آثار إسلامية كثيرة في المنطقة مغلقة منذ سنوات.
وأدّى إنشاء متحف الحضارة في الفسطاط إلى تسليط المزيد من الضوء على منطقة الإمام الشافعي وآثارها المتنوعة، وبدأت قبل أيام عملية إضاءة بعض قباب المنطقة، من بينها قبة حوش الباشا، وقبة الإمام الشافعي استعداداً لموكب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري بالتّحرير، إلى متحف الحضارة، حسب محمود عبد الباسط، مدير عام القاهرة التاريخية، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ «عدداً كبيراً من البنايات الأثرية في القاهرة التاريخية التي تقع وسط مناطق سكانية مزدحمة مغلقة منذ سنوات، وتعاني من إلقاء المواطنين القمامة في محيطها لأنّها مغلقة، لذلك قمنا بالتّعاقد مع شركة نظافة متخصصة تقسم المناطق بالتبادل، حيث تنتقل من منطقة إلى أخرى بشكل دوري، ويعمل بالشركة بشكل يومي 162 عامل نظافة، ممّا يمكننا من إرسال بعض العمال لإزالة القمامة بشكل عاجل في مناطق خارج جدول تحركات الشركة اليومي».
ويؤكد عبد الباسط «أهمية مُبادرة الشباب لسعيها إلى نشر الوعي بين المواطنين، خصوصاً سكان المناطق الأثرية، بضرورة الحفاظ عليها، وعدم إلقاء القمامة بها، ونحن نفتح المجال ونشجّع أي عمل تطوعي للحفاظ على الآثار، ونعمل بالشراكة مع جمعيات أهلية تتولى نظافة أو ترميم بعض البنايات الأثرية، إذ يحتاج الأمر إلى جهد مجتمعي متكامل».
في سياق متصل، بدأت الإدارة العامة للقاهرة التّاريخية حملة لتنظيف أسطح البنايات الأثرية بشارع المُعز أحد أشهر شوارع القاهرة الفاطمية استعداداً لأمطار فصل الشتاء، يقول عبد الباسط، «بدأنا حملة لتنظيف أسطح البنايات الأثرية لشارع المعز، وصيانة فتحات تصريف مياه الأمطار استعداداً لفصل الشتاء، وتجنباً للمشكلات التي تتسبب فيها الأمطار».
ويقول الدكتور محمد حسام الدين إسماعيل، أستاذ الآثار الإسلامية في جامعة عين شمس، رئيس مجلس إدارة جمعية التراث والفنون التقليدية لـ«الشرق الأوسط»، «إن المبادرات الشبابية يمكن أن تكون نواة جيدة لنشر الوعي بين السكان الذين يعيشون بجانب بنايات أثرية مغلقة ومهملة»، لافتاً إلى «قيام العديد من الجمعيات الأهلية المتخصصة في التراث بجهد كبير في هذا المجال بالتنسيق مع المؤسسات الرسمية».المبادرات الشبابية الخاصة بتنظيف المباني الأثرية ليست جديدة من نوعها في مصر، ففي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، شارك طلاب جامعة الإسكندرية في تنظيف آثار محافظة الإسكندرية ضمن الاستعدادات لاستقبال الحركة الشتوية الوافدة، تحت عنوان «حكاية تاريخية».
قد يهمك ايضا :
رواية "شلة ليبون" دروس من الحياة على طاولة الـ"بوكر"
تركي آل شيخ يكرم وزيرة الثقافة المصرية في منتدى "صناع الترفيه" في الرياض