الشارقة ـ مصر اليوم
صنع معرض الشارقة الدولي للكتاب في هذه الدورة عالمه الثقافيّ والمعرفيّ بانفتاحات وإشراقات لا تخفى كل أحد، وترك علامات تميز واضحة، حلقت به في سماء الإبداع الفكري والثقافي، واستطاع بامتياز أن يجذب العائلة والطفل وكلّ الشرائح المجتمعيّة والثقافيّة والنخبويّة والأكاديميّة، والأهم أنه صاغ رسالة ثقافية إماراتية ذات بعد إنساني، تكرس التسامح وتعلن حضوره في كل تفاصيل الحياة الإماراتية، وما استضافة ستيف هارفي وحديثه مع الكم الهائل من الحضور بما فيهم جاليات أجنبيّة، وحواره مع الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حول تكامل الأديان السماويّة، إلا مثال كبير للنشاط الهادف إلى ترويج الفكرة الإنسانيّة في تسامح البشريّة وحريّة المعتقد والمنطلق الإنساني في التعارف والتكامل وقراءة الإنسان لأخيه الإنسان في هذه المعمورة، التي يتشارك الجميع في بنائها، وهي ثيمة غنيّة تقصّدها المعرض.
ودون الدخول في تعداد الأنشطة وعناوين الندوات والأمسيات والملتقيات والبرنامج الضخم والتفصيلي الذي يلبّي كل الاهتمامات التخصصية والمجتمعيّة، ينبغي أن ندرك قيمة ما يقوله «الآخر» عن تفكيرنا العربي واهتمامنا الثقافيّ ورؤيتنا للكون والحياة والإنسان، فتصريحات الإعلامي ستيف هارفي عن الشارقة وتوادّ أهلها وانسجامهم وحرص حاكم الشارقة على مواطنيها وإذكاء روح الثقافة بينهم، هي قيمة مضافة للمعرض.
أقرأ أيضًا:
سلطان القاسمي يوجه بمبادرات ومشاريع لرفع المستوى الثقافي ودعم صناعة النشر الإماراتية
الثقافة واجباً لا خياراً
وعزز من قوّة المعرض وحضوره كلمة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي التي افتتح بها المعرض، وحازت إعجاب الحضور والضيوف لاستشرافها الشأن الثقافي وكونه واجباً لا خياراً، نحو أمّة عربية وإسلامية تستعيد أمجادها ومكانتها اللائقة بها وبتراثها وبمنجزاتها التي ملأت العالم بالمعرفة والنور، خصوصاً وأنّ سموّه أكّد تحقق شرط الحريّة والتعبير اللازم لنموّ الثقافة، معتزّاً بمشروع الثقافة الذي ينفّذه في الشارقة وعلى مستوى الوطن العربي، وكلها محاور مهمّة جعلت أيّام المعرض المفرحة والغنية تمضي سريعاً، في قاعات ألِفَها الحضور- على تنوّع اهتماماتهم، وحملت رؤيةً شاملةً وتفصيليّةً مميّزةً في التنظيم والإطلالة على مواضيع مجتمعيّة في سياقٍ ثقافي.
الشعار والتطبيق
وبرزت رؤية المعرض الثقافيّة والقرائيّة من خلال شعاره: «افتح كتاباً.. تفتح أذهاناً»، وهو ما تمّ تطبيقه فعلاً من خلال برنامج المعرض، الذي شارك فيه 2000 دار نشر من 81 دولة عربية وأجنبية، بمشاركة 173 كاتباً وروائيّاً من 68 دولة عربية وأجنبية، قدّموا 987 فعالية متنوعة في أكثر من مجال، مؤكدة ومجسدة ومعبرة لهوية المعرض الإبداعية المواكبة لبهاء الحدث وعظمة التلاقي. وتميّزت جوائز المعرض بالشموليّة والتنوّع، فكان لها رونقها الخاص، في الاحتفاء بالكتاب المحلي والعربي والمترجم. كما استطاع المعرض أن يكثّف من الحضور الفكريّ أو الفنّي أو الثقافي للدولة ضيف الشرف، متجاوزاً القراءة التقليدية لحضور ضيوف الشرف، إلى إظهار ما تتميّز به دولة المكسيك، التي أغنت جمهورها ببرنامجها الضخم والمتنوع الذي قدم كل أشكال الفنون والتراث الثقافي للحضور.
أسئلة إشكالية
على مستوى الندوات والحوارات واللقاءات لاحظ الحضور الزخم المعرفي الذي انطوت عليه من جهة، والجرأة في طرح الأسئلة الإشكالية من جهة ثانية، وفي حالات كثيرة كان النقاش رائعاً ومفيداً وغنيّاً بآراء الضيوف المستضافين. لقد أشبعت النشاطات المدروسة التي تضمنها البرنامج المصاحب للمعرض نَهَم القراء والمهتمين والإعلام الثقافي، إذ طرحت أسئلة الثقافة بعمق وجدية.
وتأسيساً على أهميّة النشاط المصاحب للمعرض، كانت الاستضافات قويّةً بهدف الإثراء التخصصي أيضاً، إذ وفّر المعرض فرصة لقاء شخصيّات مهمة وفاعلة، مثل الروائي التركي برهان باموق الفائز بجائزة نوبل للأدب، والروائي واسيني الأعرج، وكاتبة روايات الجرائم الأميركية كاثي رايكس، والمخرج الهندي الحاصل على الأوسكار سامبوران كارلا- جولزار، والروائية الحاصلة على الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» جوخة الحارثي، والشاعر الهندي فيكرام سيث، لتنسحب هذه القوة على الأسماء المستضافة في فعاليات الأطفال والتنمية البشرية، وغير ذلك مما لا يتسع المجال للاستفاضة فيه.
وبالنظر إلى تنوّع مجالات الأنشطة المقامة، نجد أنّ المعرض استطاع أن يلبي حاجة المجتمع نفسه، وتكفي نظرة على عناوين الكتب التي تمّ توقيعها أو إشهارها، فلم يقف عند كتب الرواية والشعر والفن، بل أقام حفلات توقيع لكتب مرغوبة وحيويّة للقراء، في شتى الموضوعات.
وقد يهمك أيضًا: