القاهرة - مصر اليوم
تحل اليوم (11 فبراير) ذكرى ميلاد الكاتبة اللبنانية مي زيادة، أديبة فلسطينية ـ لبنانية من طراز رفيع، تخرجت في كلية الآداب، بعدما أتقنت 9 لغات، من بينها الفرنسية والإنجليزية والإيطالية، تلقت تعليمها الابتدائي والثانوي في لبنان، ثم انتقلت إلى مصر لتكمل حياتها بالقاهرة. عشقت اللغة والأدب حتى درست اللغتين الفرنسية والإنجليزية وعكفت على دراسة الأدب التاريخي الإسلامي والفلسفي، كما نشرت العديد من المقالات في كبريات الصحف المصرية، وكان لها عدد من إصدارات الكتب، مثل: "المساواة" و"بين المد والجز" و"باحثة البادية". تميزت مي زيادة، بجمالها الشكلي والروحي وحبها للثقافة؛ حتى أنها كانت تعقد صالونا أدبيا بمنزلها في الثلاثاء من كل أسبوع. التف الكثير من الأدباء حول الكاتبة الفلسطينية من كل حدب وصوب، ولكن قيل إنها لم تكن تميل إلى أي منهم، إلا بعض الرسائل التي كانت تردها لجبران، بعدما شغفها حبا؛ فقد كانت مي زيادة تتمتع بشخصية شديدة الذكاء؛ لم تجعل قلبها يقترب من لهيب الحب، لكن في نفس الوقت كانت تعرف كيف تصدهم برفق.
• الكثير حولها.. لكنها لا تلتفت لأحد
كانت ترد على رسائل محبيها بأسلوب هادئ في غير غلظة؛ فحينما أرسل إليها إبراهيم صبري يبثها غرامه، ردت قائلة: "زمانك قبلي انتهى ولا يرجع المنتهي.. فحسبي أن أزدهي وحسبك أن تشتهي"، المدقق جيدا يستشف من جوابها الذكاء في الرد؛ فلا هي بادلته مشاعر الحب والاشتياق ولا هي أوصدت في وجهه الباب كلية، بل كانت تترك المحب معلقا بين الصد والأمل. أحبها العقاد وذاب فيها عشقا، وحينما أفصح لها عن حبه، ردت عليه بشيء من الجفاء واللامبالاة، كما أحبها عدد من الأدباء والشعراء، كأحمد شوقي وشيخ الشعراء إسماعيل صبري، والشيخ مصطفى عبدالرازق.
• جبران خليل جبران.. المعشوق الغائب
على الرغم من وقوع الكثيرين في غرام مي زيادة، حتى أنها اشتهرت بـ"معشوقة الأدباء"، إلا أنها لم تكترث لأمر أي منهم وذاب قلبها حبا للشاعر اللبناني جبران، فقد جمعت بينهما قصة حب فريدة من نوعها.
راسلها الكثير من الكتّاب والأدباء، لكنها لم تعيرهم اهتماما، واحتفظت بتلك الرسائل سرا دون أن تفصح عنها، لتدخر كل مشاعرها لمعشوقها الأوحد "جبران".. "ما معنى هذا الذي أكتبه؟ إني لا أعرف ماذا أعني به، ولكني أعرف أنك محبوبي وأني أخاف الحب، كيف أجسر على الإفضاء إليك بهذا وكيف أفرط فيه؟ الحمد لله أنني أكتبه على الورق ولا أتلفظ به؛ لأنك لو كنت الآن حاضرًا بالجسد لهربت خجلًا من هذا الكلام، ولاختفيت زمنًا طويلًا فما أدعك تراني إلَّا بعد أن تنسى"، بهذه الأحرف المعبقة بالعشق والوجد خاطبت مي زيادة جبران.
يقال إن مي لم تلتقِ بجبران ولا مرة واحدة، وبالرغم من ذلك ظل العشق الروحي قائما بينهما في صورة الرسائل المتبادلة يبث فيها كل منهما الحب والشوق للآخر، واستمرت هذه العلاقة 20 عاما؛ فقد التقا من خلال التوافق الروحي والفكري الذي جمعهما؛ حيث كانت محبة للأدب والشعر كما جبران.
• ما بين عشق القلب وصوت العقل
كانت بداية القصة حينما أرسلت مي إلى جبران تعبر عن إعجابها بمقالاته وكتاباته، وتناقشه في آرائه في الزواج والحب وأطواره، لكن المدهش في الأمر أنه بالرغم من قصة الحب التي نشأت بينهما، إلا أن جبران كان كثير الخوف والتردد من الزواج؛ حتى أن مي حينما تجاوزت الثلاثين من عمرها تشجعت وأرسلت إليه رسالة حب تحمل بين طياتها رغبتها في الزواج منه، غير أنها لم تجد نفعا. في بداية معرفة مي زيادة بجبران، كانت تكتفي بالعلاقة الفكرية، كما كانت شديدة الحذر في الحديث معه، مخفية الكثير من مشاعرها، ما جعله يتساءل أهو الخجل أم الكبرياء؟
استمرت المراسلة بين مي وجبران أمدا طويلا، حتى شغفته حبا، وانقلب العشق الفني إلى عاطقة متأججة، وبعدما دامت علاقتها حتى 12 عاما اعترفت له بما تكنه له من مشاعر، غير أن ذلك التصريح لم يجلب لها الراحة المتوخاة، بل ربما زادها قلقا وحيرة. ولكن بالرغم من تردد جبران في علاقتهما، إلا أن مي لم تكن تستطع أن تنحي مشاعرها جانبا، وما لبثت أن سمعت بمرض جبران حتى وقفت بجانبه ولم تتركه في محنته، لتحيطه بمزيج من عواطف الحب وحنان الأمومة معا. قد يبدو للناظر أنها قصة عشق لا مثيل لها، لكن المتأمل جيدا يجد أنها سببت قدرا لا بأس به من الآلام النفسية والإرهاق العصبي لمي زيادة؛ فقد عانت كثيرا في تلك العلاقة التي لم تكن تعرف لها مصيرا، حتى وفاتها ومن قبلها وفاة جبران
قد يهمك أيضًا :
"ثقافة أسيوط" تسعى لتأسيس أول نادي للترجمة الأدبية لإبداعات الصعيد
المهرجان القومي للمسرح المصري يقرر اختتام فعاليته السبت المقبل