القاهرة ـ مصر اليوم
تُعد صناعة النشر واحدة من أهم الصناعات الإبداعية وأقدمها إذ بدأت قبل السينما والموسيقى وغيرها من الصناعات الثقافية، والتى لا تزال تُستنزف بصورة كاملة، وخاصة فى السنوات الأخيرة مع انتشار الإنترنت الذى سهل من عمليات انتهاك حقوق الملكية الفكرية، بما يتخذه من عدة أشكال منها: سرقة المحتوى الفكرى وإتاحته عبر المواقع المواقع المختلفة بصيغة الـ«pdf»، أو تصويره، أو ككتاب صوتى، دون الحصول على إذن أصحاب هذه الحقوق الأمر الذى وضع حق المؤلف واستثمارات الناشرين ليس فى مصر فقط بل فى العالم العربى كله فى مهب الريح.
وعن دور إدارة الملكية الفكرية والتنافسية بالجامعة العربية، فى مواجهة قضية القرصنة وتزوير الكتب، حاورت «الشروق»، الوزير مفوض، الدكتورة مها بخيت، مديرة إدارة الملكية الفكرية والتنافسية بجامعة الدول العربية، حول جريمة القرصنة ودور الجامعة العربية فى مواجهتها على مستوى الوطن العربى، والتى أكدت أن الملكية الفكرية والابتكار هما عاملان أساسيان لتعزيز التنمية المستدامة والنمو الاقتصادى وأن الابتكار يعد أداة قياس قدرة الدول على التنافس. إلى نص الحوار:
● بداية حدثينا عن دور إدارة الملكية الفكرية بالجامعة العربية وأبرز ما تم إنجازه؟
ــ بدأ اهتمام جامعة الدول العربية بقضية الملكية الفكرية قبل عشرين عاما من الآن، إذا تم توقيع مذكرة تفاهم بين الجامعة والمنظمة العالمية للملكية الفكرية «WIPO»، فى عام 2000 تم بموجبها إنشاء وحدة للملكية الفكرية بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية فى عام 2001 ضمن هيكل مكتب الأمين العام، أصبحت فى 2012، «إدارة الملكية الفكرية والتنافسية»، وذلك لتقوم بدورها كجهاز مسئول عن تحقيق الصالح العربى فى قضية الملكية الفكرية من خلال التنسيق والتعاون بين الدول العربية فى مجال الملكية الفكرية، والعمل على زيادة الوعى العربى فيما يتعلق بموضوعات الملكية الفكرية.
وفى عام 2016 تم إنشاء لجنة فنية للملكية الفكرية بموجب قرار المجلس الاقتصادى والاجتماعى لجامعة الدول العربية على المستوى الوزارى تعقد سنويا مرتين كل عام وتتكون من المسئولين الحكوميين عن مكاتب الملكية الفكرية بالدول العربية، ومن ضمن أهدافها وضع قواعد الملكية الفكرية فى الدول العربية.
● حدثينا عن أهمية الملكية الفكرية كأداة لتعزيز التنمية الاقتصادية؟
ــ الملكية الفكرية والابتكار من أهم العوامل الأساسية لتعزيز التنمية المستدامة والنمو الاقتصادى من خلال إيجاد فرص عمل جديدة وتوفير ظروف أحسن لمعيشة الإنسان من مأكل ومشرب وملبس وصحة وتعليم. والابتكار هو الأداة التى يُقاس به مقدرة الدول وقطاعاتها المختلفة على التنافس، سواء كانت هذه القطاعات «صحية، زراعية، صناعية، تجارية» وغيرها. بالإضافة إلى أن الابتكار هو العملية التى يتم من خلالها إيجاد حلول للتحديات التى تواجه العالم والبشرية، مثلما حدث على سبيل المثال مع جائحة «كورونا»، ذلك لأن الابتكار يبدأ بفكرة ثم تتبلور لتقدم الحل للمشكلة أو المعضلة الموجودة.
● ما أهم المبادرات التى أطلقتها إدارة الملكية الفكرية والتنافسية؟
ــ إدارة الملكية الفكرية والتنافسية بالجامعة العربية منخرطة فى العمل فى هذا المجال منذ 20 عاما تم فيها العديد من الإنجازات؛ منها عقد العديد من ورش العمل والندوات التوعوية لنشر ثقافة الملكية الفكرية، بالتعاون مع المكاتب الحكومية للملكية الفكرية بجميع البلدان العربية والمنظمات الدولية العاملة فى مجال الملكية الفكرية. وفى نطاق نشر الوعى تم إنتاج فيلم كارتونى توعوى بعنوان «الملكية الفكرية حماية ليك وليا» وهو مشروع مشترك بين إدارة الملكية الفكرية والتنافسية والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، بطولة الفنان هانى رمزى، وتم إتاحته على موقع التواصل الاجتماعى لعرض الفيديوهات «اليوتيوب».
وهناك مبادرة «العون القانونى والفنى» للمخترعين العرب فى الدول العربية تحت شعار «نحو مزيد من براءات الاختراع فى الدول العربية» بالتعاون مع اتحاد المحامين العرب فى سبتمبر 2018، وذلك تحت رعاية السفير أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية. والهدف من هذه المبادرة تقديم الدعم والمساعدة القانونية والفنية للمخترعين بالدول العربية فى إعداد طلبات براءات الاختراع من أجل حماية ابتكارات هؤلاء المبدعين، وتتم هذه المساعدة من خلال محامين متطوعين من اتحاد المحامين العرب لتقديم المشورة القانونية لطالبى براءات الاختراع وذلك بدون مقابل مادى.
● كيف يمكن مواجهة أزمة غياب الوعى بأهمية حقوق الملكية الفكرية فى الوطن العربى؟
ــ الأمر يتطلب المزيد من الاستمرارية فى نشر الثقافة الخاصة بأهمية حقوق الملكية الفكرية فى المنطقة العربية، كما أننا بحاجة إلى تضمينها فى المناهج الدراسية، لخلق أجيال تُدرك أهمية حماية الملكية الفكرية، وخطورة سرقة وانتهاك حقوق الغير على المجتمع ككل، ولذلك فالبداية يجب أن تكون من خلال التعليم سواء فى المدارس أو الجامعات أو المعاهد التعليمية، وهى البذرة التى يُنتج عنها مجتمع يعى معنى وأهمية حماية ثقافة الملكية الفكرية وكذلك أخطارها.
● إذا ما الخطوات الواجب اتباعها لتحقيق هذا الوعى بأبعاد الإنتاج الفكرى واحترام حقوق الملكية؟
ــ نحتاج لمزيد من تسليط الضوء إعلاميا على مستوى العالم العربى، للتعريف ونشر ثقافة الملكية الفكرية لجميع المواطنين، كما أننا بحاجة لاهتمام أكبر من الحكومات العربية وذلك من خلال تطوير الآليات والقوانين التى تضمن مكافحة القرصنة والتعدى على حقوق الملكية الفكرية.
● لماذا لم تنجح الحكومات حتى الآن فى التصدى لجريمة التعدى على حقوق الملكية الفكرية؟
ــ هناك العديد من الجهود فى بعض الدول العربية للتصدى لظاهرة القرصنة من خلال مكاتب حق المؤلف والجهات الأخرى لإنفاذ القانون. وفى مصر خير مثال للتصدى لظاهرة القرصنة والتعدى على حقوق الملكية الفكرية إذ نجد مباحث المصنفات الأدبية والفنية تقوم بمجهودات حثيثة من أجل القضاء على ظاهرة قرصنة الكتب وغيرها من الأعمال الأدبية والفنية، وبالتأكيد فإن تخصيص جهات رقابية ومحاكم متخصصة بقضايا الملكية الفكرية سيساهم فى الحد بشكل كبير من الظاهرة.
● هل النصوص القانونية الموجودة والخاصة بالملكية الفكرية كافية؟
ــ النصوص القانونية إلى حدٍ ما كافية، وهناك عدد من الدول التى تسعى بالفعل إلى تطوير القوانين الخاصة بحقوق الملكية الفكرية.
وفى ضوء اهتمام إدارة الملكية الفكرية بتطوير التشريعات تم اعتماد مشروع القانون العربى الاسترشادى لحماية حقوق الملكية الفكرية من خلال لجنة مكلفة بذلك وترأست إدارة الملكية الفكرية بالجامعة هذه اللجنة التى عقدت عشرة اجتماعات، وفى اجتماعها الآخير المنعقد عام 2016 تم اعتماد مشروع القانون ورفعه لمجلس وزراء العدل العرب حيث تمت الموافقة عليه بأجزائه الثلاثة وهى حقوق المؤلف والحقوق المجاورة ــ الملكية الصناعية ــ التدابير الحدودية.
● هل الاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق الملكية الفكرية توفر الحماية اللازمة لأعضائها؟
ــ من المهم جدا للدول العربية أن تنضم للاتفاقيات الدولية فى مجال الملكية الفكرية التى تصل لنحو 26 اتفاقية دولية، إذ إنها توفر الحماية خارج حدود الوطن ونحن نحث الحكومات العربية على الانضمام لجميع الاتفاقيات التى توفر حماية لحقوق الملكية الفكرية خارج الحدود الوطنية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
مركز طلعت حرب الثقافي يحتفل باليوم المصري لأصحاب الهمم
«لغتى العربية» ورشة ومعرض فنى بمكتبة الحضارة الإسلامية بالقلعة الثلاثاء