القاهرة - مصر اليوم
يمكن استدعاء الحكمة القديمة «نحن لا نعبر النهر نفسه مرتين» من خلال مشاهدة أعمال المعرض الفني الجماعي الذي يستضيفه غاليري «آرت مزاج» بالقاهرة حالياً تحت عنوان «النهر وأحلام البشر»، فحسب الحكمة فإن النهر يرمز للتجدد الدائم ولا يبقى على حال، ولعل هذا واحد من السياقات التي تسعى أعمال المعرض أن تطرحها وهي ترتكز على معطيات فنية مختلفة لفلسفة النهر، ويواصل المعرض فعالياته حتى 5 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.يحفز سريان النهر منذ القدم الكثير من الدلالات المرتبطة بالتأمل والخيال والخصوبة، وهنا في المعرض فإن تلك الدلالات جميعاً لها أثرها الدامغ الذي تتركه في أحلام البشر، ترى سلمى رضوان، مديرة غاليري «آرت مزاج»، أن النهر ليس مجرد مسطح مائي بقدر ما هو ثيمة شاسعة تجمع بين التاريخ والجغرافيا والسياسة والفنون والبهجة وكذلك العلاقة الإنسانية الممتدة مع النهر، على حد تعبيرها، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إن هذا المعرض الفني عن علاقة النهر بأحلام البشر يثريه تجربة أربعة فنانين من أجيال مختلفة «اخترنا أن تكون التجارب الفنية المطروحة معبرة عن أجيال ورؤى فنية مختلفة، الأمر الذي يحقق مزيداً من التناغم الفني».
وترى رضوان أن المعارض الجماعية بشكل عام تعد تجسيداً لأحد أغراض الفن الرئيسية وهي خلق مساحات للتواصل بيت الفنانين وبعضهم، خصوصاً الأجيال المتفاوتة في الخبرة والعمر، وكذلك تواصلهم مع الجمهور.يقول الفنان محمود حمدي، منسق أعمال المعرض، إن «النهر دائما مقترن بفكرة الخيال والأحلام البسيطة، وهو ما يمكن استدعاؤه من مشهد شخص جالس على حافة النهر بكل ما يمنحه هذا النهر من خصوصية ومشاركة لأحلامه»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن تلك الفكرة تم تجسيدها عبر أعمال أربعة من الفنانين يستعين كل منهم بوسائط وتقنيات فنية تختلف عن كل فنان آخر.
يضم المعرض نحو 36 عملاً فنياً، وتتواصل الفنانة المصرية علياء الجريدي في منظورها الفني من أعماق النهر، فتظهر في أعمالها الأسماك بتنويعاتها اللونية وكأنها كائنات تتقمص ملامح إنسانية أحياناً، وأحياناً تعانق البشر في حميمية تليق بعلاقات قديمة تمتد بامتداد عمر النهر التاريخي، ويشير منسق أعمال المعرض محمود حمدي إلى توظيف علياء الجريدي في إحدى لوحاتها لوسائط متعددة مع الأكريليك تعتمد على التطريز اليدوي ضمن رحلتها لخلق عالم مشتق من أحلام النهر.
ويشير حمدي إلى مشاركة الفنانة إسراء النجار التي لجأت إلى طرح انفعالاتها ورؤيتها الخاصة بالطبيعة النهرية عبر رؤية تجريدية تضفي نوعاً من الخصوصية الفنية في التعامل مع فلسفة النهر والأحلام، وقامت بتوظيف خامات كالحفر على القوالب الخشبية والورق والزجاج، والطباعة، واستخدام الأحبار المختلفة.كما يطرح الفنان كريم عمر رؤيته عن النهر عبر وسيط مغاير وهو تقنية «الهولوغرام» الذي يمنح اللوحات مشاهدة بصرية تفاعلية بحيث يجعل المتفرج ينظر للوحاته كأنه داخل عالمها، تقول نشوى رضوان «أنظر دائما إلى أن وسيط العرض عبر تقنية الفيديو الحديث لا يفرق عن وسيط النقش على جدران الكهوف قديماً، جميعها وسائل تعبيرية، ربما تفصلهم سنوات، ولكنها في النهاية وسائل وتقنيات فنية لتعبير الفنان عن نفسه».
فيما يسود أعمال الفنان محمد الجنوبي طابع درامي سواء في استخدام الإضاءة أو جماليات الأعماق، وفق حمدي الذي يلفت إلى أن «موضوع النهر سيتم مواصلة تناوله عبر معارض أخرى مقبلة سيستضيفها الغاليري خلال هذا الموسم الفني.ويعد غاليري «آرت مزاج» من أحدث قاعات العرض التشكيلي في مصر، حيث تم افتتاحه قبيل الإغلاق الذي تسبب فيه فيروس كورونا في مارس (آذار) الماضي، الأمر الذي تسبب في تأخير أول فعالياته، التي تم افتتاحها الشهر الماضي بمعرض تحت اسم «شكرًا طبيبي» في أوج حالة العرفان العالمي للأطباء تقديرًا لجهودهم خلال الجائحة، واستندت فكرة المعرض على عرض أعمال فنية للأطباء الذين إلى جانب تخصصهم الطبي لهم تجربة فنية تشكيلية لافتة.
قد يهمك ايضاً :
خالد العناني يتفقد الكشف الأثري الأخير ومشروع ترميم هرم زوسر