أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد الكاتب ستيفن إم. والت

 واشنطن ـ مصر اليوم تمتلئ الصحف والمجلات والمواقع العالمية بقوائم "أفضل 10 أشياء" في جميع المجالات، فهناك قائمة "أفضل 10 أفلام، وقائمة "أكثر 10 مشاهير إثارةً للاهتمام"، وقائمة "أفضل 10 كتب"..الخ"، أما  في العام الماضي، وبالنسبة إلى خبراء السياسة الخارجية، فإن هذا الطقس يأخذ منحى أكثر عشرة أحداث في السياسة الخارجية أهمية/إثارة/درامية في عام 2013، ولكن ماذا عن كل "الأحداث المهمة التي لم تحدث"؟ هناك الكثير من الأشياء الجيدة التي كان يمكن أن تحدث في العام الماضي ولكنها لم تحدث، وهناك حفنة من الأشياء السيئة التي كان يمكن أن تحدث ولكن لحسن الحظ لم تحدث.
ومن هذا المنطلق، يقدم إلينا  أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد الكاتب ستيفن إم. والت ، تقريراً يعرض لنا فيه ما لم يحدث في ساحة السياسة الخارجية عام 2013 بدءاً من "هجوم الولايات المتحدة على سورية لإسقاط بشار الأسد" إلى "انهيار منطقة اليورو"، وهو يقدم لنا هذه "الأحداث التي لم تقع" في صورة أهم 10 عناوين لم تقرأها خلال العام الماضي، بحسب مجلة "فورين بوليسي" الأميركية.
فصنف والت  اعتزام اميركا لضرب سورية في المرتبة الأولى في هذه القائمة تحت عنوان "الضربات الجوية الأميركية تدك سورية (أو إيران)".
وقال والت "كان هناك الكثير من الأسباب التي تدفع الولايات المتحدة لاستخدام القوة ضد سورية أو إيران في العام الماضي – ربما ليست أسباباً وجيهةً، ولكن هناك أسباب - لكن إدارة أوباما قاومت إغراء التدخل الذي يحول الوضع من سيء إلى أسوأ. تُعتبر دولة البلطجة التي يحكمها الرئيس السوري بشار الأسد هدفاً يستحق بعض "الحب القاسي" الموجَّه بدقة، ويعاني نظام الملالي في إيران من الكثير من البثور، ولكن القوة العسكرية لم تكن لتحل مشكلاتنا مع أي من البلدين، يقول الكاتب، ولا يحتاج العالم الآن اندلاع أي حرب أخرى في الشرق الأوسط. المجد لأولئك الذين فهموا قيمة الدبلوماسية وفضائل ضبط النفس".
ثم جاء خبر تأييد هيلاي كلنتون لعقد صفقة نووية مع إيران لتجنب الحرب معها في المرتبة الثانية في القائمة  تحت عنوان  "هيلاري كلينتون تؤيد الصفقة النووية المؤقتة مع إيران".
حيث قال والكاتب الأميركي في تقريره "خبر مدهش، أليس كذلك؟ من المفترض أن تكون الدبلوماسية الأميركية السابقة رفيعة المستوى خبيرة في السياسة الخارجية، وربما ما زالت تساورها الرغبة في أن تكون زعيمة للعالم الحر. لكنها التزمت الصمت المطبق إزاء مسألة المفاوضات مع إيران برمتها، على الرغم من أن الكاتب يراهن بأن إدارة أوباما تريد دفعها نحو إعلان تأييدها للجهود المبذولة في هذا الصدد. فهل تؤيد ذلك؟ لا ينكر الكاتب أنه لا يعرف الإجابة. ويتسائل: هل تعتقد أن الصفقة ساذجة أو حمقاء أو جريئة بما يكفي؟ لا شك أننا سنعرف قناعاتها الحقيقية بمجرد أن تتلقى رأي مجموعة العمل المساعدة لها أو تخبرها الجهات الراعية الرئيسية بما يجب أن تقوله".
وكانت التوقعات بتخلي أوربا عن اليورو هي من تحتل المرتبة الثالثة في القائمة تحت عنوان  "أوروبا تتخلى عن اليورو".
و كتب والت تحت هذا العنوان "كلا، لم يحدث هذا، لا في عام 2012، ولا في هذا العام أيضا. لم تترك أي بلد منطقة اليورو؛ وفي الواقع، هناك عدد قليل من البلدان التي لا تزال ترغب في الانضمام. وبطبيعة الحال، لم يطرح أحد حلا ذو مصداقية على المدى البعيد للصعوبات الاقتصادية في منطقة اليورو، أو شرح كيف يمكن لحفنة من الدول ذات السيادة أن تشترك في عملة موحدة دون نظام ضرائب وسياسة مالية مشتركة أو حركة عمالية أوسع. ولكن دعونا نكون شاكرين لأفضال صغيرة؛ فالحلول المؤقتة لازالت تعمل".
بينما جاءت رغبة المسؤولين في الوليات المتحدة بوقف الهجمات الموجهة بالطائرات دون طيار التي تعرض المدنيين الأبرياء للقتل في المرتبة الرابعة تحت عنوان  "أوباما يعلن نهاية هجمات الطائرات دون طيار والاغتيالات الموجَّهة".
وأورد الكاتب تحت هذا العنوان "تعتقد الآن أن الولايات المتحدة منزعجة من كل الدعاية السيئة التي تجنيها من سياسة استخدام الطائرات بدون طيار، وخصوصاً عندما لا يزال يتعرض المدنيين الأبرياء للقتل عن طريق الخطأ. وقد تعتقد أيضاً أن هذه القيادات نفسها تشعر بالقلق إزاء وضع سابق كانوا يستخدمون فيه القوات الخاصة وتكنولوجيا متطورة لقتل الناس في البلدان الأخرى لمجرد أن بعض المعلومات الاستخباراتية أشارت إلى وجود أهداف قد تخطط بالفعل للقيام بشيء في يوم من الأيام السيئة. برغم كل شيء، إذا كانت الولايات المتحدة تستطيع قتل الناس لمجرد الاشتباه في قيام البعض بارتكاب مخالفات، لماذا لا يمكن للدول الأخرى قتل الأمريكيين الذين لديهم سبب للاعتقاد بأنهم يخططون أيضاً للقيام بعمل شنيع؟ لقد ذكر الرئيس أوباما بالفعل أن الولايات المتحدة تسير في طريق الحدّ من اعتمادها على الطائرات بدون طيار، لكن هذا القرار، سيثلج صدر من حضروا حفل زفاف في اليمن تعرض للضرب في أوائل ديسمبر/كانون الأول. إذا كان المدعوين لا يزالون على قيد الحياة بطبيعة الحال. ربما إنهاء سياسة استخدام الطائرات دون طيار موجود على قائمة أعمال أوباما للعام القادم – أكيد بعد أن يغلق معسكر غوانتانامو".
وبعدما شهد العالم المزيد من الكوارث الطبيعة توقع الكاتب أن يتم توقيع اتفاق    بين الدول للتعامل مع المناخ وجاء ذلك في المرتبة الخامسة  تحت عنوان "قيام الدول بالتوقيع على معاهدة عالمية للتعامل مع تغير المناخ".
حيث قال والت "إليك ما لم يحدث في العام الماضي: إعصار مدمر في الفلبين، اختفاء الأنهار الجليدية، ومزيد من التراجع في جليد بحر القطب الشمالي. وما لم يحدث تقدم جدي نحو اتفاق عالمي بشأن التدابير الرامية إلى إبطاء أو وقف تغير المناخ بفعل الإنسان. استمع عن قرب لهذا الصوت؛ إنه صوت الجنس البشري وهم يهيمون على وجوههم بينما ترتفع درجة حرارة الأرض".
أما الحدث السادس فجاء تحت عنوان  "عفو أوباما عن إدوارد سنودن"، وتناول قضية إدوارد سنودن التي اتهم فيها بخرقه للقانون عندما كشف عن تسريبات لوكالة الأمن القومي بشأن الحريات المدنية .
يقول الكاتب: "ليس لدي شك في أن إدوارد سنودن خرق القانون عندما كشف عن تسريبات واسعة لوكالة الأمن القومي بشأن الحريات المدنية. كما أنني لا أشك في أن دوافعه كانت جديرة بالثناء ومواطني الولايات المتحدة أفضل حالا لمعرفة ما تقوم به حكومتهم. لكن هذه التسريبات أدت إلى توتر علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها وربما أدت إلى خطر التضحية "بمصادر وطرق"، ولكن الجاني الحقيقي هو بيروقراطية المخابرات الخارجة عن السيطرة التي لم تتمكن من قول الحقيقة دائما ويبدو أنها افترضت أن عملية جمعها للبيانات ستبقى قيد الكتمان إلى الأبد. وبدلاً من عفو رئاسي (وهو شيء يستحقه سنودن على الأقل بقدر ما حصله عليه آخرون)، أصبح الأميركيون أكثر تدقيقا مع الصحافيين ومروجي الشائعات. مرحبا بكم في الأرض الحرة، طبعة 2013.
وتناول الحدث السابع الذي جاء تحت عنوان  "اشتباك القوات البحرية الصينية واليابانية بالقرب من الجزر المتنازع عليها".
حيث قال والت "لا تزال الصين واليابان على خلاف بشأن جزر دياويو/سينكاكو، ويبدو من المرجح أن تنشأ منافسة كبيرة بين القوتين الآسيويتين لسنوات مقبلة. هناك الكثير من المواد سريعة الالتهاب والأخرى القابلة للاشتعال في هذه المنطقة، ولكن لم تقم أي من الدولتين بالضغط على الزناد في عام 2013. وهذا شيء جيد".
وتناول الحدث الثامن وعود أوباما المتكررة لإجلاء القوات الأميركية عن أفغانستان و التي كبدت الوليات المتحدة الكثير من الخسائر المادية و البشرية، وقد أورد الكاتب هذا الحدث تحت عنوان "المسؤولون الأميركيون: كل القوات الأميركية ستغادر أفغانستان في عام 2014".
والذي زيله الكاتب في تقريره قائلا "بعد أكثر من 10 أعوام من الحرب، انتهت الولايات المتحدة إلى أنه له لا معنى كبير لإنفاق مليارات الدولارات كل عام في محاولة لتحقيق الاستقرار في بلاد يعد الناتج المحلي الإجمالي لها مجرد جزء بسيط من تكاليف هذه الحرب. ولذلك عندما بدأ الرئيس الأفغاني حامد كرزاي تقديم الكثير من المطالب المرهقة في المفاوضات حول وجود طويل الأجل للولايات المتحدة في هذه البقعة الاستراتيجية، يبدو أن المسؤولين الأمريكيين قد أمسكوا القواميس الإنجليزية الأفغانية وعثروا على الجملة الملائمة التي تعني "سأتصل بك لاحقا". ولكن بدلا من ذلك، بدأت الولايات المتحدة تتملق الأفغان للسماح لها برمي أموال سليمة بدلا من المزيفة في البقعة المذكورة".
واحتلت القضية الفلسطينية المرتبة التاسعة في التقرير تحت عنوان  "نتنياهو وعباس يوقعان اتفاقية الوضع النهائي".
وقد علق الكاتب على ذلك قائلا "كرر ورائي: "جميعنا نعرف ما سيبدو عليه اتفاق السلام النهائي". ليس هناك بديل عن حل الدولتين. "إن الولايات المتحدة ملتزمة بحزم للتوصل إلى اتفاق نهائي". نعم، وأنا أعلم، يقول الكاتب، أن جون كيري قام برحلة وجمع الجانبين ليتحدثا مرة أخرى. ولكن ماذا في ذلك؟ لقد انخرط الجانبان في مفاوضات، بدأت وانتهت منذ أوائل التسعينات من القرن الماضي، بوساطة أمريكية، ولايزال الحل القائم على دولتين الذي يعتقد البعض أنه حتمي أبعد من أي وقت مضى. من يراهن أننا سنرى عنواناً يشير إلى هذا الحل في عام 2014؟"
وأخيرا كان استقرار العراق وعودة الأمن و الأمان فيه هو الحدث العاشر الذي ذكره الكاتب في تقريره تحت عنوان   "العراق يتمتع بالاستقرار الجديد".
وقال  الكاتب في تقريره تحت هذا العنوان "كان من اللطيف قراءة عنوان على هذه الشاكلة في عام 2013، لأن العراق عانى لسنوات في عهد صدام حسين، وبعد أن أطاحت الولايات المتحدة به، عصف به صراع داخلي وحشي. للأسف، كان عام 2013 هو الأسوأ منذ عام 2008، حيث لقي أكثر من 7000 مدني حتفهم في أعمال عنف. لقد انتاب الأمريكيين الذهول من تفجير بوسطن، ولكن أحداث مشابهة لهذه المأساة هي وقائع أسبوعية في العراق".
هذه هي القائمة التي وضعها ستيفن والت، ولكنه يشير إلى أنه بالطبع هناك الكثير من الأحداث الأخرى التي لم تحدث. على سبيل المثال، لم تسن الولايات المتحدة تشريعات ذات مغزى للسيطرة على السلاح، وهكذا تعزل نفسها عن الديمقراطيات الصناعية المتقدمة.
ولم يتم تقييد الإنفاق المفرط لوزارة الدفاع الأميركية، وفي الواقع أطلقت آخر ميزانية العنان للبنتاغون. ولم تقلع أي دولة عن الأسلحة النووية أو تخفض ترسانتها الموجودة في العام الماضي بشكل ملحوظ، على الرغم من أن سورية بصدد التخلي عن أسلحتها الكيميائية. وعلى الرغم من أنه كان عاماً سيئاً لأقارب ديكتاتور كوريا الشمالية كيم جونغ أون، لم تقم بيونغ يانغ بقصف أي جزر متنازع عليها أو بإغراق أي سفن لكوريا الجنوبية. وكان أمام أعضاء مجلس الشيوخ جون ماكين وتيد كروز سنة كاملة لقول شيء دقيق ومعقول حول السياسة الخارجية للولايات المتحدة