القاهرة-مصر اليوم
رغم تأثر معظم سكان مصر بالتداعيات السلبية التي أحدثتها جائحة "كورونا"، فإن أجواء العزلة والتباعد الاجتماعي وحظر التنقل في شهر رمضان المميز بطقوسه السنوية الشهيرة في البلاد، ألهمت مواطنين مصريين للمشاركة في مسابقات فنية افتراضية تنظمها بعض المتاحف الأثرية والمؤسسات الثقافية في مصر.
"متحف النسيج المصري" بشارع المعز في قلب القاهرة الفاطمية، كان من بين أبرز المتاحف والمؤسسات الثقافية التي أطلقت مسابقات فنية قبيل نهاية شهر الماضي، إذ أعلن عن تنظيم مسابقة رمضانية للعائلات "أون لاين" عبر شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تحت عنوان "عالم واحد" لكافة فئات المجتمع لإتاحة الفرصة للتّعبير عمّا يمر به العالم جراء جائحة "فيروس كورونا المستجد". وتنقسم المسابقة إلى جزأين... الأول في الرسم واللوحات الإرشادية التي تحمل عبارات تحث المواطنين على الالتزام بالمنازل وإتباع العادات الصحية السليمة للحفاظ على الصحة العامة، فيما خُصص القسم الثاني للتصوير الفوتوغرافي، على أن تركز الأعمال على إبراز ورصد التضامن الإنساني وقيمة الحياة واختلاف أنماطها في ظل الجائحة.
ولاقت المسابقة إقبالًا واسعًا من فئات متنوعة، وفقًا للدكتور أشرف أبو اليزيد مدير عام متحف النسيج المصري، الذي يقول لـ"الشرق الأوسط" إن "أعمار المشاركين الذين أرسلوا أعمالهم تنوعت بين أطفال في عمر 11 عامًا وشباب وكبار السن، وسوف يتم تكريم المشاركين وإقامة معرض للأعمال المشاركة عقب عودة الحياة لطبيعتها وإعادة فتح المتحف للزائرين".
ويحاول المتحف من خلال المسابقة القيام بدوره في المشاركة المجتمعية والتنوير، فقد فرض فيروس كورونا نفسه على كافة تفاصيل الحياة، وهو ما جعلنا نحاول إتاحة الفرصة لجميع الفئات للتعبير عن أنفسهم في أعمال فنية وإبراز قيمة الحياة وجماليات المواجهة الإنسانية مع الأزمة".
في السياق، دشن "قصر السينما" التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة، مسابقة فنية لأفضل سيناريو فيلم روائي قصير، تكون مدته 15 دقيقة يتناول أزمة فيروس كورونا المستجد، وسيتم منح الفائز الأول درع الهيئة العامة لقصور الثقافة وشهادة تقدير ومبلغ مالي قيمته ألف وخمسمائة جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري) ويمنح الفائز بالمركز الثاني شهادة تقدير ومبلغ ألف جنيه، بينما يتسلم الفائز بالمركز الثالث شهادة تقدير ومبلغ خمسمائة جنيه.
وأعادت وزارة الثقافة المصرية افتتاح "قصر السينما" بحي جاردن سيتي الراقي وسط القاهرة" في يونيو (حزيران) من العام الماضي، بعد توقف دام 3 سنوات، من أجل أعمال التطوير والترميم.
وتأتي المسابقة ضمن مبادرة أطلقتها وزارة الثقافة المصرية بعنوان "خليك في البيت... الثقافة بين إيديك" والتي تتضمن العديد من الأنشطة الفنية والثقافية الرقمية التي تبثها الوزارة على قناتها بموقع "يوتيوب"، وأبرزها فوازير "سينما مصر" الرمضانية التي ينتجها قطاع الإنتاج الثقافي وصندوق التنمية الثقافية بالوزارة وتذاع يوميًا خلال شهر رمضان.
وشارك 150 طالبًا من طلاب جامعة أسيوط "صعيد مصر" في مسابقة فنية "أون لاين" نظمتها الجامعة بالتعاون مع "منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية" ضمن مبادرة أطلقها المنتدى بعنوان "إيد واحدة في الأزمات" والتي تتضمن أنشطة ومسابقات فنية متنوعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وعبّر طلاب جامعة أسيوط عن رؤيتهم الفنية لأزمة "كورونا" وتداعياتها من خلال نحو 600 عمل في إطار الأفرع الفنية التي حددتها المسابقة، ومنها فن الكاريكاتير والكوميكس، وقصص مصورة للتلوين "موجهة للأطفال" والتصميم الفني للأشكال والمجسمات والنحت.
وتهدف المسابقة وفقًا لمنظميها إلى التوعية الصحية والاجتماعية الصحيحة للوقاية من الإصابة بفيروس كورونا المستجد وتحجيم انتشاره، والتعريف بروح الوحدة والتماسك المجتمعي في الأزمات، والتشجيع على التكاتف والمبادرة الإيجابية، ومواجهة وصمة الإصابة بالفيروس، والتمييز الموجه لمصابي فيروس كورونا، لتصبح المسابقة والأعمال المشاركة بمثابة رسائل تضامن معهم.
ويعتزم المنتدى نشر الأعمال المشاركة في كتيبات مطبوعة وتوزيعها عقب انتهاء أزمة كورونا وعودة الحياة لطبيعتها، بحسب مينا ملاك منسق البرامج في منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية، والذي يقول لـ"الشرق الأوسط" إن "الأعمال المشاركة تعرضت للعديد من القضايا المتعلقة بفيروس كورونا، وركز الكثير منها على التباعد الاجتماعي الذي نتج عن ذلك، وإبراز التماسك الأسري الذي عززه الحظر والبقاء بالمنازل، كما أبرزت بعض الأعمال حالة التلاحم المجتمعي وتأثيرها على قوة الأفراد وتماسكهم، ودورها في تعزيز قدرة كل فرد على مواجهة خوفه من العدوى وانتشار الفيروس".