القاهرة ـ مصر اليوم
اكتشف علماء مجرى قديماً لنهر النيل بات جافاً حالياً، كان يتدفق بجانب نحو 30 هرماً في مصر القديمة، بينها أهرامات الجيزة، وقد يكون ساعد في عملية نقل المواد اللازمة لإنشاء هذا المجمع الأثري قبل حوالي 4 آلاف سنة.والنهر الذي يبلغ طوله 64 كيلومتراً والمسمى "الأهرامات"، كان مدفوناً لفترة طويلة تحت الأراضي الزراعية ورمال الصحراء، وفق دراسة نشرت الخميس في مجلة "كوميونيكيشنز إيرث آند انفايرنمنت".
فيما قد يفسر وجوده سبب بناء عدد كبير من الأهرامات في منطقة الجيزة التي باتت حالياً جزءاً من الصحراء غرب وادي النيل، قرب العاصمة المصرية القديمة ممفيس.
في هذا الإطار كشف معهد البحوث الفلكية في مصر، الذي ساهم في الدراسة، التفاصيل.
حيث أوضح أن العديد من الأهرامات، التي يرجع تاريخها إلى عصر المملكتين القديمة والوسطى، كان بها جسور مائية تنتهي بمعابد الوادي التي ربما كانت بمثابة موانٍ نهرية على طول الوادي في الماضي.
وأشار إلى أن فرع النيل الرئيسي، الذي كان يقال إنه فرع الأهرامات، لعب دوراً في بناء الآثار، وكان نشطاً في نفس الوقت ويستخدم كممر مائي لنقل العمال ومواد البناء إلى مواقع الأهرامات.
كما أضاف المعهد أن طبيعة جغرافيا وادي النيل في مصر خضعت لعدد من التغيرات البيئية والهيدرولوجية خلال آلاف السنين، مردفاً أنه في أوائل عصر الهولوسين، أي قبل 12 ألف عام قبل الميلاد، تحولت صحراء شمال إفريقيا من صحراء شديدة الجفاف إلى بيئة تشبه السافانا، مع وجود أنظمة أنهار كبيرة وأحواض بحيرات بسبب زيادة مستوى سطح البحر، ما شكل بيئة خصبة وجاذبة للمعيشة والحياة، في حين كان وادي النيل غير جاذب للحياة للبشر بسبب ارتفاع منسوب الأنهار باستمرار.
كذلك أشار إلى أنه بذلك الوقت كان تصريف نهر النيل مرتفعاً، وهو ما يتضح من الترسبات الواسعة للرواسب النهرية الغنية بالمواد العضوية في حوض شرق البحر الأبيض المتوسط، مبياً أنه بالنظر لمنطقة الصحراء الشرقية في مصر، فقد كان معدل هطول الأمطار السنوي كبيراً خلال هذا الوقت، لذا كان لنهر النيل عدة قنوات ثانوية تتفرع عبر السهول الفيضية، مماثلة لتلك التي تحدث عنها المؤرخون الأوائل مثل هيرودوت.
وكشف أنه في منتصف عصر الهولوسين، أي قبل 10 آلاف عام قبل الميلاد، كانت مستنقعات المياه العذبة شائعة داخل سهول فيضان النيل، ما أدى إلى زيادة مواطن السكن على طول الحواف الصحراوية لوادي النيل، وكانت أطراف الصحراء توفر ملاذاً من مياه النيل العالية.
فيما لفت إلى أنه مع نهاية عصر الهولوسين انخفض هطول الأمطار بشكل كبير، وانتهت المرحلة الرطبة في المنطقة تدريجياً، وزاد الجفاف في الصحراء الكبرى، وانتقل المزيد من الناس من الصحراء للإقامة باتجاه وادي النيل واستقروا على طول حافة سهول فيضان النيل.
وتابع المعهد أنه مع بداية عصر المملكة المصرية القديمة، أي حوالي 2686 قبل الميلاد، تم بناء المجمعات الهرمية المبكرة، بما في ذلك هرم زوسر المدرج، على هوامش السهول الفيضية، موضحاً أنه خلال هذا الوقت كان تصريف النيل لا يزال أعلى بكثير من مستواه الحالي وقد مكّن التدفق العالي للنهر، خاصة في الفترات القصيرة الرطبة، من الحفاظ على فروع متعددة، والتي كانت تتعرج عبر السهول الفيضية.
غير أنه أضاف أنه على الرغم من تحول المناظر الطبيعية في سهل فيضان النيل بشكل كبير بسبب تنظيم النهر المرتبط ببناء السد العالي في أسوان في الستينيات، إلا أن هذه المنطقة لا تزال تحتفظ ببعض الآثار المائية الجيومورفولوجية الواضحة لقنوات النهر المهجورة.
ومضى قائلاً إنه منذ بداية العصر الفرعوني، كان نهر النيل بمثابة شريان الحياة في منطقة قاحلة إلى حد كبير، حيث قدم للسكان القوت وعمل كممر مائي رئيسي يسمح بنقل البضائع ومواد البناء ولهذا السبب كانت معظم المدن والآثار الرئيسية تقع على مقربة من ضفاف النيل وفروعه الطرفية.
كما أوضح أنه مع مرور الوقت، هاجر المجرى الرئيسي لنهر النيل جانبياً، وتراكم الطمي على فروعه الطرفية، تاركاً وراءه العديد من المواقع القديمة البعيدة عن مجرى النهر الحالي.
كذلك لفت إلى أنه في الوقت الحالي، تم إخفاء جزء كبير من السطح الأصلي لسهل فيضان النيل القديم، إما عن طريق النشاط البشري أو الطمي العريض والصفائح الرملية ولهذا السبب، فإن الأساليب الفردية، مثل البحث في الأرض عن بقايا فروع النيل السابقة المخفية، أصبحت صعبة وغير مبشرة على نحو متزايد، مؤكداً أنه تم بالفعل إجراء عدد من الدراسات في مصر لتحديد أجزاء من مجرى النيل القديم.
وقال المعهد إن دراسة أخرى أجراها عالمان كبيران حددت جزءاً من قناة نيلية قديمة، عمرها حوالي 5000 عام، قرب مدينة ممفيس القديمة، مضيفاً أنه من خلال ذلك، تم الكشف عن قسم من فرع النيل القديم الجانبي الذي يعود تاريخه إلى العصر الحجري الحديث وعصور ما قبل الأسرات. وعلى ضفة هذا الفرع تأسست مدينة ممفيس، العاصمة الأولى لمصر الموحدة، في أوائل العصور الفرعونية.
كما أردف أنه خلال فترة حكم الأسرات، هاجر الفرع الجانبي للنيل بشكل ملحوظ نحو الشرق، وكشفت دراسة استخدمت بيانات النهر والتصوير المقطعي للمقاومة الكهربائية، عن جزء من فرع نهر النيل القديم، يعود تاريخه إلى عصر الدولة الحديثة، ويقع قرب حافة الصحراء غرب الأقصر جنوب البلاد، وكان من الممكن أن يربط فرع النهر هذا مناطق مهمة وبالتالي لعب دوراً مهماً في المشهد الثقافي لهذه المنطقة.
فيما ختم قائلاً إن الأبحاث الحديثة بالقرب من هضبة الجيزة، أشارت إلى وجود نهر سابق وبيئة شبيهة بالمستنقعات في السهول الفيضية شرق أهرامات الجيزة الثلاثة الكبرى الحالية.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
إعلان مرتقب عن كشف أثري جديد من عهد بناة الأهرامات بمحافظة الفيوم في مصر