لندن ـ سليم كرم
يضم معرض Painters’ Paintings في المتحف الوطني في لندن العديد من أعمال الفنانين، بينهم بول سيزان الذي يعد رساما بامتياز فقد جعلته لوحاته بطلا في الفن الحديث، ويكشف هذا المعرض كيف رأى الفنانون أعماله بحماس، ورسم سيزان لوحة Bather with Outstretched Arm من 1883- 1885 التي تعكس الرغبة لأنه يبدو جسد شاب قوي شبه عار يقف في وضعية السباحة أمام بحيرة، وامتلك هذه اللوحة إدغار ديغا الذي اشتراها من المعرض الأول لسيزان في فولارد غالري عام 1895، وحاليا يملكها الفنان الأميركي الكبير جاسبر جونز، وبيعت لوحات سيزان الأخرى في هذا المعرض بواسطة لوسيان فرويد وهنري ماتيس، وتأثر الفنانان باللوحات شبة العارية التي قدمها سيزان وقدموا أمثالها مثل لوحة Three Bathers، وتشهد غرف هذا المعرض ما يمكن وصفه بكونه محادثة بين عظماء الفن.
وحصل المتحف الوطني على لوحة Degas La Coiffure من مجموعة ماتيس التي اشتراها عام 1918 وباعها للمتحف من نجله التاجر "بيير" عام 1936، وكان ماتيس جامعا رائعا للوحات وكان لديه بورتريه رائع "young Tahitian "، وهناك لوحتان من أعمال بيكاسو تعبران عن زمن الحرب والإرهاب في أوروبا ممثلا في هتلر، وكان ديغا جامعا للوحات أكثر حماسا فقد كان يشتري اللوحات لدعم أصدقائه وزملائه الانطباعيين، وللبحث عن أسلوبه الخاص أو ببساطة لتكريم الأبطال، وتحتل مجموعته غرفتين في المعرض، وبذل جهدا كبيرا لشراء تحفة الفنان "مانيه" (The Execution of Maximilian) لكنها كانت مكسورة وفي حالة مدمرة، ولا يتيح المعرض رؤية هذه اللوحات بتذاكر مجانية فقط، لكنه يحصل على استعارات ذات جودة عالية من أعمال سيزان وبورتريه ماتيس الذاتي من متحف دورسيه.
ووجد القيّمون على المعرض طريقه بسيطة لتغيير طريقة العرض في جناح سينسبري من خلال الرجوع بالوقت إلى الوراء، فيبدأ المعرض مع فرويد ويذهب عكس اتجاه عقارب الساعة إلى الماضي حتى الوصول إلى العصر الفيكتوري، فقد قدم فنانو هذا العصر أعمالا عظيمة انتهى بها المطاف في المتحف الوطني، وفي المعرض يمكنك مشاهدة صور النهضة للفنان واتس، ولا يزال بعض الناس يسمعون عن بورتريه توماس لورانس فقد جسد اندفاع وحوض البحر والحوريات في جدارية كبيرة لقصر فارنيزي في روما، ويمكن القول إن امتلاك لوحات فنية عظيمة لا يجعلك فنانا؛ فالفنان غوشوا رينولدز يمتلك لوحات رائعة لرامبرانت وبيليني ومايكل أنغلو، لكن فنه الخاص ليش مثيرا حقا بما فيه الكفاية.
ويوجد في المعرض أعمال لفان دايك مثل بورتريه توماس كيلغرو ووليا ولورد كروفتس، الذي يجسد رجلات مثقفان يجلسان بين رسوم كلاسيكية معمارية جميلة، ويريد كروفتس التحدث عن أشياء نيبلة لكن كيلغرو يحدق نحو المشاهد بشكل بائس، ورُسم هذا البروتريه بعد أن فقد الفنان زوجته وأصابه الحزن، ويجسد هذا المعرض سلسلة من الإلهام تمثل محادثة فنية عبر الزمن لكنها تنتهي بالشعور بعدم جدوى الفن بعد ما فقده كيلغرو وهي نهاية خطيرة لهذا المعرض الممتع.