الجزائر - مصر اليوم
نُوقشت في قسم اللّغة العربيّة في جامعة محمد بوضياف المسيلة في الجزائر، رسالة الماجستير للباحثة سهيلة بلعريبي، بعنوان "شعريّة المكان في المجموعة القصصيّة حدث ذات جدار لسناء الشعلان"، وتكّونت لجنة المناقشة التي أجازت الرّسالة بدرجة امتياز من الدكتور مفتاح مخلوف مشرفًا، وعضويّة الدكتور محمد زعيتري، والدكتور عبد القادر العربيّ، والدكتور خليفة عوشاش.
وكشفت الباحثة سهيلة بلعريبي في بداية حديثها عن سبب اختيارها لموضوع هذه الرّسالة الأكاديميّة، قائلة "لقد وقّع اختياري على المجموعة القصصية "حدث ذات جدار" لأنها تحكي عن الواقع الفلسطيني وما يعانيه من احتلال إسرائيلي، فمن خلال هذه المجموعة القصصية فتحت سناء الشعلان الوجع والصمود الفلسطيني، ودونته سرديًا وفضحت عنصرية العالم إزاء سكوته عن "جدار الفصل العنصري"، معرية انهزام وكذب النظام العربي الرسمي الذي ترك فلسطين والفلسطيني يخوض غمار شقائه وصموده وحيدًا".
وأضافت "نعم بأسلوب وصوت مختلف عن القضية قدمت الأديبة سناء الشعلان لمجموعتها القصصية الجديدة "حدث ذات جدار" واستطاعت أن تجعل من عتبة العنوان دالة فاعلة متعددة المعاني في جميع القصص، حاضرة بذاتها مباشرة من خلال الأحاسيس". وتابعت "لذا ارتأيت أن يكون عنوان بحثي "شعرية المكان في المجموعة القصصية حدث ذات جدار" وما دفعني إلى اختيار هذا الموضوع أولا وقبل كل شيء تعلقي بكتابات الأديبة والقاصة سناء الشعلان، ثم تأثري بالقضية الفلسطينية وما يعانيه هذا الوطن من ويلات الاحتلال الإسرائيلي. لذا اخترت اسمًا نال شهرة أدبية في مجال التأليف القصصي ألا وهي الأديبة والقاصة سناء الشعلان".
وطرح البحث مجموعة من التساؤلات شكلت إشكالية البحث: فماذا يمثل المكان في فلسفة وفكر سناء الشعلان؟ كيف صورت سناء الشعلان المكان أو الفضاء في مجموعتها القصصية؟، وتكوّنت الرّسالة من مقدمة، ومدخل حول مفهوم القصة، وفصل أول تطرقت الباحثة فيه إلى مفاهيم المكان والفضاء والحيز والشعرية، وفصل تطبيقي درست فيه إحاطة بالمجموعة القصصية، ثم درست الأماكن المغلقة والأماكن المفتوحة ثم تطرقت إلى أهم الأبعاد والدلالات المكانية في المجموعة القصصية "حدث ذات جدار" ثم ملحق تطرقت فيه إلى حياة القاصة ثم خاتمة وقائمة المصادر والمراجع.
واتّبعت الباحثة في رسالتها المنهج الوصفي والتاريخي والاجتماعي والنفسي معتمدة مجموعة من المصادر والمراجع المهمّة في هذا السّياق. وخلصت الباحثة في رسالتها إلى أنّ الأديبة الأردنيّة الدكتورة سناء الشعلان عالجت في "حدث ذات جدار" قضايا سياسية واجتماعية، متعلقة بالقضية الفلسطينية عمومًا وجدار الفصل العنصري خصوصًا، حيث أنها صورت واقع الأحداث التي يعاني منها الفلسطينيون بسبب الجدار الفاصل، مما أدى إلى تدهور الأوضاع في جميع مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية، وكان الهدف الذي تسمو إليه القاصة هو إحياء الضمير العربي من أجل إنقاذ فلسطين من أيادي الإسرائيليين.
وأكدت الباحثة أن المكان هو من أهم العناصر التي تشكل شعرية العمل القصصي أو الروائي، إذ أن المكان الجغرافي يبني لغة لتشكل النص عبر الجمالية المكانية، ويبرز تعامل القاصة مع العنصر المكاني وجوانب رؤيتها له، والأهداف المتوخاة من ذلك، وإذا ما تصفحنا أعمال القاصة سناء الشعلان وجدنا أنها ارتبطت كثيرًا بالمكان الذي تكتب عنه "فلسطين" فشدت إليه وكتبت فيه، بالرغم من أن المكان بعيد عنها جغرافيًا إلا أنه قريب منها روحيًا ونفسيًا بل يعيش في كيانها ووجدانها ولا غرابة أن القاصة سناء الشعلان من خلال مجموعتها القصصية "حدث ذات جدار" ومن خلال أعمالها الأخرى تدافع عن قضايا الإنسان في أي مكان وتناضل من أجل الحرية بكل ما في الكلمة من معنى، وهذا كان سببًا في تشابك الأمكنة وتعددها في المجموعة القصصية.
وأوضحت سهيلة بلعريبي أنه لم يعد حديثها مقتصرًا على وطنها فحسب بل تعداه إلى أماكن أوطان أخرى وكانت بذلك قدمت إنجازا ضخمًا تمثل في وعيها بزمانها ومكانها وإنسانيتها. وأضافت "لذلك كان اهتمامي منصبًا على" شعرية المكان في المجموعة القصصية حدث ذات جدار" حيث أن الأديبة وظفت الأمكنة وفضاءاتها بشتى أنماطها ولعل أبرزها فلسطين وجدار الفصل العنصري، لقد أضافا هذين المكانين بعدًا جماليًا وشعريًا للمجموعة القصصية".
واستطردت "هذا المكان ودلالته لم يكن عنصرًا وبل كان عنصرًا محوريًا، وعبرت عنه "سناء الشعلان "من خلال الواقع الفلسطيني وهو في أشد مراحله خطورة وعن المعاناة المؤلمة التي يعاني منها الفلسطينيون، وعلى العموم فإن سناء الشعلان متأثرة بالقضية الفلسطينية عامة وبجرائم جدار الفصل العنصري خاصة، وهو ما أدى بها إلى التفاعل مع ما أصاب الوطن وهو ما تجلى في كتاباتها.
وكانت "حدث ذات جدار" هي مجموعة قصصيّة صادرة عن دار أمواج الأردنيّة للنّشر والتّوزيع لتكون القصة الخامسة عشر في سلسلة إصدارات الشّعلان في فنّ القصّة القصيرة، وهي تقع في128 صفحة من القطع الصّغير، وتتكوّن من ثلاث عشرة قصّة قصيرة، تحمل على التّوالي العناوين التّالية "المقبرة، حالة أمومة، الصّديق السّريّ، شمس ومطر على جدار واحد، من أطفأ الشمعة الأخيرة، عندما لا يأتي العيد، وادي الصّراخ، الغروب لا يأتي سرّاً، سلالة النّور، ما قاله الجدار، البوصلة والأظافر وأفول المطر، خرّافيّة أبو عرب.
وتُعدّ المجموعة القصصيّة هي الثانيّة التي ترصدها الشّعلان بشكل كامل للكتابة عن القضية الفلسطينيّة لاسيما في خضمّ التّصعيد الذي تشهده القضيّة في مواجهة الهجمات الإسرائيلية الشّرسة ضد الهوية الفلسطينيّة وشعبها الصّامد، وهي تقوم على وحدة الموضوع إذ إنّها تدور حول سمتين اثنتين لا ثالث لهما، السمة الأولى المعقودة تحت عنوان "قريبًا من الجدار" تدور قصص المجموعة حول معاناة الإنسان الفلسطينيّ وصموده في مواجهة جدار العزل العنصريّ الذي بناه الكيان الإسرائيلي في الضّفة الغربيّة من فلسطين المحتلّة قرب الخطّ الأخضر؛ لمنع دخول الفلسطينيين سكّان الضّفة الغربيّة إلى الكيان الإسرائيلي أو إلى المستعمرات الإسرائيلية القريبة من الخط ّالأخضر. ويتشكّل هذا الحاجز من سياجات وطرق دوريّات، أو من أسوار إسمنتيّة بدل السّياجات في المناطق المأهولة بكثافة مثل منطقة المثلّث أو منطقة القدس.