الرياض - مصر اليوم
أشاد نقاد ومواطنون سعوديون بفعاليات "مهرجان الكوميديا الدولي" الذي اختتمت دورته الثانية، الأربعاء الماضي، على مسرح "المفتاحة" في مدينة "أبها"، وأكدوا أنه نجح في أن يوجد لنفسه مكانة متقدمة بين المهرجانات الدولية على الرغم من حداثة تجربته، ومن كونه يحمل الهوية السعودية.. مشيرين إلى أنه وعلى الرغم من بعض الشائعات السلبية التي لاحقته نجح في أن يكون منصة متميزة ومتخصصة في فن الكوميديا، كما نجح في اكتشاف وتبني المواهب الشابة المرتبطة بهذا المجال.
وكان المهرجان قد عُقد على مدار أسبوع كامل خلال الفترة من 16 إلى 22 شوال 1437هـ، الموافق 21 إلى 27 يوليو 2016م، بالتعاون بين مجلس التنمية السياحي بمنطقة عسير ومؤسسة "رواد ميديا" متضمنًا مجموعة كبيرة من الفعاليات التي استهدفت كبار نجوم الكوميديا، وأولى اهتمامًا خاصًا بالكوميديا النسائية، وفن الكاريكاتير، إضافة إلى فعالية "ستاند آب كوميدي".. وشهدت هذه الفعاليات حضورًا مكثفًا من جانب الجمهور السعودي والمقيمين تجاوز أزيد من 15 ألف زائر وزائرة من مختلف الأعمار.
ترويج سياحي
إلى ذلك، اعتبر ماجد عسيري، أحد سكان أبها أنه حرص على متابعة فعاليات المهرجان يوميًا، موضحًا أن الفكرة بحد ذاتها جديدة بالتشجيع، كما أكد أن اختيار مدينة أبها عقد المهرجان جاء موفقًا، باعتبارها من المقاصد السياحية المهمة في المملكة، وهذا يعكس أهمية الفن في الترويج لمثل هذه المقاصد.
مراعاة قيم المجتمع
بينما وصفت سارة خطاب، طالبة في جامعة "عفت"، فعاليات المهرجان بالثرية والمتنوعة، موضحة أنها حرصت على متابعة مسرحية "ظل حيطة" النسائية، وكذا الأيام الأخيرة لمعرض "فن الكاريكاتير" والتي كانت مخصصة للحضور النسائي فقط، وأكدت أن ما روَّجه البعض عن وجود اختلاط ضمن فعاليات المهرجان لا أساس له من الصحة، فقد كان هناك حرص واضح من الجهة المنظِّمة على مراعاة قيم المجتمع وهويته فيما يخص فصل النساء عن الرجال في المدرجات، وتم تخصيص فعاليات للنساء بعيدًا عن تلك المخصصة للرجال.
تبني المواهب الشابة
أما سامي الشهراني، فلفت إلى أهمية المهرجان في تبني المواهب الشابة، مشيرًا إلى أن المواهب السعودية في شتى المجالات خاصة المرتبطة بالفن عانت طويلاً من الإهمال، ومن ثم يعتبر هذا المهرجان خطوة مفصلية رائدة في تحديد مستقبلهم وتبني مواهبهم.
قطع طريق المخاوف
في السياق ذاته، اعتبر عبدالرحمن البيشي، موظف، أن المهرجان خطوة مهمة في الاستراتيجية التنموية 2030 التي أعلنت عنها المملكة أخيرًا، والتي أكدت بلا مواربة أن الترفيه والبسمة والإبداع من الحقوق الأساسية للمواطن، والتي لا يمكن التنازل عنها، مشيرًا إلى أن المهرجان نجح أيضًا في قطع الطريق على مخاوف البعض من خلال تقديم أعمال من واقع المجتمع السعودي، وتتناغم مع قيمه وأصوله الراسخة.
المعادلة الصعبة
بينما أكد محمد الشوقبي، أن الفن في المملكة محاصر دومًا بالمحاذير والخطوط الحمراء، إلا أن القائمين على المهرجان نجحوا في تحقيق المعادلة الصعبة، بتجاوز هذه المحاذير من جهة، وتقديم فن يحمل مضامين وقيم هادفة، على الرغم من صعوبة تقديم هذه المضامين من خلال الأعمال الكوميدية، لكن هذا ما تحقق بالفعل من خلال العروض المسرحية التي تضمنها المهرجان، فعلى سبيل المثال تم تسليط الضوء على قضية العنوسة من خلال المسرحية النسائية "ظل حيطة"، وكذلك السلوكيات السلبية التي يلجأ إليها البعض كما في مسرحية "أنا وهو وهو".
معرض الكاريكاتير
وهو ما تشير إليه أيضًا أريج السهيمي، طالبة فنون جميلة، موضحة أنها استفادت كثيرًا من فعاليات المهرجان خاصة المرتبطة بـ"فن الكاريكاتير"، مشيرة أنها حلت ضيفة دائمة على المهرجان خلال الأيام الثلاث الأخيرة، وهي التي تم تخصيصها للحضور النسائي في معرض الكاريكاتير، معربة عن أملها أن تتاح فعاليات أكثر للمرأة في الدورات المقبلة للمهرجان.
مرحلة جديدة
إلى ذلك، اعتبر الناقد والكاتب الساخر محمد السحيمي، أن المهرجان وعلى الرغم من حداثته، عكس صورة متقدمة عن الخبرات السعودية في تنظيم مثل هذه الفعاليات، موضحًا أن مدير المهرجان المخرج ممدوح سالم والفريق المعاون له في تنظيم المهرجان نجحوا في الظهور به بصورة مشرفة تليق بمكانة المملكة في عهدها الجديد، وأعطت انعكاسًا إيجابيًا لرؤيتها المستقبلية 2030.. ومن ثم نجحوا في جعله بالفعل منصة سعودية رائدة في صناعة الكوميديا.
وعلى المستوى الفني، أكد أن المهرجان تضمن وجبة دسمة متكاملة العناصر، والتي نجحت كلها في التعبير عن قضايا يعاني منها المواطن السعودي والخليجي والعربي عامة، مثل قضية العنوسة التي ناقشتها المسرحية النسائية "ظل حيطة"، وفي الوقت ذاتها تقديمها بأداء كوميدي مشوق يجذب المشاهد، ولا يصيبه بالممل.
كما أشاد باهتمام المهرجان بفن الكاريكاتير، وبالمواهب الشابة سواء في مجال الأداء المسرحي، أو الكتابة الكوميدية، وكذا في مجال فن الكاريكاتير، وأيضًا في عروض "ستاند آب كوميدي"، معتبرًا ذلك النجاح الأبرز على مستوى المهرجان، وهو ضخ دماء جديدة في منظومة الإبداع السعودي.
رسائل إيجابية
بدوره، أكد الناقد صالح العرياني، أن المهرجان نجح في إيصال عدة رسائل إيجابية، منها إظهار ما تتمتع به المملكة من أمان في مختلف ربوع المملكة، وكذا لفت الأنظار إلى العديد من المقاصد السياحية المهمة مثل مدينة أبها إحدى مدن جنوب غرب المملكة، ودرة المصايف بها.
وأضاف أن المهرجان جاء أيضًا انعكاس لرؤية المملكة 2030 التي رسخت أحقية المواطن في الإبداع والترفية وصقل المواهب في شتى المجالات، موضحًا ان المهرجان كان خطوة مهمة في وضع عديد من المواهب الشابة على بداية الطريق الصحيح.
كما أشار إلى رسالة أخرى تضمنها المهرجان خاصة لمن استبقوه بإشاعة وجود اختلاط ضمن فعالياته، بالتأكيد على أن القائمين على المهرجان لا يقلون عناية وحرصًا عن قيم المجتمع السعودي وعاداته وأخلاقياته من غيرهم، وهذا ما بدا واضحًا من خلال تخصيص فعاليات منفصلة لكل من الرجال والنساء دونما اختلاط.
ونوه إلى أنه وعلى الرغم من استعانة المهرجان بعديد من النجوم العرب في فعالياته إلا أن النسبة الأكبر كانت من نصيب نجوم وشباب المملكة، والذين أظهروا أداءً على قدر كبير من الإبداع والتميز، وأثبتوا أن المملكة غنية بالكوادر الفنية والمواهب الشابة، وكانت تنتظر مثل هذا المهرجان لتعبر عن نفسها.
وفي الأخير، أشاد بالجهة المنظمة للمهرجان وبفريق العلاقات العامة والإعلام، مشيرًا إلى أنهم جميعًا نجحوا في إظهار المهرجان وكأنه مهرجان عالمي عريق، وليس مهرجان يبدأ خطواته الأولى، وتنبأ بأن يتحول المهرجان في غضون سنوات قليلة إلى قبلة عالمية لكل المعنيين بصناعة الكوميديا في العالم أجمع.